فضيلة الفاروق


الشّاهد على دموع الأمهات

إن كنت قارئا شغوفا بما تحمله الكتب من حكايات إنسانية تخترق القلب وتشطره نصفين فيجب ألا يفوتك قراءة رواية "جسر على نهر درينا" لكاتبها اليوغوسلافي إيفو أندريتش (نال جائزة نوبل 1961 وهي الوحيدة لصربيا)، صدرت أول مرة العام 1945، وفيها لا يكتفي الكاتب باستنطاق التاريخ، بل يذهب بعيدا بروايته تلك، حين يبني تاريخا...

السينما لإنقاذ البيئة

أخيرا حطّ الفيلم اللبناني "كوستابرافا" الرِّحال في صالات بيروت السينمائية، بعد جولة في مهرجانات العالم السينمائية وعروض في عواصم أوروبية، الفيلم الذي كتبته وأخرجته مونية عقل، وقام بالبطولة فيه كل من نادين لبكي والممثل الفلسطيني صالح بكري، عمل يناصر البيئة، ويمكن اعتباره جزءا من الحملة التوعوية من أجل كوكب ...

لصوص الأدب

ينجح لصوص الأدب لعدة أسباب، حين يختارون الوقت المناسب للسرقة، وحين يسوّقون لعملهم المسروق جيدا، وحين يكونون على يقين أن جمهورهم الواسع لا يقرأ أو لنقل قارئ كسول حتى وإن وضعتَ بين يديه كتابين أحدهما الأصل والثاني المنتحل فإنّه يجد صعوبة ليقرأهما، لكن الغريب في الأمر ليس "لذّة السرقة" التي يعيشها هؤلاء بل مك...

أدباء الضفة الأخرى

في الوقت الذي لا يزال قطاع النّشر العربي يتعثر بسبب الأزمة الاقتصادية التي ألمت بالعالم كله، إذ لا تتجاوز أي طبعة مهما كان صاحبها مشهورا الألف وخمس مئة نسخة، تقفز الأرقام في الضفة الأخرى من العالم إلى سقف خيالي لدى البعض، مسجّلة دخولا أدبيا يكبّل ألسنتنا من الدهشة. غيّوم ميسو أو سيد التشويق الفرنسي كما تل...

الكتاب كتحفة أبدية

يتّفق عشّاق الكتب على أنهم ينجذبون إلى منظر الرفوف والطاولات التي تُعرض عليها الكتب. ويخضعون بشكل أقوى منهم لديناميكيات وقوة العين. أحياناً يقتنون كتباً تحت تأثير جمال أغلفتها الجلدية القديمة، أو الكرتونية البرّاقة، كما يقعون ضحايا للأغلفة الجذابة التي تشبه لوحات تشكيلية. هذا كله يحدث قبل قراءة العنوان واس...

كتاب لا يحترق!

العجوز الثمانينية التي تحمل قاذفة للهب وتصوبها نحو كتاب لا يحترق في فيديو تتداولته مواقع التواصل الاجتماعي لعدة أسابيع ليست سوى الكاتبة الكندية المرموقة مارغريت آتوود، وهي تحاول إحراق نسخة جديدة من كتابها الشهير "قصّة الخادمة" ولكنّها لا تحترق. الكتاب الذي صدر العام 1985 تعرّض لكثير من الرّقابة، ويعتبر ...

بوكوهوليكس

في الذكرى العاشرة لتأسيس نادي القراءة "بوكوهوليكس" لمؤسِّسَته النّاشطة الثقافية هدى مرمر، احتفى القراء برواية "مستر نون" للكاتبة اللبنانية نجوى بركات، مستغلين تواجد الكاتبة في بيروت في عطلة قصيرة قبل عودتها لباريس. ولأن اللقاء كان أجمل من كل التوقعات فقد تجاوز الوقت المخصص له بساعتين ونصف. بدأ بالتعليق ع...

القول والوجود

لا غرابة إن عرفنا أن الإنسان يقضي ثلث يومه في الكلام، بمعدل 16000 كلمة للشخص العادي، أمّا الثرثار فقد يصل لمعدّل 50000 كلمة. أغلب محادثاتنا لا جدوى منها في الحقيقة، لكن ممارسة النشاط اللغوي له أهداف أكبر من التّخاطب وتبادل المعلومات. لماذا نشارك الآخر أخباراً لا تعنيه؟ كأن نخبر صديقاً أنّ الجارة التي تق...

أمُّ الأدب الأفرو-أميركي

حوالي العام 1753 ولدت طفلة في السنيغال أو غامبيا، لا أحد يعرف بالضبط أين ومتى بالضبط. هي إحدى غنائم صيادي العبيد، نُقلت إلى أميركا وهي في عمر السابعة تقريباً، وأطلق عليها اسم فِيليس (وهو اسم الباخرة التي حملتها من الشواطئ الغربية لإفريقيا إلى الشاطئ البريطاني) ومنح لها لقب ويتلي (وهو اسم التاجر الذي اشتراه...

فجوة زمنية

بعد قراءتها لرواية "بورتريه سيدة" للكاتب الإنجليزي هنري جيمس كتبت قارئة غاضبة: "إنه إهدار حقيقي للوقت أن تقرأ رواية من أكثر من ست مئة صفحة عن سيدة غبية يصفها الكاتب أنها شعلة ذكاء ومستقلة، فيما منذ بداية الرواية إلى نهايتها لم تسعَ هذه السيدة إلا لتدمير حياتها والتخبط في متاهة مغلقة". تنتمي قارئتنا للقرن ...

زهرة حلب

لا يعطينا المخرج التونسي رضا الباهي نهاية مفرحة لفيلمه "زهرة حلب" (2016), يترك لنا غصّة خانقة في الحلق أمام مشهد الابن "مراد" (باديس الباهي)، الذي أطلق رصاصة على والدته الملثمة "سلمى" (هند صبري) أصابتها في القلب تماماً. يُقرأ الفيلم عدّة قراءات، فقد أراد البعض أن يغوص مخرجنا في خبايا السياسة لنفهم بالضب...

الروتين من أسرار النجاح

لا توجد طريقة واحدة لتحقيق النجاح الأدبي، فلكل كاتب طقوسه الكتابية، وهذه الطقوس تكون سبباً في نجاحه، فيما يعجز البعض في إيجاد وقت يومي للكتابة، أو فضاء مناسب ليعيش خلوته مع كائنه اللغوي المحبّب. بالنسبة للكتّاب الغربيين الذين صنعوا نجوميتهم الأدبية بالتزامهم الجاد مع الكتابة، نستغرب مثلاً كيف يكتب ستيفن...

أصوات نسائية

نال المحقّق كونان شهرة كبيرة في أوساط الأطفال على المستوى العالمي، وقد قُدّم المسلسل مدبلجاً باللغة العربية الفصحى، وظلّ صوت كونان منسوباً لصبي صغير، إلى أن كانت المفاجأة أن الممثلة السورية آمال سعد الدّين هي صاحبة الصوت الذي عشقه أطفال العرب. وإن كانت آمال موهبة استثنائية كونها تستطيع إضحاكنا وإبكاءنا وفق...

خوف قديم

لم يكن سؤالاً مفاجئاً ذاك الذي طرحه اللغوي الفرنسي ذو الأصول التونسية كلود حجّاج على الكاتب المغربي الطاهر بن جلون بخصوص ممارسته الكتابة باللغة الفرنسية وليس باللغة العربية، مع إشارة ذكية إلى أنّه سبق وسأله هذا السؤال سابقاً، ولكنّه يريد أن يسمع منه مجدّداً الجواب. بن جلّون الذي تململ قليلاً باحثاً عن جواب...

البوّابة السّحرية

يعترف سيغموند فرويد قائلاً: "حيثما أذهب أجد الشعراء قد سبقوني"، في إشارة واضحة إلى أن اكتشافات الذات بكل تناقضاتها بدأها الشعراء طارحين أسئلتهم الخطيرة حول ما يحدث في عوالمنا الداخلية التي قد نعيش طويلاً دون معرفتها. في العالم الداخلي للإنسان نجد كمّاً هائلاً من المشاعر، لا نسعى في الغالب لفهمها بل ننصاع ...

لصوص العقول

خلال العشرينات الصّاخبة كانت باريس تستقطب مثقفي العالم أجمع، ومن بين من قصدوها شاب أمريكي مغامر، عاشق للكتابة، ومصاب بجنون العظمة. مارس الملاكمة، الإبحار وصيد السمك، ودخل في سجالات كبيرة سجّلها التاريخ مع أعظم أدباء تلك الحقبة. كان ذلك العظيم إرنست همنغواي، الذي رغم كل ما كُتِب عنه تبقى زوايا مظلمة من حيات...

المرونة النفسية

بعد ساعة من الحوار العلمي الماتع مع الدكتور بوريس سيرولنيك المختص في المرونة النّفسية، يشعر متابعه أنّه يريد المزيد. هو طبيب أعصاب فرنسي مارس التحليل النفسي، وتخصّص في السلوك البشري، ودرس عن كثب طرق نهوض وتأقلم أطفال الحروب مع حياتهم الجديدة، حاصل على جائزة رينودو الأدبية العام 2008. سيرولنيك الذي بلغ ا...

خلع الهويّة

يعطينا عالم الاجتماع الإسباني مانويل كاستيلز أول تعريف اجتماعي للهوية: "هي عملية بناء المعنى من سمة ثقافية، أو مجموعة متماسكة من السّمات الثقافية"، آخذاً بنا إلى سيّاقات بعيدة تماماً عمّا حفظناه وترسّخ في أذهاننا كمفهوم ثابت للهوية بارتباطه ارتباطاً وثيقاً بالأرض، إلى أن بنى الفرد الحداثي اليوم هويته وفق م...

تناقض

في السادس والعشرين من شهر نوفمبر العام 1965، قام الفنّان الألماني جوزيف بويز (1921-1985) بتقديم عمل فني بعنوان "كيفية شرح اللوحات لأرنب ميت" في مدينة دوسلدورف، بحيث ظلّ الفنان على مدى ثلاث ساعات يحمل أرنباً ميتاً ويتنقّل به في أرجاء المعرض متمتماً في أذنه بشروحات عن اللوحات المعلّقة. العرض الصّادم الذي صنّ...

مفاتيح مكسورة

ربط الفيلسوف الألماني فريدريك شيلر فلسفة الجمال بالأخلاق، وكان سبّاقاً إلى هذه الإشارة المهمّة إلى العلاقة الوطيدة بين الأخلاق المنتجة للجمال، والعكس صحيح. وكان يجب أن تسلك نظريته هذه معابر علمية كثيرة على مدى قرنين من الزمن قبل أن تصبح إحدى ركائز نظرية الأدب على مستوى أهم الجامعات في العالم، وعلى رأسها ال...

دراما من دون بوتوكس

لغط كبير رافق مسلسل "كسر عضم" الذي بُثّ خلال شهر رمضان محقِّقاً نجاحاً كبيراً، كونه – وعلى عادة المسلسلات السورية – يعتمد على نجوم الصف الأول في أغلب شخصياته، ومن النّادر أن تمنح أدوار ثانوية لكومبارس غير ذي خبرة. مخرجة العمل رشا شربتجي جمعت مع أستاذ النجوم فايز قزق، نجوم الدراما: نادين خوري، وكاريس بشار...

عن الفنّ والأخلاق

يحتفل الممثل الكبير آل باتشينو بعيد مولده الثاني والثمانين وقبله احتفل الممثل الإنجليزي أنطوني هوبكينز بعيد مولده الرابع والثمانين ونجوميتهما ساطعة سطوع الشمس. أما الفنان كلينت إيستوود فقد بلغ الواحدة والتسعين منتصب القامة يمشي، سيرْكُل عامه الثاني والتسعين قريباً في نهاية شهر مايو. ثلاث عيّنات من نجوم ...

تشابه أسماء

كتب لي أصدقاء منبهين لخطأ وقعت فيه في مقالتي السابقة، وقد أسعدني ذلك جداً. فكتبت لي الصديقة الروائية بسمة الخطيب، مصحّحة أن الشاعر الذي كتب أغنية الليل يا ليلى للفنان الكبير وديع الصافي ليس الدكتور مصطفى محمود المصري بل مصطفى محمود اللبناني من بلدة بعاصير التابعة لقضاء الشوف جبل لبنان. والطريف في الحكاية ا...

رنين

تقريباً لا أحد يعرف من كاتب أغنية "الليل يا ليلى" التي غناها الفنان الراحل وديع الصافي، لكن الأغنية عالقة في أذهاننا أيقونةً من أيقونات الزمن الجميل. حتى أن كثيرين يرددونها بنطق سليم للغة العربية دون أن ينتبهوا أنّها كُتِبت بالفصحى، وهذا من جماليات الفن وعظمته في ترسيخ اللغة وتحبيبها للناس. الذي يزيدنا إ...

رمضان أجمل بالبرامج الرّاقية

في الوقت الذي تسجل فيه البرامج التلفزيونية هبوطاً في مستوى النوعية، وفي الوقت الذي تكتسحنا فيه تفاهات التيك توك ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل تسوناميٍّ غريب، أصبح المشاهد العاقل الواعي شيئاً فشيئاً يجد نفسه خارج دائرة المشاهدة واهتمامات المسؤولين خاصة في وسائل الإعلام المرئية، بالكاد يجد هذا المشاهد ما يتا...

حقيبة الفرح

إهداء خاص إلى كلّ المصورين الصحفيين في العالم العربي وعلى رأسهم أبي. ترك لنا أول مصور صحفي هنري كارتييه بريسون حكمته الأبدية: "التصوير هو وضع التفكير والعين والقلب على نفس خطّ الرؤية"، قبله ربما أبهرت آلة التصوير البشرية جمعاء كابتكار يؤرّخ للحظة الإنسانية، دون إعطاء الصورة أبعادها الأكبر في صنع التاريخ....

حنين رمضاني متجدّد

تنبعث رائحة الخبز السّاخن المدهون بالسمن مختلطة برائحة القهوة من مطبخ البيت، وينبعث أذان السحور من الجامع غير البعيد عن بيتنا كاسراً ذلك الهدوء المهيب. تلامسني يد أمي بحنان لا يمكن وصفه، فأستيقظ متحمسّة لتناول السحور معها وأبي. حين تجهز طاولة السحور يتوقف صوت أبي الذي كان يرتل ما تيسّر من القرآن الكريم، و...

المنصّة

هل نحتاج لمخرج ألماني وميزانية ضخمة، وعدد كبير من النجوم العرب لنقدم عملاً درامياً جيداً أو العكس؟ أم أنه يكفي أن نطبّل له إعلامياً ونوهم أنفسنا بأنّه ناجح وينتهي الأمر هنا؟ في كل حلقة من مسلسل «المنصّة» الذي يعرض على نتفليكس، أطرح السؤال على نفسي، ماذا لو أن هذه الكوكبة من النجوم أديرت من طرف مخرج عربي ...

استمتع بصنع واقعك

إذا قادتك قدماك وأنت في إحدى المكتبات إلى كتاب بعنوان "أنت في باربادوس" فلا تعتقد أنّه كتاب في الجغرافيا، ومع هذا ثمة رابط خفي بين هذا العنوان و"باربادوس" أحدث دولة مستقلّة في العالم، وقبل التوغّل في محتويات الكتاب الصّادر عن دار حبر سنفهم أن كاتبته السعودية نوال الهلالي، تريد أن تشركك في إعادة صياغة نفسك ...

المفكر الإسلامي مالك بن نبي إفراج أخير

نكاد لا نعرف شيئاً عن المفكّر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي غير عنوان أو عنوانين من منتجه الفكري، ورغم اطلاع فئة شاسعة من القراء خاصة طلبة الجامعات في العلوم الإنسانية على بعض مؤلفاته، مثل: «الظّاهرة القرآنية» و»الإسلام والديموقراطية» و «وجهة العالم الإسلامي» إلاّ أن الرّجل ظلّ مغموراً حتى في بلده، ولنقل ح...