في أبريل من عام 2010 قام مقدم خدمة إنترنت في الصين باستغلال ثغرة في أنظمة الإنترنت وحول ما يقارب 15% من الإنترنت في أمريكا لتعبر عن طريق شبكته ثم تعود مرة أخرى إلى أمريكا، فكتبت التقارير الأمنية التي تبين حجم المعلومات التي اطلع عليها مقدم الخدم ومدى خطورتها وسريتها ورفعت إلى الكونجرس الأمريكي رغم أن مدة التحويل قدرت ب 18 دقيقة فقط. هذا يدل على أهمية البعد الأمني لمحتوى الإنترنت ووجوب الاعتناء به لنحافظ على أمننا.
ومن الناحية الاقتصادية يعتبر الإنترنت منتجاً بإمكاننا إنتاجه وتصديره أيضا، لا أتكلم هنا عن تطوير المواقع ولكن عن استضافتها والتي تعتبر الركيزة الأساسية لصناعة و إنتاج الإنترنت. ولكن بدراسة الوضع في المملكة نجد أن خدمات استضافة المواقع تتجه من سييء إلى أسوأ حيث قل عدد المواقع المستضافة في السعودية بشكل كبير في الفترة الأخيرة. ولكن مالسبب وما الذي حدث خلال العشر سنوات الماضية!؟
قد تكون هناك عدة أسباب لعزوف أصحاب المواقع عن الاستضافة داخل السعودية ولكن السبب الرئيس حاليّاً هو غلاء الأسعار الفاحش مع سوء الخدمة. ففي بدايات الإنترنت في السعودية كان يوجد شبكتان للإنترنت تديرهما شركة الاتصالات السعودية. الأولى تسمى الشبكة المحلية وكان سعر الارتباط بها مقبولاً، أما الثانية فتسمى الشبكة الدولية والارتباط بها مكلف جدّاً. وكانت الشبكة المحلية تستخدم لاستضافة المواقع وأيضا للوصول للمواقع المستضافة في شركات أخرى داخل السعودية، أما الشبكة الدولية فتستخدم للوصول للمواقع العالمية. وهذا التقسيم للشبكة لايوجد إلا في السعودية، وقد يرجع ذلك لعدم الفهم الصحيح للإنترنت في ذلك الوقت. ولكن رغم ذلك إزدهرت في تلك الفترة استضافة المواقع داخل السعودية وخاصة مع وجود عدد كبير من مقدمي خدمة الإنترنت والتي تعتبر خدمات الاستضافة دخلاً مهمّاً لها.
لكن وبعد عشر سنوات تقريبا خسر معظم مقدمي خدمة الإنترنت، كما ألغت شركة الاتصالات السعودية الشبكة المحلية وطلبت من مقدمي خدمات الإنترنت الربط عن طريق الشبكة الدولية فقط. في المقابل خفضت أسعار الارتباط ولكن السعر حتى بعد التخفيض يعتبر مرتفعاً جدّاً. ونتيجة لذلك تضاعفت أسعار الاستضافة داخل السعودية فبدأت المواقع بالهجرة إلى الخارج لعدم قدرتها على الاستمرار وخاصة مع وجود بدائل خارجية أفضل في الخدمات والأسعار. فمن أقر هذا الارتفاع المفاجئ؟.
تعتبر هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مسؤولة عن تطوير منظومة الانترنت في المملكة. ولكني أجدها تقف موقف المتفرج الذي لايقدم حتى التشجيع في مجال الاستضافة. وقد وصل الوضع أن تقوم بعض الجهات الحكومية السعودية باستضافة مواقعها خارج المملكة مع أن النظام ينص على وجوب استضافتها داخل السعودية. وذلك راجع لعدم قيام شركات الاستضافة السعودية بالاستثمار في داخل المملكة وإنما اتجهت أغلب استثماراتهم إلى الخارج نظرا لتطور البنية التحتية لخدمات الاستضافة.
ولكي نستقطب شركات الاستضافة يجب أن تسن القوانين وتجهز الأرض الخصبة للاستثمار فيها. كما أن إستراتيجية تطوير منظومة الإنترنت في المملكة يجب أن تقاد من جهة حكومية لا أن تترك لشركات الاتصالات الكبرى والتي تعتبر الاستضافة خدمة ثانوية لاتساوي حتى 1% من دخلها. ولذلك نجد أنه خلال العشر سنوات الماضية لم تستثمر شركات الاتصالات بشكل جدي في خدمات الاستضافة.
ولتطوير خدمات الاستضافة تتبع كثير من شركات الاتصالات العالمية نظاماً يفصل في الأسعار بين سعة الرفع (Upload) وسعة التحميل (Download) وتبيع كل منتج على حدة. فسعة الرفع تخدم شركات الاستضافة عند تصفح المستخدمين لمواقعها أما سعة التحميل فتخدم من يتصفح المواقع. ولكن شركات الاتصالات في السعودية لا تفرق بين هذين المنتجين وتبيعهما كمنتج واحد بسعة متساوية للتحميل والرفع. ونظراً لقلة المواقع المستضافة داخل السعودية فنستطيع القول إن نصف شبكة الإنترنت في المملكة تقريباً غير مستخدم وهذا يؤثر سلباً على جودة الإنترنت، كما أنه يعد هدراً للموارد.
ولذلك تحصل شركات الاستضافة الكبرى في بعض الدول على ربط بالإنترنت بسعر التكلفة أو مجاناً (لأنها تستخدم سعة الرفع فقط) وهذا ينعكس إيجاباً على خدمات الاستضافة فتجد أن المواقع المشهورة تحصل أيضاً على استضافة مجانية عند هذه الشركات.
إن على هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات خلق بيئة مناسبة للاستثمار في مجالات استضافة المواقع بوضع السياسات والأطر التي تضمن حقوق شركات الاستضافة. كما أن أول خطوة يجب البدء بها هي طرح سعة الرفع كمنتج مستقل مع تخفيض أسعاره 90% لتستطيع شركات الاستضافة السعودية المنافسة. وهذا يساعد أيضاً على تحسين الجدوى الاقتصادية لإنشاء مراكز البيانات والتي تعتبر أساس تطوير منظومة الإنترنت في المملكة.
وأخيرا نحن اليوم نقوم بتحويل جل الإنترنت لدينا إلى الخارج وهذا يؤثر على أمننا قبلاقتصادنا. ولذلك أتمنى من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وأيضا من شركات الاتصالات أن يهتموا بأمننا ويفتحوا المجال للشركات للاستثمار في خدمات الاستضافة. ودمتم بأمن وازدهار
1
وليد
2012-01-15 08:59:03رغم انني متخصص في هذا المجال،، الا انك طرحت امورا لم اكن اخذها بعين الاعتبار. شكرا لك مقال اكثر من رائع
2
مغترب
2012-01-15 07:10:55بودي لو تتكلم عن انشاء السحابة الشبكية الخاصة وفوائدها
3
Dr.yasser
2012-01-15 02:08:04كفوا والله عطهم في الصميم.. والله ان شركة الاتصالات وهيئة الاتصالات وجهان لعملة واحدة !! لأن كل الي في ما يسمى البرق والبريدوالهاتف قديما صارو في الاتصالات السعودي، ومنهم صارو في الهيئة. وكلهم مع بعض !
4
بندر العايضي
2012-01-14 22:33:12يا عزيزي ما فيه اهتمام وتشجيع وبين وبينك شبابنا ظاعوا ب البلاك بيري والكدش وطيحني والمغازله والتفحيط والسهر ولن نتطور ما دام فيه نوعيه من الاباء بالاستراحه او بالخارج للسفريات وقلة الحياء ما فيه مراقبه للابناء والبنات انتهوا المهتمين باولادهم في العصر الماضي فقط
5
National Geographic
2012-01-14 18:01:34مقال جميل
و جواباً على سؤالك و اسئلة كثيره غيره
هو بسبب الفساد الإداري و المالي.
6
limited258014
2012-01-14 17:47:59كلام في الصميم..
7
رائد
2012-01-14 17:40:14شكراً على المقالة، لا ننسى حاجة المملكة الى مقسم انترنت وطني يجتذب شركات الاستضافة المحلية والدولية.
8
فواز الحويفي
2012-01-14 17:30:22نحن كمواطنين نرى أن الخارج أفضل لنا من الداخل وبالأخص من شركة الإتصالات السعودية وغيرها..
لأنا سنواجه مشاكل معهم , وسوف نُستغل , وسوف يتلاعبون بنا وبالأسعار
..
من وجهة نظري ما تدعو له ليس حل بل مشكلة كبيرة
9
عبدالله بن عسكر
2012-01-14 16:19:01مقال ممتاز استفدت منه كثيرا اتمنى لك التوفيق والسداد
10
النورس2011
2012-01-14 16:07:24يا ابن الحلال. انت تبي تنكبنا شوف الفلاتير الي حاطينها تاخر فتح المواقع وذا وقت محسوب على المشترك, بعدين تخيل انا في موقع حكومي متطور ومع ذلك المدراء اذا فقد احد الجرائد الورقيه ازعج السكرتير وحاس الدنيا مع ان مكتبه فيه انترنت مجاني ومفتوح. برا احسن ماعندك احد
11
عبدالرحمن9
2012-01-14 15:17:54لأننا فاسدين
12
alfateh2017
2012-01-14 14:57:10كلام في الصميم
13
الغربي
2012-01-14 14:49:25كفوووا والله العظيم أستفدت من مقالك معلومات كثيره للأمام حبيبي وشكرا.
تكفى نبي زياده وخصوصا حول الانترنت بالسعودية لأننا والله داجين بالتقنية والمعلومات.
14
محمد عبدالملك
2012-01-14 13:55:48لماذا هدر الموارد
15
فيحان المقاطي
2012-01-14 11:58:55استاذي ليتك تطرح موضوعا عن التجاره الالكترونية وعدم دعم البنوك المحلية لها - احتاج الي حسابات استقبال البطاقات الائتمانية كي استطيع بيع خدماتي وبرامجي التي انتجها - لو فعلوا لتركت مهنة التدريس واصبحت ثريا جدا جدا - فماهي الوسيله - فلاشو