بلا شك، يُمثِّل الكاتب الحقيقي -والمثقف على وجه العموم- نبض المجتمع وضمير الأمة، لأنه يُمارس أدواراً ووظائف، غاية في الأهمية والخطورة والحساسية. الكاتب الحقيقي، هو الذي يُحاول أن يستثمر كل أدواته وآلياته وخبراته الإبداعية، من أجل أن يُحرك المياه الراكدة حول قضية ما، أو يُكثّف الضوء على ظاهرة سلبية أو إيجابية، أو يدق ناقوس خطر ضد حالة ما قد تُهدد سلامة الوطن.
الكاتب الحقيقي، هو الذي يمتلك المفاتيح السحرية للكتابة الصحفية، والتي تُمثلها بعمق وذكاء وتأثير، الأسرار الثلاثة للكتابة وهي؛ التحريض والتحذير والاستشراف.
الكاتب الحقيقي، هو من يمتلك وعياً وطنياً، ليُمارس دوره بمسؤولية وشفافية وصدق عبر ما يكتب من أفكار ورؤى وقضايا، ليُعلق الجرس محذراً مجتمعه بمختلف أفراده وفئاته ونخبه، ضد كل ما يُحاك أو يُدبّر أو يُخطط للنيل من وحدة وأمن واستقرار وطنه
قد تبدو هذه الأسرار/المفاتيح، بسيطة وسهلة ومعروفة، إلا أنها في حقيقة الأمر، ليست كذلك، بل هي في غاية الصعوبة والتعقيد، خاصة إذا كانت الكتابة تستند إلى رغبة حقيقية وأهداف نبيلة وطموحات كبيرة.
وقبل أن أبدأ بسبر أغوار هذه الأسرار الثلاثة، لابد من الإشارة إلى أن هناك العديد من الأسرار/المرتكزات الأخرى التي تُحقق أحلام وطموحات وتطلعات الكاتب الصحفي، كالصدق والشفافية والحرية والجرأة والمسؤولية والاستقلالية والوطنية وغيرها من أدوات وآليات الكتابة الصحفية الجادة والمؤثرة، ولكن اختيار هذه الأسرار الثلاثة، لما تُمثله من خطورة وأهمية وتأثير، نتيجة توظيفها لكل تلك الأسرار الأخرى.
التحريض؛ وهو السر الأول لمفاتيح الكتابة الصحفية التي تنشد الجذب والتأثير والإلهام. فالكاتب الحقيقي، هو الذي يُمارس التحريض الإيجابي بمختلف أشكاله وأساليبه. وأقصد بالتحريض هنا، ممارسة التأثير القوي والفعّال والعاطفي على فكر ومزاج وسلوك القارئ، خاصة وأن فكرة التحريض، تنتمي إلى دائرة التوجيه والتصميم للقيام بفعل ما.
في مثل هذه المرحلة الحرجة من عمر العالم العربي الذي تجتاحه حمى الصراعات والاحتقانات والأزمات، وتتقاذفه أمواج المحن والفتن والكوارث، يأتي دور الكاتب الواعي الذي يستشعر خطورة الأوضاع العربية المتردية التي تعيش ذروة تشرذمها وتشظيها، ليُمارس التحريض باتجاه الحب والولاء والانتماء للوطن بتنوعه وتعدده. لابد من ضخ جرعات زائدة في بوصلة الوحدة الوطنية، لأنها الضمانة الحقيقية لمسيرة هذه الأمة التي تنعم بالخير والأمان والاستقرار، بينما طوفان الاقتتال والاحتراب والدمار يجتاح الكثير من أجزاء العالم العربي التي دخلت في أتون صراعات سياسية ودينية ومذهبية وعرقية لا أفق لها.
الكاتب الوطني، هو الذي يُحرض على التسامح والتعايش والتصالح والتآلف والحوار وقبول الآخر، وأن ينبذ كل ألوان التعصب والتطرف والإقصاء والتهميش والازدراء.
السر الثاني؛ هو التحذير. نعم، التحذير والتنبيه ضد كل مسببات الفرقة والاختلاف والانقسام، لأن التاريخ، البعيد والقريب، شاهد على أن مظاهر الصراع والاحتقان والتصادم، هي الأسباب الحقيقية التي ادت لانهيار الأمم والمجتمعات والشعوب.
إذاً، الكاتب الحقيقي، هو من يمتلك وعياً وطنياً، ليُمارس دوره بمسؤولية وشفافية وصدق عبر ما يكتب من أفكار ورؤى وقضايا، ليُعلق الجرس محذراً مجتمعه بمختلف أفراده وفئاته ونخبه، ضد كل ما يُحاك أو يُدبّر أو يُخطط للنيل من وحدة وأمن واستقرار وطنه.
الاستشراف؛ وهو السر الثالث لمفاتيح الكتابة الصحفية المؤثرة. الاستشراف، كقيمة متقدمة، لا تحتل مكانة مهمة في وعي وثقافة وتجربة أغلب الكتاب، لأنها تتطلب قدراً كبيراً من الفهم والرؤية والتنبؤ. والكاتب الصحفي المهم، هو من يمتلك مخزوناً كبيراً من المعلومة والخبرة والتجربة، ويقوم بتوظيف كل ذلك المخزون، لإضفاء بعداً مستقبلياً/استشرافياً للوصول للكثير من الأفكار والاحتمالات والحلول.
الساحة الثقافية، تغص بالكتاب والمتخصصين الذين ينشغلون كثيراً بالكتابة عن الماضي، البعيد والقريب، وكذلك بكتابة الحاضر كردة فعل أو صدى محدود للواقع الراهن، ولكن يندر من يستشرف المستقبل!
الكاتب الذي يستفيد من الأمس، ويستقرئ الحاضر، ويستشرف الغد، هو عملة نادرة وسط آلاف الكتاب الماضويين والواقعيين. وطننا، بقياداته ونخبه وفئاته، بحاجة ماسة للكاتب الذي يملك حساً وفكراً ووعياً استشرافياً، للاستفادة من أفكاره وكتاباته في اتخاذ القرارات المهمة وبناء الاستراتيجيات الكبرى، والتي تتطلب رؤية مستقبلية، بعيدة عن الأفكار العشوائية والانطباعية والاستسلام للواقع الراهن.
الكاتب الحقيقي، هو الذي يستلهم من "الأمس" الدروس والعبر والتجارب، ويتناول "اليوم" بواقعية وموضوعية ويعتبره انطلاقة حقيقية نحو "الغد" بكل طموحاته وتحدياته.
1
بين الغمام
2014-08-11 04:48:27الكاتب الحقيقي هو من لديه مبدأ لا يحيد عنه لذلك هو يكتب من قناعاته الراسخة بدون أن يُملى عليه ما يكتب،لذلك كمثال الكاتب الذي يكتب عن لحمة الوطن ورفض المظاهرات والإنصياع التام لولاة الأمر يجب عليه أن لا يكتب عن حقوق شعب آخر قام بالمظاهرات والخروج عن ولي أمرهم لأنه في تلك اللحظة لا يعدو كونه مهرطق وللأسف أغلب كتابنا مهرطقين ولا يوجد لديهم فكر.
2
Abdullah
2014-08-10 22:37:39الاستشراف والتحذير والتحريض اعتقد في بعد رابع لا يقل أهمية وهو التنظير طويل الأمد … بمعنى ما الذي يحصل بعد عشر سنوات مثلا.. والخطة المثالية لوضع حلول لتلك الأزمة او المشكلة..!
3
صالحة العمر
2014-08-10 17:53:21هناك سراً رابعا يمكن إضافته وهو المساهمة في حل المشكلات
4
مih
2014-08-10 17:44:26الكتابة مسؤولية خطيرة جدا
5
صالحة العمر
2014-08-10 11:35:03السر الثالث وهو الاستشراف اهم قيمة يصل لها الكاتب الصحفي ولكن أين هم الكتاب الذين كشفوا المستقبل بكتاباتهم وآراءهم ؟؟ مقال ابداع لكاتب مميز حدا
6
محمد الفرج
2014-08-10 11:18:15الكاتب الحقيقي، هو الذي يستلهم من "الأمس" الدروس والعبر والتجارب، ويتناول "اليوم" بواقعية وموضوعية ويعتبره انطلاقة حقيقية نحو "الغد" بكل طموحاته وتحدياته.
7
حسين
2014-08-10 09:29:11اين هو الكاتب الحقيقي لايكاد يوجدعالميا الاماندرفالاععلام الزي ينشره يحكم عقله وراتبه المعيشي ويتعقد الموقف اذا كان الموضوع سياسيا اما اذا كان في علم الحشرات والنبات فهو طليق
8
فهد المطيري_السعودية
2014-08-10 08:15:50الكاتب الوطني هو الذي ولاؤه للوطن ويعري اعداء الوطن من الصفويين التكفيريين الارهابيين والكاتب الوطني لايحرض ضد اكثرية الوطن المسلمين