عند أحد أبرز الأماكن السياحية المشهورة، حديقة (الهايد بارك) التي تقع عند ملتقى محطات الحافلات والقطارات الارضية أو ما يسمى ب (الأندر قراوند) وعلى أهم شوارعها اكسفورد والادجوار رود الذي يسمى بشارع العرب.. كانت ل «الرياض» هذه الوقفة حيث كانت الحديقة التي تقع في وسط لندن غاصة بمختلف الألوان والأعراق من البشر وهم يتدافعون لرؤية الخطباء عند ركن المتحدثين او ما يسمى ب (الاسبيكر كورنر) والذي صادف يوم الأحد حيث يلتقي الناس كل اسبوع لعقد المناقشات والمناظرات في جو مشبع من الحرية المطلقة وفي تجمعات مختلفة يتحلقون حول الخطباء وهم يتبارون في عرض قضاياهم، فهذا يتحدث عن ضرورة الرجوع للعهد الجديد (الإنجيل) وذلك يلوح بضرورة طرد العرب والمسلمين من فلسطين، وآخر يدعو إلى اللادينية.

خليط من الأفكار والدعوات تتلاقح وتتضارب جنبا إلى جنب وسط حشد من الناس تختلف ألوانهم ومشاربهم وأهدافهم، بعضهم جاء ليشاهد الخطباء واخرون من السياح أتوا ليشبعوا فضولهم.

وقد لفت الانتباه كثرة الحشد عند أحد الخطباء وهو يتحدث عن الإسلام والمسلمين ويحاول تصحيح الصورة التي لحقت بهم بعد أحداث لندن الأخيرة، وبعد تدافع وصلنا اليه وتعرفنا عليه. انه الشيخ محمد أنور بريطاني الجنسية من أصل ماليزي الذي شرح لنا بأن الأحداث الأخيرة أجبرتهم على الحضور هنا في نهاية كل اسبوع (الأحد) لتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام والتعريف به ومحاولة الاجابة على العديد من الأسئلة التي تدور في خلد المستمعين من البريطانيين والزائزين ورواد هذا المكان مثل علاقة الإسلام بالمسيحية وموقف المسلمين من النبي عيسى عليه السلام وقضايا حول الجهاد والحدود وتعدد الزوجات ويضيف: كما تلاحظون فاننا نجد تجاوبا كثيرا حيث إن من يتحدث عن الإسلام والمسلمين يجذب اليه الحاضرين واختلاف الرأي هنا لا يفسد للمكان حريته، بل يبين مدى التنوع الثقافي والحضاري للناس جميعا.. فنجد أن هذا يدعو للتسامح والذي يقف بجانبه يدعو للعنف وهكذا.. فلا أحد يمنع احدا من الحديث والمجال مفتوح للجميع.

وقد عتب الشيخ على بعض الاخوة من المسلمين المتحمسين (كما وصفهم) الذين يلقون التهم على بعض السياح بأنهم غير متدينين وانهم كفار ودينهم باطل وقال الداعية محمد: إننا قمنا بما نستطيع بنصحهم وقد تم ايقاف البعض منهم عنوة، لأنهم يقومون بايذاء الآخرين ويسيئون للإسلام بدل من تحسين صورته، واضاف الشيخ أنور بأن هذا لا يقتصر على اجتهاد بعض الأشخاص، بل إن بعض المراكز الإسلامية تحاول استغلال هذه الفرص للدعوة إلى الله تعالى لأنها فرصة مثالية خصوصا ان بعض الديانات الغربية والجديدة وحتى بعض الحركات السياسية تخصص لهذا اليوم برنامجاً للتعريف بدعوتهم أو حركتهم، مؤكدا ان المسلمين هم الأولى في استغلال ذلك وقال نحاول من خلال دعواتنا ألا نستعدي احدا ولا نحاول النيل منه خصوصا ان عجوزا كانت بجانبنا تدعو الى طرد العرب والمسلمين من فلسطين كرسالة تحريضية واضحة ومباشرة ولكننا نقوم بتوضيح الحقيقة دون الرد.

كما التقينا ايضا الدكتور عبدالكريم خليل مدير عام مركز التراث الثقافي الإسلامي (المنار) وقال إن المركز قام بتخصيص بعض الدعاة من المسلمين البريطانيين لتوضيح صورة الإسلام في الأماكن العامة التي ينتشر فيها الناس بكثرة ومنها حديقة الهايد بارك وعن المنهج الذي يتخذه المركز في الدعوة أبان الدكتور خليل ان المركز يقدم دورات تدريبية ومهنية ذات منهج واضح وحرفية عالية، الهدف منها ليس فقط الدفاع عن الإسلام وإنما ايضا توضيح صورته.

مشيرا الى أن مركز المنار لا يستهدف الدعاة فقط وانما كذلك المسلمين الجدد فالمركز يقدم لهم مساعدة فيما يلزمهم من النشاطات والفعاليات الدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية والعمل على ارتقاء المعرفة الإسلامية لهم وتمكين المواطنين والمسلمين من الحفاظ على الهوية الحضارية وتجديد روح الاعتماد على الذات وتعزيز الثقة بالنفس من خلال الشعور بالانتماء وترسيخ عناصر الانسجام بين المواطنين المسلمين كمنطلق للمشاركة الفاعلة في تطوير المجتمع المتعدد الثقافات والأعراق الذي يعيشون فيه.