لا ينتعش الشعر كثيرا مع التشنج والصدر الضيق ولا مع صراع الكلمة ولا حتى مع المضامين ذات الصبغة القبلية ولو انتشر ، ولا مع الانتصار للنفس والذات والتمحور حولها ، ولا مع الترويج له ولا حتى مع السب والهجاء والتعدي على هذا وذاك حتى لو تلقاه الآخرون على أنه جريء وأنه كسر شيئا مما يستوجب الصمت ، كل ذلك لا يعني الانتعاش ، وإنما ينتعش أكثر مع الصدر الشمالي ، ومع البوح الصادق والصريح المعبر بصفاء ، وذلك بإمكانية فهمه بتروي وأخذه بمأخذ المرح أحيانا ، والفرح حيناً ، والعقل دائما ، والهدوء في كل الأحوال ، فلا يكون الرفض في المقدمة من سماعه ولا التشنج مع مضامينه مهما كانت ، ولا الاتكاء عليه كداعم لأساس متهالك .
و في غالب الشعر سواء قصائد النظم أو المحاورة ، هو تعبير من قائله
لا يحمل على أي وجه سوى أنه بوح لا يتعدى كونه خاص بالشاعر قد يتبناه السامع من باب المصلحة أو التطفل أو التذوق أوغيره .
ونسمع كثيرا عن صدر المتلقي فيوصف بأنه ضاق بما سمع أو اتسع له ، والقدرة على احتواء ما يتم تلقيه والتعامل معه بحكمة وهدوء وتقبله بروية وعدم التشنج والاحتقان ، حتى ولو تضمن دواعيه .
وتصلنا قصص شحناء تحدث جراء أبيات قيلت في قلطة بين شاعرين أو أكثر كما هي عادة إقامة القلطات في المناسبات فقد تبدأ برغبة في قضاء أمسية جميلة وتنتهي بمشاجرة عنيفة ، وفي الماضي كنا نسمع بما هو أشد من تفرق على غضب وتقاطع ، و تنقلب المناسبة إلى ميدان للنزاع ، فهذا الشاعر قال بيتا لم يعجب المقابل له سواء جمهور أو شاعر آخر ندا أو ضدا له ، وهكذا يحمل البعض كل هزل على محمل القصد و الجد وكل بوح يريدونه في مسار وقالب يحددونه ويهددونه ، أو يهددون به .
أما عن اتساع الصدر لقبول الكلام والشعر بالذات فلعل في مضامين هذه القصيدة والتي يتبين منها مضامين تحتاج إلى قبولها بروية ، حيث يقول شاعرها :
يفدى عشيري من عظامه تقله
البدو واللي يلبسون الخزاري
وابن رشيد الشمري فدوةٍ له
مودع صماصيم القبايل وقاري
الشيخ يدمح لي ثمانين زله
واللاش ماني عن زراويه داري
فقد جمع شاعرها الكثير ممن رجح بهم ميزان عشيره كما يقول ، وافتدى بهم وكأنه ظاهريا وعلى وجه الفهم المتسرع يرخص بهم ، لكن الصحيح أنه يغليهم ولكن لا يصل هذا الغلا إلى مستوى عشيره ، ذلك لأنه شاعر ويريد أن يعبر بما هو مرضيا لأحاسيس مثله ، وهذا هو نهج الشعراء .
قال ابن رشيد وهو بالطمع معني في القصيدة وضمن المجموعة التي أخذهم الشاعر في قوله ، وإن كان أفرد له ما يميزه :
يا رايحٍ نية شليويح قله
تراه بوجهي عن جميع الزواري
والله ما ألومه لو فداني بخله
حيث إن جار لي من الود جاري
قبله حسين الدل روحي يسله
سل السلوك بمبهمات الأباري
وهكذا عادة الحكماء والعقلاء التأني في سماع القصيد وقبول المضامين بصدر يتحمل ويحتمل كل شيء ولا يحمل النصوص ما يثقلها ، بل يقال إن ابن رشيد قال :
بقي له 79 زلة ، لأن الشاعر أشار إلى أن الشيخ يدمح له ثمانين زلة ، أي يتجاوز عن هذا العدد من الزلل ، والمقصود الكثرة وليس العدد محصوراً.
وحيث نورد الأبيات فليس بالضرورة التركيز على صحة الرواية حصرا لشاعر أو أبيات ، دون غيرها مما يروى حول مضامينها بتعدد يختلف فيه الرواة ، كثرة وقلة وزيادة ونقصا ، لأننا هنا لا نوثق حدثاً ولا نؤكد على صيغة محددة ، وإنما نستل مضمونا لا شك أنه وارد في أي من الروايات ، والذي نهدف له قد تحقق وهو قبول القصائد والأبيات بروح سمحة فيها متسع يريح الجميع ولا يتشنج فيما لو حملت ما لا يقبل بعضه .
وهذه القصيدة وما قابلها من التلقي بصدر شمالي أعطت الشعر مساراً مناسباً لا يقبل معه الاحتقان والمعارضة بل تذوب وتتكسر على أعتاب الرضا .
لقد فتحت مضامين الأبيات الأخيرة والتي تعد تجاوبا معها ، فتحت أبواب التقبل للبوح بمرونة وهذا ما نبحث عنه ونرغب من الشعراء والمتلقين تقليده وتقلده ..
والعقل يقول : أن اختيار من يفتدى به هو تقدير له ورفعا من قيمته ، وهذا ما أدركه تماما بن رشيد حيث قال : أنا لست اللاش :
والله ما ألومه لو فداني بخله حيث إن جار لي من الود جاري
والخل لمكانته وقيمته لا يفدى أو يفتدى إلا بالثمين من المال أو الطيب من الأشخاص وصاحب رفعة ، أما غير ذلك فلا يحسب مقابلا للشيء الثمين .
والخلاصة أن الميدان الذي يحتضن قصائد الشعراء وبوحهم يفترض أن يكون مفتوح الأفق يقبل الامتداد ويرفض الاحتقان أو حتى الانكماش ، ولا شك أن القول الفاحش مرفوض جملة وتفصيلا ويدان صاحبه ويأثم وهو غير معني هنا ، لكن في المقابل لا يفترض أن تحمل كل العبارات التي يقولها الشعراء محمل الجد ، خاصة فيما يحتمل أن يكون بوحاً في فضاء الشعر الواسع بأفقه الممتد.
وهذه القصيدة يذكر قائلها معزة الأم ويفداها بكل غالٍ فيقول:
يا أمي عسى دنياي فدوة لدنياك
وأنا ومافيني من إحساس نفديك
ليت المرض ياأمي كواني ولا جاك
وليت الوجع ينحط فيني ولا فيك
وليت السهر ياأمي إذا حل ممساك
ياخذ من عيوني منامي ويعطيك
شلتي همومي طفل بالجهل عنّاك
حتى كبرت وظل حملي يعنّيك
تفداك روحي ياضيا العين تفداك
والعمر ياأمي بكل مافيه يفديك
فهذا الشاعر نشيد بقوله وإحساسه ولا نريد أن نقول من يكون بقدر ما سيكون عليه أمام الجميع من تقدير لتقديره لأمه ، والأهم من كل هذا بصمته في فضاء الفضيلة والبر ، التي ستكون له بسببها منزلة عند الله ، وهذا لا أشك في أنه هدفه الأول والأخير لا غيره .
وأختم بأبيات من قصيدة لشاعرها الذي يفدي والده بالروح والعمر وكل شيء يملكه ، أسأل الله أن يجزيه على قصيدته ومضامينها كل خير :
يقول :
يايبه ياتاج راسي يا عسى عمري فداك
ياغناتي والله انك لو تبي عيني تمون
والشعر وان كنت بمدح بالشعر هذا وذاك
انت حقك فوق هامات القصايد واللحون
يايبه ياجعل روحي فدوه لموطى خطاك
حطني بينك وبين الوقت وكبار الطعون
العمر والنفس واللي املكه كله فداك
واعرف انه ربع حقك وانت حقك ما يهون
1
انشودة المطر
2012-03-01 21:24:331غفت عيون الملا واستاحشت عيني
0في ساعةٍ كل نفس زان مرقدها
قمت آتقلب وعانن معي جنبيني
0وازعجت نفسٍ معي سهري منكدها
كني قريصٍ شكا له سم نابيني
1واستشرب السم في حالٍ تهجدها
وفج الصبح والملا ماهم بداريني
يالله دخيلك عن الضيقه ومورِدها
وسكبت عبرت عيوني بيني وبيني
0من قل حيلة يديني في تمددها.!
" الشاعر
عيد سمران "
2
الشمرية
2012-03-01 21:08:42مشكور يالقحطاني ولكني احببت ان اوضح لك بإن الكاتب المتميز الحميضي لن تغفل عنه هذه المعلومه المهمه في قصة و قصيدة العطاوي مع ابن رشيد لكن المقاله لا تحكي عن اصل قائل هذه الابيات انما تحكي عن ابيات في موروثنا الشعبي لمشاعر افتداء الشاعر العاشق بما يراه غالي لمحبوبته
3
ناعس الطرفين
2012-03-01 17:51:39لغالي اللي بقلبي فديته
وعن الذهب والماس أغليته
والقلب له مسكن حطيته
وينه ادوره مالقيته...سراب
4
ناعس الطرفين
2012-03-01 17:49:23يا أمي عسى دنياي فدوة لدنياك
وأنا ومافيني من إحساس نفديك
ليت المرض ياأمي كواني ولا جاك
وليت الوجع ينحط فيني ولا فيك
وليت السهر ياأمي إذا حل ممساك
ياخذ من عيوني منامي ويعطيك
شلتي همومي طفل بالجهل عنّاك
حتى كبرت وظل حملي يعنّيك
تفداك روحي ياضيا العين تفداك
والعمر ياأمي بكل مافيه يفديك
الف شك
5
النوخذه
2012-03-01 17:35:51يا ناشدن عنى ترانى " شليويح "
نفسى على قطع الخرايم عزومى
إن قلت الوزنه وربعى مشافيح
أخلى الوزنه لربعى واشومى
واليا رزقنا الله من خيار المصاليح
يصير قسمى من خيار القسومى
(شليويح العطاوى العتيبى)
رحمه الله تعالى:
ن/ دبى0
6
ناصر الحميضي
2012-03-01 17:01:05وفقك الله وبارك في مرورك الطيب ومشاركتك وحضورك العطر
و لقد اتضح من بيت بن رشيد اسم الشاعر في قوله :
يا رايحٍ نية ( شليويح ) قله
تراه بوجهي عن جميع الزواري
تقديري لك
7
النوخذه
2012-03-01 16:54:56يا قلبى اللى من هوى البيض معتاذ
واليوم أشوف الوجد والشوق بذه
حسبى على اللى للمواصيل جذاذ
حبل الوصل من بيننا البعد جذه
(دايم السيف)
8
النوخذه
2012-03-01 16:38:00دور ع الغالى تلقاه
دور عليه دور
ياللى عينيك شيفاه
ولسه بالدور دور دور
(شادية)
9
النوخذه
2012-03-01 16:24:03طائر عشه الوجود وقلب
ملهم عاشق وروح نبيله
ركب الله فى طبيعته الفن
وفى فكره طموح الفظيله
ينشر اللحن فى الوجود ويطوى
بين أضلاعه الجراح الدخيله
يفعم الكون من معانيه شهدا
ورحيقا حلوا ويطفى غليله
ويوشى الحياة سحراا كما وشت
خيوط الصباح زهر الخميله
وفنونا ألذ من بسمة الطفل
ومن نسمة الصباح العليله
وحوار أرق من قبل الحب
على وجنة الفتاة الجميله
أنت -- ياشاعر الحياة -- حىاة
و "كمنج " حى ودنيا ظليله
من قصيدة الشاعر:لشاعر اليمن الكبير0
(عبدالله البردونى)
رحمه الله تعالى
ن/ دبى
10
الشمرية
2012-03-01 15:03:48ي قلبي الي من هوى ( ؟ ) مطروق
طرق الحديد ملين(ن) ب الضويا
أمسيت قلبي فيّ و آصبحت مسروق
وثوّرت في قلبي عميل(ن) و عيا
يفداه من يمشي على الارض من فوق
و الي يشوفون القمر و الثريا
ويفداه حضر(ن) لجوا العصر بالسوق
و ابن رشيد الي على الحكم عيا
11
العز..لنا
2012-03-01 14:39:14الغالي اللي بقلبي فديته
وعن الذهب والماس أغليته
والقلب له مسكن حطيته
وينه ادوره مالقيته...?
12
طلب الرداد
2012-03-01 12:36:01القصيدة الأولي كانت للفارس شليويح العطاوي وكان مجبراً علي نظمها بعد أن طلبت منه معشوقته أن يفتديها بأبن رشيد وإلا فإنه لن يراها مرةٍ أخري فسند القصيدة بالشكل والمضمون السابق فتلقفها ابن رشيد برحابة صدر وبكرم خلقي عالي مقدراً الظرف الذي يمر به صاحب القصيدة فجاءت ردة الفعل أقوى من أبيات القصيدتين.
13
Salem H. AlBeshry
2012-03-01 12:14:47ناصر الحميضي /صح لسانك وذوقك وحسن اختيارك
وصح الله السنة الشعراء الاوفياء والشيوخ العقلا
لاهنت