أ. د. حمزة الطيار


الرُّؤى والمتشهُّون

>التشهّي في مجالات تطبيق الرؤى، وذلك بإقحامها في الأحكام الشرعية، والسياسة بين الراعي والرعية، وهذه أمورٌ لا تعمل فيها الرؤى؛ لأن الأحكام الشرعية والشؤون السياسية مستندةٌ إلى أحكامٍ شرعيةٍ وأنظمةٍ مرعيّة، وهي مستغنيةٌ عن أن ترفدها الرؤى بشيء من الأحكام، بل لا يسوغ بناء شيء منها على رؤيا منامية أصلاً.. ...

حراسة القلب

>ممن يجب استبعاده عن حمى القلب المفسد، الذي يسعى في قطع صلة يحب الله وصلها، سواء كانت عامة أو خاصة، فالعامة كالبيعة وميثاق الطاعة لولي الأمر، واللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية، والخاصة كالعلاقة بين الإنسان ووالديه، وأرحامه، وعلاقة الزوجين، والألفة بين الزملاء والشركاء والجيران، فيجب على الإنسان أن يحذر مم...

تَذكُّرُ النِّعم

>المدمن على تذكُّر نعمةِ اللهِ تعالى آتٍ باباً من أبواب الظفر بالمطلوب، والنجاة من المحذور، فهو إذا رأى نعمةَ الله تعالى على غيره ولم يتسخط على حالِه هو، بل استحضر أنه واهب فلانٍ هذه النعمة هو ربّي، ولستُ محجوباً عن بابه، فَسَأَلَهُ كان حريّا أن يستجيب له.. الإنسان مُحاطٌ بما لا يكاد يُحصيه من نعم ال...

ما كل ممكن يسوغ

>المطلوب من الإنسانِ أن يقول بلسانِ حاله إذا عرض له ما لا يسوغ له فعله: هذا ميسورٌ فعلُه لو أردت، لكن الشرع ينهاني عنه، أو النظام لا يسمح لي به، والعرف لا يستحسنه منّي، وإذا كان هذا الذي عرض له مما لا يُطيقه لقصورٍ في إمكانيّاته الشخصيةِ يقول: لو أمكنني هذا ما فعلته؛ لأنه غير مسموح به.. لا يُفرّق كثير...

المركب الآمن

>هناك مركبٌ آمنٌ يحضّنا الكتاب العزيز والسنةُ المطهّرة على التزامه، وعدم الخروج منه، ألا وهو مركبُ الجماعةِ، وقد قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)، والاجتماع المأمور به يجب أن يكون خلف وليِّ الأمر الحاكمِ، وأي تجمّعٍ موهوم حصل خارج دائرة طاعته، فهو تفريقٌ شنيعٌ وشذوذٌ مذ...

تشهي التخطئة

>من البلوى أن يُصاب الإنسان بمتلازمة تشهّي التَّخطئة، فيشغل أوقاته بتتبُّع الآخرين والتفتيش عن أحوالهم، لعله يجد ما يجعله مبرِّراً لتخطئة فلانٍ، وإذا لم يجد شيئاً افتعل من عنده ما يجعله ذريعة للنّيل ممن يريد نسبته إلى الخطأ.. لا غبار على أن الإنسان ينبغي أن يكون كالمِرْآةِ لأخيه، بحيث يُطلعه على محاسنه؛...

تنقية الضَّمير

>من الواجب نقاء الضمير لأئمة المسلمين وعامتهم، وذلك بأن يوطن الإنسان نفسه ويعقد قلبه على أن لا ينطوي لهم على غشٍّ ولا غلٍّ، وأن لا يُبيّتَ ما يعودُ على غيره بالضرر، وهذا حقٌّ عامٌّ وخاصٌّ لا يسوغ الإخلال به، وهو من صميم الديانة للإنسان أدواتُ كسبٍ يكسب بها ما ينعكس عليه في معاشه ومعاده، فله ما كسب، وعلي...

في الفرصة بقية

>ها هي العشر الأواخر من رمضان قد دخلت، وقد ذكر العلماء أن هذه الليالي أفضل ليالي العام، ومن سنّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان، فعَنْ عَائِشةَ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَ...

الحرص على روافد المعرفة

>الأنظمة رافد معرفيٌّ يضمن لكل فرد حمايةَ حقوقه من أن تعبث بها أيدي الاعتداء، فعلى الجميع الاستفادة من هذا الرافد، والخطوة الأولى من تلك الاستفادة أن يعرف الإنسان ما يكفله له النظام من الحقوق، وما يوجب عليه للآخرين من الالتزامات، وذلك في كل معاملة ينخرط فيها، وإذا عرف ما له وما عليه انطلق مُقيداً بالنّظامِ...

المضيُّ قُدُماً

>المضيُّ قُدُماً لا يختصُّ بإنجازات الإنسانِ في أموره الشخصيّة، بل من صميمه الإسهامُ في تقدُّم الوطنِ بكلِّ ما تيسّر من جهد، وهذا الإسهام له وسائلُ عامّةٌ وخاصّة، أما الوسائلُ العامّة فوحدةُ الصّفّ؛ واجتماعُ الكلمة، والالتفاف حول القيادةِ، والابتعاد التّامُّ عن كلِّ يؤثّر سلباً على المسيرةِ الوطنيّة الميمو...

رمضان ومدرسته

>الصوم مدرسةٌ لروح الاجتماعِ والألفة والمحبّة، فالمسلمونَ يَشْرعون في الصيامِ بوحدة أهل كل دولة في حكم ثبوت الشهر، بقرار رسميٍّ يظهر فيه اعتناء الشرع بالوحدة واجتماع الكلمة، وشمول مظلة السلطة لجميع شؤون الناسِ.. خلق الله تعالى الثقلين ليعبدوه؛ وهو غنيٌّ عنهم وعن عبادتهم له، وإنما المنفعة في ذلك راجعةٌ...

يوم التأسيس الميمون

>الاحتفاء بيوم التأسيس عنوان للوفاء ببعض حقوق قياداتنا المباركة، من يوم التأسيس إلى يومنا هذا، فبفضل الله تعالى ثم بجهودهم كانت هذه الدولة واحة أمنٍ ورفعةٍ، فمن مقابلة الإحسان بالإحسان الحفاوة بهم، وبإنجازاتهم التي حققوها بشموخ لا يعرف الاستكانة، وطموح لا يلين للمصاعب.. إن من مظاهر القوة اعتزازَ الأمة...

حراسة النفس

>لا يستهين العقلاء بمحاسن الشّيم وموروثات القِيَم؛ لتقرُّرِ حسنها في الفِطر السليمةِ، وإنما شأنُ العقلاءِ أنَّ من سمت به همّته إلى كمال المروءة وتمام الحشمةِ لم يقصِّر في ذلك، ومن توانى عن بعض ذلك اعترف لأهل الفضل بفضلهم، وأظهر لهم ما يليق بهم من الإجلال والاحترام، ولا يجمع بين تفويت المعالي والتزهيد فيها ...

قاعدة: الأصل براءة الذمة

>الذمّة لا تعمر بالدعوى المجردة عن دليلٍ معتبرٍ، وأما المعقول فلا يخفى أن الناس لا يخلون من التدافع في الحقوق، وكثيرٌ منهم لو وجد سبيلاً إلى ما بأيدي الآخرين لأخذه، فلو كفى مجرد الدعوى لعمارة ذمم الناس لهان على هؤلاء أن يدعوا ما شاؤوا، وعلى من أرادوا، فاحتيط لهذا بجعل الذمة محميَّة من العمارة ما لم يثبت ال...

خطورة الاستهانة بالقليل

>العناية بالقليل من الخير لا تعني الاقتصارَ عليه، بل تُعينُ على الإكثار المحمود وتدرِّب عليه، وقد قالت العرب: (التمرة إلى التمرة تمرٌ، والذَّوْدُ إلى الذَّوْدِ إبلٌ)، ومن عجز عن القليل فهو عن الكثير أعجز، وصدق من قال: ومتى تفعلُ الكثيرَ من الخيْـــــــــــرِ إِذَا كُنْتَ تَارِكًا لِأَقَلِّهْ.. الأعمال...

ندوة الإرجاف

>لم تزل ألسنة المرجفين معاولَ هدّامةً، وأسلحةً فتّاكةً، وقد تضاعفت خطورتُها في عصرنا هذا؛ لسهولةِ ضخِّ الإرجافات، وطيرانِ الكلمة عبر الآفاق من خلال وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، هذا إلى جانب أن وقود الحسد صار يدفع المرجفين إلى مضاعفة شرورهم، ولا يخفى عليهم ما منَّ اللهُ تعالى به على بلادنا المبا...

المعتدي على الآخرين

>التنمُّر سلوكٌ غيرُ حضاريٍّ، وقد جاء الشرعُ الحنيفُ بتحريمه، ونصوصه المتكاثرة واضحة في التحذير منه؛ ولأجل خطورته منع الشرع الـحَوْمَ حوله أصلاً، كما هو مقتضى قاعدته في سدِّ الذرائع المفضية إلى المفاسد، فلا يحق لفردٍ من الناس أن يلحق بالآخر شيئاً من الأذى اللفظيِّ.. أراد اللهُ تعالى للناسِ أن يتعايشوا...

ما ينفع لا ما يُعجب

>أنعم الله تعالى علينا في هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعوديّة بقيادةٍ رشيدةٍ قويةٍ أمينةٍ، تنظّم شؤوننا بواسطة أنظمةٍ واضحةٍ منضبطةٍ، تُنصف المواطن، وتضمن له أمنه في دينه ونفسه وسائر ضرورياته وحاجيّاته وكمالاته، فلا يخاف من هضمِ مجحِفٍ، ولا ظلمِ متعسّفٍ، ولا شك أن هذه الأنظمة نفعٌ خالصٌ لنا، فعلى...

أحسن إلى نفسك

>من الإحسانِ أن يُتقن الإنسانُ ما عمله من علمٍ يكتبه أو يدرّسه، أو صناعةٍ يصنعها، أو وظيفةٍ يتولّاها، فكلُّ هذا مطلوبٌ منه أن يجوّده، وإذا فعل ذلك أحسنَ إلى المجتمع وإلى البشريّة، وأحسنَ إلى نفسه بإبراء ذمته من مسؤولية التقصير، وبما يُرجى له من حسنِ الذكر ودعاء الناس له.. الإحسان محمدةٌ عظيمةٌ، وهو مفهو...

حلاوةُ ولاةِ الأمر

>منَّ الله تعالى علينا في بلدنا المبارك المملكة العربيّة السعوديّة بقيادتنا الرشيدةِ، التي كانت جهودُها برداً وسلاماً على العباد والبلادِ، ولا يخفى على العارف بأحوال الأزمنة السابقة ما عاناه أسلافنا من العنت والعسر وقلة الأمن قبل أن يتوحد هذا الوطن على يد المغفور له الملك عبد العزيز -طيبَ الله ثراه-، وقد ت...

قطار الرياض

>مثل هذا القطار سمةٌ بارزةٌ للمدن الكبرى، ويليق بالرياض؛ نظراً لحجمها وأهميتها ومستقبلها المشرقِ -إن شاء الله تعالى-، ومن شأنه أن يحل إشكالات الزحام الذي أضحى ظاهرة تؤرق سكان مدينة الرياض، وأن يُضفي عليها طابعاً حضريّاً مميزاً، لا سيّما مع ما تنتظره البلادُ من استضافةِ مناسباتٍ عالميةٍ مهمةٍ، من أهمِّها اس...

الرشوة

>ومن أمثلة ذلك أن يقوم مسؤول الجهة الحكومية باستغلال نفوذه الوظيفي والإضرار بالغير -ممن كفل النظام حمايتهم- وذلك لصالح جهةٍ أخرى أهليةٍ، أو لصالح بعض منسوبيها على أن يستفيد ذلك المسؤول الحكومي، أو تستفيد جهته من خدمات الجهة الأهلية.. من طبيعة الإنسانِ أن يكون مهتمّاً بالوصول إلى مآربه الماديّة والمعنو...

إساءة استعمال السلطة

>إن إساءة استعمال السلطة تقع من الفاسد إما لتحقيق مصلحةٍ ذاتيةٍ على حساب المصالح العامّة، أو لتصفية حسابات شخصيةٍ يوجبُ عليه النظامُ التساميَ عن الانشغال بها، وهذه جريمةٌ بشعةٌ تجرَّد فاعلها من الأمانة والشهامة والمروءة، وأسوأ ما فيها أن الـمُقدِمَ عليها لا تلجئه إليه ضرورةٌ، ولا حاجةٌ قريبةٌ من الضرورة، ب...

الشائعات ضد المملكة

>لا عجب من افتضاح الذين يبتلعون طُعم الإشاعات، ويظنون أنهم تشفوا من المملكة السعودية بواسطة نشرها، فمن أحب السُّوء لغيره أصابه جنس ذلك السّوءِ، فمن تمنّى هتك حرمات الناسِ عوقب بانهتاك حرمته، وقد يبتلى بالسعي في هتك حرمة نفسه، وقد قال تعالى: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ)، ودائماً نست...

الإعراض عن الميسور

>من الخطأ إعراض الإنسان عن الميسور في شؤونه، فمن الخطأ أن يعامل الناس هكذا، فيتجاهل جهود من بذل الميسور، ولا يعذره فيما عذره الله فيه، فيقلّل من شأن هذا ويسخر من ذاك؛ لأنهما لم يُنجِزا ما يرى أنّه الإنجاز المنشود.. لا بدَّ للإنسان من سعيٍ حثيثٍ في أمر معاده ومعاشه، وتقتضي الطبيعة البشريّةُ أن يكون الكس...

أهميّة التعقّل

>من أهمِّ أدواتِ العدّة صقلُ العقل بالتَّجارب التي يمرُّ بها الإنسانُ في حياته، ففي التّجارب للعقل مَدَدٌ لا يُستهان به، ودروس الحياة تُملي علينا الكثيرَ من التّجارب، فاللّبيب من يستوعبها ويتذكّر المنعطفاتِ التي تعثّر فيها؛ ليتجنبها لاحقاً أو ليسير فيها بصورةٍ آمنةٍ، ويتذكر الطرق المثلى التي أدَّت به إلى م...

التعاطي مع الواقع

>من التعاطي السلبيّ مع الواقع التنصّل من المسؤولية والتسبب في الإشكال، فبعض الناس يكون مهملاً في بذل الأسباب، فإذا رأى النتيجة الطبيعيّة لتقاعسه، تنصّل من تحمل مسؤولياته تجاه نفسه، والتمس أعذاراً من هناك وهناك ليلقي عليها اللومَ في ذلك، ولا شك أن في ذلك مجاملةً لمشاعره قد يخدع به نفسه، لكنه يحرمه من التركي...

رهاب الإحراج

>مما يوقع فيه رهاب الإحراج أن يتهرب الإنسان من شيء مما يراه حرجاً، فيقع في مخالفة النظام، وهذا كَمَنْ تُستغلُّ منه العاطفة، فيُطلبُ منه شيءٌ ممنوعٌ نظاماً، فيبذله دفعاً للحرجِ، فيضع نفسه في دائرة الحرج الحقيقيِّ.. من الخصال المركوزة في الفطر السليمة استحسان التصرّفات اللائقة، واستهجان الأفعال الشائنة، و...

المعلومة بين الحقيقة والوهم

>دولتنا -وفقها الله تعالى- لم تقصِّر في حراسة حقائقها، وحماية المجتمع من الأضرار الناتجة عن اتباع الوهم فيها، كما أنَّ هناك من يُسهم في هذه الحراسة بنشر المعلوماتِ الموثوقة، وهم جماعة من الغيورين على الوطنِ من أهل الاختصاصات المتنوّعة، وكلٌّ منهم عمدةٌ في تخصّصه، فلا ينبغي لمن أنعم اللهُ تعالى عليه بهذه ال...

احترام النظام

>النظام ضرورة حضاريةٌ، وما زال الناس تتجدد لهم الحاجةُ إلى تطويره، وكلَّما زادت أهمية الدولة وقوتها ازدادت حاجتها إلى تحديث الأنظمة؛ لتكون مواكبة لدورة الحضارة، وملائمة لحياة الناس، وضامنةً للمجتمع العيشَ الكريمَ بإذن الله تعالى.. خلق الله تعالى الناسَ؛ لعبادته وليكونوا خلفاء في الأرض، يعمرونها ويُص...