استكمالاً للحلقة الماضية من دليل الإرشاد في مجال علاج الإدمان. نستعرض هذا الأسبوع جوانب من هذا الدليل فيما يخص منهج الإرشاد في علاج التعاطي والإدمان، ومراحل معالجة مشكلة التعاطي ومرض الإدمان. ومرحلة بدء العلاج والتي تعد الأصعب من بين مراحل معالجة تعاطي وإدمان المخدرات.
اولاً: منهج الإرشاد في علاج التعاطي والإدمان
هناك غايات وأهداف من الإرشاد في مجال علاج إدمان المؤثرات العقلية فعلى المستشار في علاج الادمان أن يركز خلال عملية دراسته لحالات التعاطي على العلامات الفارقة بين المتعاطي الذي لا يعاني من اعراض الادمان وبين المدمن الذي يعاني أعراض اعتمادية. وذلك من خلال تطبيقه لمقياس مؤشر الإدمان. وذلك لأن الأهداف والغايات التي يتطلبها الإرشاد في مجال مرض الإدمان تختلف بدرجات فارقة عن الغايات التي يتطلبها الإرشاد في مجال معالجة سلوك التعاطي. ويعرف مرض الإدمان وفقا للتعريف القائل: - (الإدمان هو مرض ينتج عن التعاطي المزمن للمخدرات ويشخص بالسعي للحصول على المخدرات رغم معرفة العواقب المترتبة على ذلك الأمر، ويتطلب الإرشاد في مجال مرض الإدمان أن يسعى المستشار بشكل مباشر أو عبر محاولة الأسرة مع المريض الموجه من قبل المستشار، لتحقيق الغايات التالية (سواء عبر التعامل المباشر مع المريض أو عبر تعليم أسرته كيفية العمل لتحقيق هذه الغايات والالتزام بها) وهي :
مساعدة المريض على الاعتراف بأنه شخص يعاني من مرض الإدمان والذي يغير من كيميائية المخ.
تعريف المريض بطبيعة الإشارة والعلامات والأعراض الدالة على الإدمان التي لها صلة بتجربة المريض.
تعليم المدمن أهمية الاعتراف بالمشكلة، وإعادة توجيهه وحثه على عدم استخدام المخدرات.
تحفيز المريض لتحقيق الامتناع والمحافظة عليه، من خلال الدخول في برامج المعالجة ومن خلال عقد العزم على تغيير نمط الحياة وإحداث تغييرات جيدة.
رصد وتشجيع الامتناع عن المخدرات عن طريق استخدام معايير موضوعية، لمتابعة المريض وتشجيعه وفحص نتائجه للتعاطي وتعريضه لجلسات إرشاد ومناقشة ودعم خطواته والعمل على مساعدته لحل مشكلاته التي يتعذر عليه حلها.
لحظة ندم
تعريض الشخص المدمن للمساءلة والمناقشة (الموجهة بفاعلية وفق أساليب مدعمة بالاحترام والمناقشة ومن خلال جلسات طويلة) حول استخدام المخدرات وحمله على عدم مواصلة التعاطي.
مساعدة المريض على تحديد الحالات والمواقف التي يتم فيها غالبا استخدام المخدرات. من أجل العمل على تبصير المتعاطي بطبيعة الخطوات والإجراءات التي ينبغي اتباعها للتكيف مع مشاكل الحياة، ولفهم أن استخدام المخدرات للمساعدة في حل مشكلات الحياة لن تكن مجدية، بقدر ما توفر خيارات التعايش حلولاً أخرى ذات فاعلية ملموسة.
مساعدة المدمن على تطوير إستراتيجيات جديدة وفعالة لحل المشكلات التي تواجهه في حياته.
تشجيع المدمن على تطوير خطة تعافي دائمة مدى الحياة، مع تشجيعه على الاستمرار في تطبيقها والالتزام بمحدداتها.
مساعدة المدمن وتعريفه بالسلوكيات والمواقف التي تسبب المشاكل والتي قد تحفز على الانتكاسة، ومن ثم العمل على تغييرها.
تشجيع المريض على تطوير احترام الذات عن طريق المشاركة لتطبيق المهارات المكتسبة حديثاً واستراتيجيات حل المشكلات في المنزل وفي مواقف التفاعل الأخرى التي يواجهها في المجتمع وفي مواقف الحياة الأخرى.
ثانياً - مراحل معالجة مشكلة التعاطي ومرض الإدمان
تتطلب معالجة مشكلة التعاطي والإدمان أربع مراحل وعلى المستشار أن يكون ملماً بكل إبعادها كما ينبغي عليه أن يوضح مبادئها لكل من المريض أو لمن سيتعامل مع المريض وهي:
بدء العلاج.
التوقف عن التعاطي.
المحافظة على الإقلاع.
التعافي المتقدم.
إذ تعد مرحلة بدأ العلاج الأصعب من بين كل مراحل معالجة تعاطي المخدرات. فكثير من المتعاطين والمصابين بالإدمان غير راغبين الدخول في مرحلة التعافي، وينكرون مسألة تعاطيهم. وتحاول الكثير من الأسر أن تعالج المشكلة لدى أفرادها. ولكن ما هي الطريقة الملائمة لجعل الفرد يبدأ بدخول مرحلة العلاج من تعاطي المؤثرات العقلية. حقيقة لا يوجد هناك منهجية ملائمة ولا خيار وحيد، ولكنها تخضع لمجموعة من العوامل، لعل أهمها بدأ المتعاطي باستشعار خطر التعاطي على حياته ومستقبله. أو نتيجة لتأثره برأي أو تعرضه لموقف مأساوي يجعله بعيد التفكير في خيارات العلاج. وسلوك تعاطي المخدرات وبلوغ مرحلة مرض الإدمان يمر بمجموعة مراحل هي:
تعاطي بلذة
تعود على التعاطي مع بروز تغير في السلوك ونمط الحياة.
تعلق بالتعاطي مع تغير شبه كامل في أسلوب التفكير والتصرف.
انغلاق على التعاطي مع تدهور كبير في الوضع النفسي والاجتماعي.
بلوغ ذروة الانغلاق والإدمان وبلوغ مرحلة اليأس والقنوط والانقطاع الاجتماعي.
وفي غالبية المراحل السابقة، يتضح أن المتعاطي يعيش حالة من انغلاق التفكير والهروب من مواجهة المشكلة مع حالة إنكار لوجود المشكلة. ولكن هناك حالات ومواقف يقل معدل إنكار المتعاطي فيها لمشكلة تعاطي المؤثرات العقلية، خاصة إذا تم التعامل مع مثل هذه المواقف بفاعلية من قبل من يتحكمون فيها. فمثلا ربما يتعرض المتعاطي لعملية إحضار قسري للعلاج من قبل أسرته لأحد مجمعات العلاج، أو يتعرض لعملية القبض في قضية استعمال مخدرات، أو يتم كشف تعاطيه للمؤثرات العقلية عبر التحليل الطبي، أو ربما يضبطه أحد والديه أو زوجته أو يراه أحد زملائه وهو يتعاطى المؤثرات العقلية. ففي مثل هذه الحالات يقل معدل إنكار الفرد لتعاطيه ويمكن استخدم مثل هذه المواقف كبدايات لمناقشة موضوع العلاج ودفع الفرد نحو الدخول في مرحلة العلاج.
ثالثاً: متطلبات التحضير
بعد الانتهاء من مرحلة بدء العلاج، وجلسات العيادات الخارجية، فان هناك متطلبات ومرتكزات يجب أن تكون حاضرة للمرشد لمناقشة الموضوع مع المتعاطي وهي.
نتيجة فحص نتائج البول
استرجاع المواضيع الرئيسية من الجلسات السابقة.
التحضير لمناقشة المواضيع المناسبة لمرحلة علاج المريض.
فمن الصعب أن يتم تحويل التدخل الأسري مع المتعاطي إلى جلسات إرشاد لمرحلة ما بعد بدء العلاج، لأنه في الغالب ينتهي دور الأسرة العلاجي بعد زرع قناعات قبول العلاج والتي تمهد للتواصل المباشر بين المتعاطي والمرشد. ولكن على المرشد أن يعلم الأسرة كيفية الربط بين جلسات التدخل التي تقوم بها وبين المستجدات خلال مرحلة بدء العلاج.
رابعاً: واجبات الاستشاري في كل مرحلة
ما الذي ينبغي التعرف عليه في كل جلسة تدخل للمعالجة؟ بالنسبة للمرشدين والمستشارين الذين يعملون بشكل مباشر مع المتعاطي، فعليهم أن يعرفوا المستجدات والفرق الحادث، كما ينبغي عليهم سؤال المريض عن تقدم سلوكه. وحينما يكون التعامل مع الأسرة فعليهم أن يعرفوا هذا عن طريق الأسرة ومن أهم ما ينبغي معرفته مايلي:
1- معرفة الحالة التي كان عليها المريض منذ الجلسة الأخيرة.
2- الاستفسار عما إذا كان المريض قد استخدم المخدرات منذ آخر جلسة.
-إذا كان المريض قد استخدم المخدرات التي يعاني من إدمانها، فيتم تحديد أسباب الانتكاس وتطوير إستراتيجيات لمنع الانتكاسات المستقبلية.
-وإذا كان المريض استخدم عقاقير أخرى جديدة، فيجب مناقشته في أن الامتناع يشمل جميع مواد المؤثرات العقلية وخاصة عندما ينوي الشخص التعافي من إدمان المؤثرات العقلية.
3- التحقق عما إذا كانت هنالك مشاكل ملحة تستوجب المعالجة، وإذا كان الأمر كذلك يجب التعامل مع تلك المشكلات وحلها.
4- توفير المعلومات عما إذا كانت نتائج فحص البول قد أظهرت تعاطي أي مخدرات أم لا.
5- مناقشة موضوع التعافي من الإدمان والتي تكون ذات صلة بمرحلة شفاء المريض واحتياجاته الخاصة في العلاج.
خامساً – مرحلة بدء العلاج
1- أهداف مرحلة بدء العلاج:
المرحلة الأولى لبدء المعالجة من التعاطي تتطلب من المرشد تصميم برنامج معالجة موجهة مباشرة للمريض، أو برنامج لأسرته للتعامل مع الحالة لدفعه لمرحلة الإقلاع الأولى. ويتطلب الأمر:
1- عمل مقدمة عن البرنامج الإرشادي والتوقعات لذلك البرنامج، وإذا كانت مدة الاستشارة محدودة فإنه يجب بيان ذلك سواء للمريض أو لأسرته.
2- الحصول على تاريخ المريض وتطوير خطة المعالجة. وقد تستغرق عملية رسم خطة المعالجة جلسة أو جلستين. وينبغي إشراك المريض في رسمها أو إشراك الأسرة فيها.
3- العمل على مساعدة المريض على إدراك معاناته من مرض الإدمان. سواء عبر المرشد أو عبر تثقيف أسرته بكيفية مساعدة المريض على إدراك معاناته.
4- العمل على مساعدة المريض على أن يقرر الخروج من دائرة الإدمان. أو تعليم أسرته كيفية توجيه المريض وإقناعه وحواره لإحداث هذا القرار لديه.
5- مساعدة المريض على رؤية محاسن الحياة الخالية من الإدمان. أو جعل أسرته تقوم بهذا الدور.
سادساً - معوقات مرحلة بدء العلاج:
الكثير ممن يعملون مع المتعاطي يواجهون أمرين ينبغي التعرف عليهما من قبل المريض، وهي مسائل طبيعية ينبغي تقبلها وعدم النظر لها بنوع من الإحباط:
1- الرفض 2- التأرجح
الرفض: ويُعرف على أنه إنكار تصديق حقيقة ظروف حياة الشخص. وقد يكون رفض الشخص يتمثل في عدم التصديق بأنه مدمن، أو رفض التعرف على حجم وطبيعة الخسارة التي يتعرض لها الشخص بسبب الإدمان، وأنها خسائر كبيرة وفادحة. وعادةً ما يدخل المرضى مراكز العلاج (أو خطوات المعالجة) مع رفض وجود حالة الإدمان لديهم، وعليه فإن هذا السلوك يجب توضيحه واستكشافه مبكراً في الاستشارة. وقد يؤمن المدمن أنه لا يزال بإمكانه السيطرة على استخدامه للمواد الكيميائية المسببة للإدمان. ولا يؤمن المدمن عادةً بأن لديه مرض الإدمان. وعندما يدرك الاستشاري (والأسرة) بأن الإنكار أو الرفض يتعارض مع قدرة الشخص على التعامل بنجاح مع الإدمان. فيجب على الاستشاري أن يسعى (أو ليجعل أسرته تقوم بالدور) لجعل المريض يدرك أنه لا يرى حقيقة الإدمان كما هي. وفي نهاية المطاف فإن معرفة الحقيقة سوف تقوي الدافع نحو العلاج وتخلق الرغبة في عمل التغيير. ويمكن للاستشاري (أو لأسرة المريض) أن يستخدم أسلوب المواجهة وتوضيح (إظهار) المساوئ والخسائر الناتجة من الإدمان والتي يسببها للشخص المدمن، وتشجيع المريض على الامتناع عن المخدرات مؤقتاً إذا كان بالفعل ليس مدمناً. وذلك من خلال عمليات تبصر عقلية تخضع لمنطق الإرشاد. وبالتي تأتي مهمة المرشد مع الأسرة في توجيهها بالتصرف وتبصيرها بالهدف المراد تحقيقه والماثل في دفع المريض نحو الاعتراف بالمشكلة وعدم رفض الدخول في المعالجة وإنكار المشكلة.
التأرجح: وهو قبول العلاج وإنكار المشكلة وبالتالي رفض الدخول في المعالجة، وهي من أبرز المشكلات الشائعة بين المتعاطين. ويظهر الإحساس بالازدواجية عادة للأسباب التالية :
1- حينما يربط المريض استخدام العقاقير مع بعض التغيرات العاطفية الإيجابية.
2- حينما يكون تعاطي المخدرات من قبل المريض هو إستراتيجية لحل بعض المشكلات، خاصة عندما لا يتوصل المريض إلى طريقة أفضل للتعامل مع المشكلات.
3- حينما يشعر المريض أنه ضعيف جداً وعاجز عن الخروج من دائرة الإدمان .
يجب على الاستشاري أن يناقش تأرجح المريض والدافعية للإقلاع عن المخدرات والتعافي منه، سواء مع المريض أو مع أسرته، وفي حالة كان التعامل مع الأسرة على المرشد أو المستشار أن يعلم الأسرة كيفية هذه المناقشة على أن يبقى موجهاً لها خلال عملية مناقشتها لهذا الأمر مع المتعاطي.
العوامل المؤيدة للإقرار وعدم التأرجح
بين دليل الارشاد في مجال علاج الادمان بعض العوامل المساعدة والمؤيدة في اتخاذ القرار وعدم التأرجح ومنها :-
تشجيع المريض لمناقشة الجوانب السلبية والإيجابية عن تناول المؤثرات العقلية، والتركيز على النتائج السلبية التي تم الإقرار بها من قبل المريض في مواقف سابقة أو تعرض لها، قد تساعد في توطيد - أو على أقل تقدير - تقوية رغبة المريض في الامتناع عن المخدرات.
كما أن تعرف المريض على مزايا الحياة الخالية من المخدرات التي تعود عليه شخصياً ، يساعد على توضيح وتأكيد فوائد ومزايا العيش في حياة صحية خالية من المخدرات.
كما أن تحديد أهداف الشخص المريض لحياته والحديث عن أن مثل هذه الأهداف يمكن تحقيقها وتسهم في دفع المريض إلى الشعور بأنه قادر على أن يكون أكثر فعالية في عمل تغييرات إيجابية .
وإلى اللقاء في الاسبوع القادم ومرحلة الإقلاع الأولية التي استعرضها دليل الإرشاد في مجال علاج الإدمان
1
ndosh eyad
2012-06-08 20:08:25لم اتوقع هاد البلد ان يهتم ببرامج التوجيه والارشاد فبوركت جهودكم وان شاء الله يصير عنا هيك اهتمام بهيك برامج