ما الذي يعنيه أن يتقدّم بليونير صيني بمشروع فتح قناة جديدة في نيكاراغوا تنافس قناة بنما، ولربط المحيطين الأطلسي والهادي وسط تشكيك في نجاح هذا المشروع والذي قيل إن المبالغ الباهظة التي سيدفعها البليونير خلفها الحكومة الصينية نفسها؟
هذه الواقعة تعيدنا إلى دور جديد تطرحه الصين لعالم آخر يسوده التعاون والتواصل الجغرافي والبشري من خلال منظومة عمل تعيد له قيمة حضارية واقتصادية قامت منذ مئات السنين حين ارتبطت بطريق الحرير المار بأقاليم آسيوية وحتى يصل إلى موانئ الخليج العربي، فأفريقيا وأوروبا والذي تريد الصين إعادته وفق مفهوم الجغرافيا الاقتصادية كمحور لخلق علاقات مختلفة عن سير الغزو والاحتلال إلى بناء عالم آخر تندمج فيه علاقات أخرى بين الثقافات والأعراق والموارد وتبادل المعلومات والابتكارات، عكس ما حدث حين كانت الاكتشافات الجغرافية طريقاً للاستعمار السياسي والاقتصادي..
على جبهة أخرى تسعى الصين إلى ضخ استثمارات هائلة في آسيا الوسطى التي تزخر بإمكانات طبيعية هائلة تحتاجها في المستقبل، ولذلك طرحت مشروعاً موازياً يربط الصين بتلك الأقاليم ثم مد سكك حديدية وموانئ مع أوروبا، وقطعاً لا تستطيع اقتصادات تلك البلدان تحمل مشروع هائل التكاليف كهذا، ولذلك كانت حكومة بكين هي من سعى إلى إحياء طريق الحرير ومحور آسيا - أوروبا، غير أن أمريكا المستريبة بأي عمل آسيوي وخاصة من دولة تشعر أنها تنافسها على مراكز الاقتصاد العالمي والجغرافيا السياسية، حشدت حلفاءها لخلق محور مضاد ولكن بلغة الدولة المهيمنة والتي أخافت تلك الدول من المطامع الصينية الاقتصادية والسياسية على مستقبلها..
ميدان الصراع على هذا المستوى سواء بربط القارات ببعضها وفق منظور استراتيجي بعيد المدى تقوده الصين، يطرح على العالم من سيكون المحور والطرف الأساسي في هذه العمليات، وهل ما تخفيه هذه المشاريع يُبنى على قواعد أخرى تختلف عن الماضي، أم أنها بالفعل رد على عولمة أمريكية - أوروبية، بعولمة آسيوية تساعد على خلق ثقافة تعامل أخرى قد يهيمن فيها الاقتصاد، وتزول مخاوف الحروب؟
وهل ما أثار أوروبا وأمريكا حيال ربط هذه القارات أو إحيائها يعيد سيرة الهيمنة، ولكن على قواعد تساعد على مناخ دولي آخر يجعل الاقتصاد لا ينمو أو يُحتكر بالأساليب العسكرية، وإنما بإيجاد تعاون تسوده عدالة المنفعة، إن صح التعبير، وأن الاحتكام إلى الحروب في ظل تنامي أسلحة الدمار الشامل بما فيها الكيماوية والبيولوجية القادرة على صنعها أي دولة، هو مانع أساسي لإعادة الاستقرار للعالم بمبدأ شعوب بلا حروب، وإنما منافسات علمية واقتصادية فقط؟
قد تكون هذه الطروحات جزءاً من أمانيّ تستعيد فيها البشرية توازنها، لكن الواقع يتحدث عن مشاريع كونية كبرى لا تستطيع أي قوة عظمى أن تحكمها بالقوة، وأن نشوء عالم جديد بمواصفات تتحرر فيها الشعوب من الهيمنة، هو طرح يعتمد على قدرات من يصنعون أو ينشئون أول الصروح لهذا البناء البشري، غير أن المنافسة بين أقطاب تختلف نظرتهم ومصالحهم ربما تعيدنا إلى المربع الأول بتعطيل هذه الأفكار، أو على الأقل تقاسمها بطرق تطرح حرباً باردة جديدة على قيادة العالم، ومع أن التفاؤل هو عقيدة الإنسان الجديد، فعولمة العالم على أسس جديدة تحتاج إلى رؤى وتوافق ليس فقط بين المتنافسين وإنما بين من يشملهم هذا الرابط؟
1
azizsmno
2014-05-07 22:30:28ودول الخليج عندما جاء الاتفاق على ربط الخليج الواحد الذي سيودي الى تشابكها مع المحيطات الاخرى فشل هذا الاتفاق لماذا؟
تركيا استطاعت ربط نفسها مع اوروبا...
2
ابو رحيق
2014-05-07 15:44:21الاستعمار الاقتصادي اخطر من الاستعمار السياسي ذلك ان الاستعمار السياسي غرضه معنوي يتمثل في الشعور بالهيمنة لكنه لايحول دون نمو الدولة المستعمرة اقصاديا ولذلك ترى الدول التي تعرضت للاستعمار البريطاني والفرنسي تطورت اقتصاديا فاق قريتناتها التي لم تستعمر بينما الاستعمار الاقتصادي يعمل على افتقار الدولة
3
شاهد حامد
2014-05-07 13:36:18ألمهم سيدي الكريم اين ستكون مصلحة العرب و المسلمين و هل فكر العرب و المسلمون في ذلك أم اننا سنجد مجالا جديدا للافتراق و تضييع الفرص. و هل كان العرب يعانون من قلة المال و الموارد الاقتصادية و التأثير الجغرافي حتى ننتظر الصين لتأتي كي تعلمنا كيف تصنع الحضارات؟
4
hussain
2014-05-07 08:41:47ان جنوب روسيا وغرب الصين دولااسلاميه غنيه وبكربمواردهاوتعتبرمجالاحيويالهماوالغرب يتسلل بشركات نفط وغيرها.ومن ذكاء دبي نشطت حركه التجاره وفتح سوقهاوخطوط طيران مباشرمعهاوبقيه الدول العربيه عليهاالاهتمام ايضاوليس علاقات اسلاميه دعويه فقط
5
محمد باجنيد
2014-05-07 08:39:01عولمة المنفعه..تعريف جميل..وهل يمكن ان يكون هناك (( تعريب المنفعه )) ونتصالح ونتصافى نحن العرب ونجعل من الاقتصاد سببا للتقارب والمنفعه.
اظن ذلك مثل العنقاء والخل الوفي...وسلامتك
6
صالح موسى
2014-05-07 08:04:54>> ألمؤشرات تقول : ألصّينيّون قادمون..
وقد يكون ذلك لمصلحة ألجميع.. وخاصّة ألدول ألنامية أمثالنا..عندما لا يصبح ألعالم اُحاديّ ألقُطْب..
وربما يُوَلّد ذلك تنافساً، وإغراءات، وكلّ يحاول حماية مصالحه، وكسب أصدقاء، وأسواق..
وتصبح ألخيارات متعددة، ومُتاحة للدول ألصغيرة.. مما يخفف ألضّغوط عليها، والإحتكار..
7
فيحان
2014-05-07 06:59:08مقال وشرح ممتاز شكرا لك شي طيب وبالتوفيق.