انسان الصحراء صلب بطبعه فقد فرضت عليه طبيعة المكان وظروفه أن يكون بعيداً عن استخدام المفردة اللينة أو جمل العطف والرقة فبخطابه للجانب الآخر وكان يرى أن رقة الحديث نوع من الضعف. فماذا كان حال النصف الثاني له في تلك الصحراء التي تفرض طبيعتها القسوة ونصفه الآخر هو المرأة والتي هي في حاجة إلى تلك المفردات الرقيقة من الزوج كان الرجل يستعيب ذلك ويعده إنقاصاً من الهيبة لذا هربت تلك الكلمات العاطفية الى مكان بعيد عن الصحراء ولم تجد مجالاً للعودة الا في أبيات شعر الغزل وقصص العشق وهي بالتأكيد تحكي واقع وجدانية رجل الصحراء الخفية، وكانت تلك القصائد بمثابة بلسم لجروح ومتنفس روح المرأة العاطفية وقد وجدت كما وجد الرجل فرصة لإرسال تلك المشاعر المكبوتة برمال الصحراء الجافة الى من يحبو لو أن المعني بالقصيدة غير من يرددها ورغم هذا المخرج العاطفي إلا أن البعض فسر ذلك بأنه كشف للخوافي التى يمنع على الجنس الناعم سماعها. ومع مرور الوقت أصبح الشعر الغزلي وسيلة الاتصال ومرسول العشق. وقد اتصف هذا الشعر بالعفة والوصف للحالة من دون التجسيد كمرحلة أو لتلي ذلك وصف الجمال يات كنوع من المدح وتعزير الموقف للطرف المقابل.

أبوثمانٍ فيهن المسكين سل

من زباد الهندي اللي تعرفونه

ويقول اخر ونعتبرها مرحلة متقدمة في الوصف:

ابوجديل فوق متنه يهلونه

أنهل على اللي كنه نطلع تفاحي

وقد سبق مرحلة التجسيد مرحلة استعطاف للبحث عن كوامن العواطف المكبوتة واستدرارها من خلال وصف الحالة المأساوية التي يعيشها في لحظات الفراق والموت وهي تعد في تلك الحقبة وخصوصاً الفراق شبه النهاية في غياب وسيلة التواصل كذلك تم خلال تلك الفترة استغلال لحظات الفراق التي لها قدرة على فتق المكامن العاطفية في لحظات الفراق يقول سعد بن جدلان:

والله أني ميس من وصلك الا

فزعة من ربنا جل وتعالا

ادخل الضولات من شان اتسلا

كود جرح القلب يبرى ويتشالا

وقد أحدثت هذا الجفا نحو الكلمة العاطفية فراغ في المفردات التى تعبر عن العواطف الا مايخرج في الصور الشاعرية.