حدث في العام 2010 في اليابان أن أعلن رئيس الوزراء السابق، يكويو هاتوياما، استقالته بعد أقل من تسعة أشهر من توليه هذا المنصب، تعبيراً عن فشله في تنفيذ مطالب من وثق فيه، أو رشحه لهذا المنصب، ولعل أهم هذه المطالب فشله في نقل قاعدة فوتينما الجوية، وهي قاعدة عسكرية جوية تابعة لقوات مشاة بحرية الولايات المتحدة.
علماً أن هذه القاعدة وجدت في اليابان منذ العام 1945، وطُولب بنقلها بسبب الإزعاج الذي تسببه لأهالي مدينة غينوان، إضافة إلى تلوث الهواء، فوجد رئيس الوزراء نفسه عاجزاً عن إيجاد أي منطقة بديلة، أو إقناع أهالي مدينة أخرى بأن تكون بجوارهم رغم موافقة الحكومة الأمريكية على إيجاد بديل.
هذه الحالة لم تكن الوحيدة في اليابان، ففي العام 2011 جاءت الكوارث الطبيعية لتزيح رئيس الحكومة، ناوتو كان، السياسي والاقتصادي المخضرم، عن منصبه الذي لم يطل به الأمد، وأعلن عن استقالته وتخليه عن منصبه بعد أقل من عام من توليه السلطة بسبب تراجع شعبيته نظراً إلى الانتقادات التي تعرضت لها حكومته في مواجهة الكوارث الطبيعية، بسبب البطء الذي صاحب الحكومة في معالجة الأضرار الكارثية التي أصابت البلاد، ولم يشفع له سجله المليء بالإنجازات، حيث يعود إليه الفضل في تمرير قانون الطاقة المتجددة الذي يهدف إلى تخفيض الاعتماد على الطاقة النووية بنسبة 25% في العام 2020.
تاريخ الاستقالات في اليابان حافل، فهو ليس أول رئيس الوزراء يستقيل؛ بل هو الرابع الذي لم ينهِ مدة خدمته، في أقل من أربع سنوات، ويتحكم بذلك استطلاع الرأي، ومدى شعبية رئيس الحكومة، ورضاهم عن سياسته في إدارة ملف الأزمات في الدولة.
لم تكن الجارة "كوريا الجنوبية"، بمنأى عن هذا المفهوم في التعاطي مع مثل هذه القضايا؛ ففي العام 2010 تقدم تشونغ أون – تشان، رئيس الحكومة بالاستقالة من منصبه، بعد قضاء عشرة أشهر، مشهراً على الملأ اعتذاره للشعب عن فشله في إقناع الحكومة إلغاء خطة مدينة سيجونغ التي تقضي بنقل تسع وزارات وأربع وكالات حكومية إلى خارج سيئول، لأنه يرى أن خطط نقل العاصمة مسألة غير دستورية، كونه وعد بجعل المدينة محوراً للعلوم والأعمال.
يبدو أن حمى الاستقالات لم تقتصر على هاتين الدولتين لتتعداهما إلى أوروبا الشرقية، حديثة العهد بالديمقراطية، كبلغاريا، التي استقال رئيس وزرائها، يويكو بوريسوف، قبل عدة أشهر بعد أن تولى مقاليد الحكم عام 2009، وتعهد بتحسين مستوى المعيشة، ولكنه أعلن استقالته جراء احتجاجات شهدتها البلاد على خلفية ارتفاع فواتير الكهرباء، وحالة الفقر المستمرة في بلاده، وعبّر عن ذلك في مقولة له: "لن أكون جزءاً من حكومة تحارب شعبها، الشعب سلم السلطة لنا، واليوم نحن نعيدها له".
أما جارتها رومانيا، فقد حذت حذوها من خلال استقالة رئيس وزرائها، إيميل بوك، الذي قدم اعتذاره للمتظاهرين ضد سياسته وحكومته، وقام بطرد وزير خارجيته تيودور باكونشي، بسبب إهانته المتظاهرين على مدونته، على خلفية احتجاجات على إجراءات التقشف التي تتبناها حكومته، بسبب إلغاء عشرات الآلاف من الوظائف، وتخفيض الرواتب، وزيادة الضرائب، وقد عبّر أيضاً عن ذلك بقوله: "لقد قررت أن أعيد التفويض الممنوح لحكومتي، من أجل تهدئة الوضع السياسي والاجتماعي".
يشير تاريخ الاستقالات إلى أن هذه الوظيفة مسؤولية جسيمة، وعند حدوث أي خلل تصبح خيانةً للأمانة، فكل هذه الاستقالات لم تأت نتيجة موت أحد أو غرقه، أو انفجار جسور، أو موت الناس جراء السيول، كل ما حدث ارتفاع في فواتير الكهرباء، فالمسألة عندهم قضية مبدأ عندما يعجزون عن الإيفاء بعهودهم التي أقسموا عليها أثناء تسلمهم المنصب. أما نحن في عالمنا العربي فتأتي الإقالة، ويأبى الجميع الاستقالة، وليغرق من يغرق ويحترق من يحترق.. فداءً للوطن!.
- رئيس تحرير مجلة فوربس العربية
1
محمد الصالح - الطائف
2013-05-09 07:14:50نعم !!! ماذا تقولين !!! إستقالة مسئول عربى ؟؟؟
هذه ليست من عاداتنا ولا تقاليدنا.
المسئول العربى الوحيد الذى إستقال هو الرئيس السودانى سوار الذهب وانظرى إلى وضعه الآن نسوه العربان وتجاهلوه وبعضهم غعتبروه ( عبيط ).
قال يستقيل قالز
الكرسى حتى الموت.
2
awlama2007
2013-05-08 21:22:07العربي يختلف عن الاجنبي بان معدنه نادر. الاجنبي يعتبر منصبه خدمه للناس.العربي يعتبر الناس خدام له.الاجنبي يقراء التاريخ العربي لايقراء التاريخ ويزورة. الاجنبي تعود من الصغر على المشاركه العربي تعود من الصغر المشاحته وهذا الفرق في الاستقالات
تحياتي اليك استاذة خلود كل مرة يزيد اعجابي بقلمك
3
الأرطبون
2013-05-08 20:57:12انظروا شركة سابك ومطالب المتقاعدين منها إلى الآن وللأسف لا يوجد تأمين صحي لهم، يا حرام شئ يحزن ويضحك في نفس الوقت..؟!
4
محمد
2013-05-08 20:22:45في المشمش !!!
الوحيد كان (سوار الذهب) - عملة نادرة
5
azizsmno
2013-05-08 19:06:17طلب الاقالة صعب- بناء على طلبه او تم تغير!
تأتي الاقالة بعطم مرّ مشاهد وطوبى لمن نال فيها الشهادة؛ومن المفترض اقالته يكرم ذلك الشهيد كي يحصل على علاوة من اجل ذلك التكريم!
من يحمل الامانة يدرك قيمتها ولكن اذا ضيعة الامانة مات معها الضمير!
6
الزنقة السورية
2013-05-08 15:14:43في سوريا لن تعلن الحكومة استقالتها إلا بعد أن يصل عدد الشهداء إلى مليون شهيد، والمشردين على الحدود التركية والأردنية إلى 3 ملايين وبعد أن تدمر البنية التحتية بالكامل وتعود البلد للوراء 50 سنة ضوئية...
اللهم عجل بزوال هؤلاء القرود والخنازير العلوية عن بلاد الشام، انك على كل شئ قدير
7
متفاءل
2013-05-08 15:00:02لو طبق عندنا لا انشلت الحياة تريدين تخريب بيوتنا
8
hamoudi 1
2013-05-08 14:40:02ونضيف ان الوزراء لدينا يمكثون 20 الي 40 عام في وزارتهم وكأن الأرض لم تنجب سواهم ؟؟؟.
علما بانه لا جديد لدينا سوي الوعود والتصريحات الفارغة والخطط الخمسينية والعشرينية وليتابع من يتابع والغالبية تنسي وتنشغل في الجري وراء لقمه عيشة.
9
الحامد
2013-05-08 14:21:17طرح جميل ولكنه بعيد عن الواقع العربي
10
سلمى المنهالي
2013-05-08 13:45:12قضيه مبدأ يعني الضمير حي...
11
ناصر حماد الجهني
2013-05-08 12:43:53من الكرسي إلى القبر!
ثقافة التمسك بالمنصب والوظيفة في عالمنا العربي شئ مقرف ومتخلف،المنصب أو الوزارة هي تعني مال وسلطة وشهرة وكسب سريع فلماذا التفريط فيها!؟ يدخل الوظيفة العليا طفران وفي سنوات عمائر و أرصدة نقدية وحسابات سرية! لماذا يستقيل؟
جانب أخر في حياتنا نحن لا نطبق مبدأ أن المسؤولية لا تمنح لأحد الشئ الذي يمنح هي الصلاحيات!
مبادئ المساءلة والشفافية وتطبيق الأنظمة ندرسها في كتب الإدارة والقانون
إيه هذه حياتنا!!! غرق،فشل،موت،فوضى،فساد،تعثر،خدمات صحية متدبية،مطارات متردية،لا تأمين صحي،الله
12
أم رنا
2013-05-08 12:38:32السلام/ لم ولن يستقيلوا حتى عندما تكشفت فضائح ( أحياء كاملة في أودية!! بنية تحتية مغشوشة!! ) لان الهدف من المنصب تكويم الثروة وليس خدمة المواطن ! ولا الوطن !!!
13
الغضنفر
2013-05-08 12:36:33(أما نحن في عالمنا العربي فتأتي الإقالة، ويأبى الجميع الاستقالة)
ليس هذا فحسب يا أستاذة، بل هناك رئيس دولة عربية يرفض قبول استقالة المسؤولين الذين يقدمون استقالتهم لسببٍ أو آخر.. شتان ما بيننا و بينهم.
14
كلمة شكر
2013-05-08 12:24:26كم هو جميل مقالك لهذا اليوم أخت خلود حتى و إن لم يصنف مقالك كمقال جرئ فيمكن تصنيفه كمقال "إياك أعني و اسمعي يا جارة" و العبرة بالخواتيم فعندما أتيت على مفردة "موت الناس جراء السيول" لم نتعود أبدا من مسؤولينا الديناصورات ان يقدموا إستقالاتهم و ذلك لانهم يعتبرون مواطنيهم كالحشرات لا مشكلة إن غرقوا