بعد أن قدم التلفزيون السعودي الفرصة لمعظم المنتجين السعوديين وتحمل كثيراً من النقد بسببهم وبسبب الأعمال التي قدموها في شهر رمضان الماضي، والتي لم تكن على مستوى التطلعات التي توقعها المشاهد، ولا هيئة الإذاعة والتلفزيون، فإن التلفزيون مطالب بتغيير طريقة تعامله مع هؤلاء المنتجين، وألا يكون مجرد حاضن لهم يقدم التعاميد وبمبالغ كبيرة ﻻ يحصلون عليها من قنوات أخرى.

لابد أن تكون له كلمة ورأي في كل تفاصيل العمل بدءاً بالميزانية وانتهاء بالجودة التقنية.

إن مستوى الأعمال المتواضع والهزيل يؤكد أن المنتجين يتعاملون مع التلفزيون بنوع من اللامبالاة وعدم الجدية، رغم كل الإمكانات التي وفرت لهم والتي لا يحلمون بربعها في القنوات الأخرى، وعليه فإن التلفزيون مطالب بالتعامل معهم بحزم كي لا يكون ضحية استهتارهم ولا مبالاتهم.

لقد وثق التلفزيون بالمنتج السعودي، ومنحه الحرية الكاملة لإنجاز عمله من دون تدخلات في الغالب، وكل هذا ضمن شعار دعم المنتج المحلي الذي رفعته هيئة الإذاعة والتلفزيون، ولكن الجمهور لم يهتم بهذا الشعار وألقى اللوم كاملاً على التلفزيون، بل حتى بعض المنتجين ألقوا باللائمة على التلفزيون في تواضع أعمالهم، في جحود مستفز لأفضال التلفزيون عليهم!.

ولأن سياسة الدعم والحرية الكاملة لم تنجح مع هؤلاء فإن التلفزيون مطالب باتباع سياسة مغايرة يكون فيها حازماً وحاسماً وصارماً ضد كل من يؤثر في هيبته ومكانته.

هذا الحزم لن يكون إﻻ بمحاولة التلفزيون تجاهل المنتجين المحليين واﻻتجاه لإنتاج الأعمال المشتركة مع قنوات وشركات إنتاج خليجية متميزة، أي: أن يكون هو شركة إنتاج مستقلة تنتج أعمالها بنفسها وبالتعاون مع شركاء متميزين، وتكون المسلسلات التي ينتجها ذات محتوى محلي، ويكون حضور العنصر المحلي فيها واضحاً تمثيلاً وإخراجاً وكتابة، ويتم من خلالها التركيز في الممثلين المحليين المتميزين الذين يتعبون على أنفسهم ويأخذون العمل بجدية وليس مجرد عمل والسلام!.

إن الاتجاه نحو الأعمال ذات الإنتاج المشترك هو الخيار الوحيد لضمان المنافسة في الفترة المقبلة، خصوصاً بعد أن أثبتت التجربة أن المنتِج المحلي لا يمكن الاعتماد عليه. وبهذه الطريقة سيضمن التلفزيون السعودي إنتاج أعمال ممتازة تليق بذائقة الجمهور، كما أنها ستؤدب المنتجين المحليين وستجعلهم يتعاملون مع التلفزيون باحترام في المستقبل القريب.

التلفزيون السعودي لم يقصر في دعم الدراما المحلية، وظل لسنوات طوال يقدم أموالاً كبيرة لأعمال لا تستحقها، وكل ذلك من باب دعم المنتج الوطني، وآن الأوان أن يضع شروطه على المنتجين، وأن يمتنع عن دعم السيئين منهم.

آن الأوان أن يخدم نفسه ويراعي مصالحه الخاصة، بعيداً عن شعاراتٍ يستغلها منتجون غير جادين.