السير جون باغوت غلوب (Sir John Bagot Glubb) المعروف باسم غلوب باشا (1897 - 1986م) ولقبه أبو حنيك لان رصاصة أصابت حنكه وأعقبت أثرا عليه ، فشاع اسمه بين العربان بأبي حنيك ، بلغ حبه للعرب بأن أخذ عاداتهم وتقاليدهم مثل حماية المستجير ، وأسمى ابنه باسم عربي حيث إنه تزوج من امرأة فلسطينية الجنسية وعند وفاته انتقلت إلى الكويت ، ومعها ابنها فارس الذي يتحدث العربية بلهجتنا البدوية بطلاقة كما نتحدثها نحن بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية .
وقد خلّد الشعر النبطي غلوب باشا في قصائد منها:
حلفت ما قلتها يا "غلوب"
وحياة خلاّق الأنفاسي
ألبس زبونك وأجرّ الثوب
واحطّ تاجك على راسي
وكذلك في الأبيات التالية التي تشير إلى ترك البدو حياة البداوة ، ومشكلات الغزوات بين القبائل:
يا راكب اللي ما هي دنّا
منوة غريبٍ يدنيها
عن دور "ابو حنيك" هوّنا
وعن المغازي وطاريها
في كتاب غلوب باشا "حرب في الصحراء" الذي ترجمه الباحث الكويتي الأستاذ عطية الظفيري الذي بذل جهداً كبيراً في ترجمته حتى أنه وضع النصوص النبطية الأصلية في الكتاب ، وأهداه إلى علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر الذي حفّزه لترجمة مذكرات غلوب قبل وفاته (الجاسر) رحمه الله قائلاً: "إلى الصرح الشامخ في تاريخ النهضة العربية الثقافية المعاصرة ..." وراجعه السيد فارس غلوب باشا ، نقرأ في الفقرة الخامسة تحت عنوان "شخوص المسرحية" يذكر غلوب عن طبيعة حياة البدو في أن طبيعة حياة أهل البادية تتطلب قليلاً من الوقت للعمل الذهني الصارم ، وتتيح كثيراً من الوقت للتأمل والتفكير ، فأوقات الفراغ الكبيرة ، واتساع الصحراء وبساطتها ، ومطاردة الموت الدائمة للإنسان ، كل ذلك جعل العرب يتأملون في وجود الله ويفكرون بمعنى الحياة .
وعن سمو النفس البدوية يذكر غلوب أنه مهما كان سمو النفس في وسط الجزيرة العربية في التأمل في قدرة الله والتفكير في الموت ، عندما يجلس الإنسان محدقاً إلى الأفق الأزرق البعيد في صحراء شاسعة مترامية الأطراف ، سرعان ما يعود ألم الجوع الحاد المفاجئ ليثبت وجوده فغالباً ما تنتهي حركاته الدينية النبيلة إلى سعي إلى السلب .
ويؤرخ قلوب لما قبل معاصرته للبدو أنه قبل خمسين عاماً أو أكثر كانت حياة البدوي تتسم بالغطرسة ، والوحشية والطمع والعنف خاصة نزوعه إلى السلوك المتعالي الذي لا يطاق نحو غير البدو ، فحسب وجهة نظره ، كان غير البدو أدنى منه منزلة ، لذلك فإن الفلاحين وسكان المدن عندما يقعون بين أيدي البدوي يقابلون بمعاملة تسلطية قاسية ، ولكن لو نظرنا إلى البدوي بصورة متوازنة ، إلى الجانب الآخر من سلوكه ، فسنجد النبل والكرم والرومانسية في حياته . وحين عودتنا لكتاب غلوب باشا نجده يذكر ان من أهم سمات البدو القدماء المميزة واللافتة للنظر هي شغفهم بالشعر ، ويؤكد على أن كثيراً من الأمم قدمت شعراء كانوا من رجال القلم والثقافة ، إلا أن الشعراء البدو الذين يكاد لا يحصى عددهم هم أميون وبسطاء ، ومع ذلك فنظمهم للشعر يختلف عن شعر الفلاحين المقفى الجاف بل هو محكوم بالتقاليد الفنية الموغلة في القدم ، فالشاعر يوظف المفردات المتعددة والمكثفة في شعره ويهتم بالإثارة في أسلوبه وتناغمه ، فيصبح شعره ذا جرس موسيقي أخاذ ، والملاحظ أن إحدى الخصائص المميزة للبدوي التقليدي هي صراحته وتحفظه وغياب المراوغة ، وقد انعكست هذه الخصائص على القصيدة الشعبية البدوية التي تمجد البطولة ، فنجدها تشتمل على الكثير من أوصاف الطبيعة ، والسماء ، والغيوم ، وقطرات المطر المتساقطة على الأرض الظمأى ، وبالطبع ، المعرفة الحميمة للحيوانات ، ويذكر أن هناك قليلا مما يمكن أن نطلق عليه الروحانية الحقيقية ، ولم يكن رجل القبيلة عالم نفس حاذقاً ، وأن البدو يتقبلون الآخرين كما هم ظاهرياً ، دون أن يتعمّقوا في تحليل عقليتهم ، فيتناول الشعر البدوي نزعة الشجاعة المتعلقة بأساسيات اهتماماتهم مثل الحرب ، والكرم ، والضيافة ، والحب ، ويصوغ الشاعر قصيدته بطريقة رائعة وأسلوب رنان تختلط فيها الحماسة والإحساس المرهف ، وأن الشاعر البدوي يهدف إلى أن يتلو من الذاكرة قصيدته بطريقة صوتيه ، وتبدو فاترة قاتمة إذا كتبت خاصة إذا ترجمت إلى لغة اخرى . ويستشهد غلوب باشا بهذه القصيدة لشيخ الصعاليك الشنفرى الأزدي التي قيلت قبل ألف ومئتي سنة :
لقد أعجبتني لا سقوطاً قناعها
إذا ما مشت ولا بذات تلفُّتِ
تبيتُ بعيد النوم تُهدي غبوقها
لجارتها إذا الهدية قلّتِ
تحلُّ بمنجاةٍ من اللوم بيتها
إذا ما بيوتٌ بالمذمّة حلّتِ
كأن لها في الأرض نسياً تقصُّه
على أمها وإن تكلِّمك تبلتِ
كما يستشهد بقصيدة "دغيم الظلماوي" أحد أفراد قبيلة شمّر ، ذاكراً أنه نظمها حوالي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ، وقد أصبح دغيم فقيراً ، إذا فقد ثروته من الإبل ، فتخلى عن حياة البادية وبنى له بيتاً من الطين في إحدى واحات نجد ، وذكر أنه على الرغم من فقره فقد ذاعت شهرته بالكرم وحسن الضيافة لعابري السبيل ، كما ذكر أن القصيدة تسجل أحد مواقفه النبيلة تجاه ضيوفه ، عندما قدمت قافلة من المسافرين بعد منتصف الليل ، فاستقبلهم بالترحاب كعادته ، إلا أن بعضهم رفض ضيافة الشاعر دغيم أو أبدى له علامات الانتقاص لأنه يسكن بيتاً من الطين ، فأنشد دغيم هذه القصيدة موجهاً حديثه إلى تابعه "كليب" الصفحات (35-36-37) . وهي على المسحوب (المديد) مستفعلن مستفعلن فاعلاتن ومنها:
ياكليب شبّ النار يا كليب شبّه
عليك شبه والحطب لك يجابِ
وعلي أنا يا كليب هيله وحبّه
وعليك تقليط الدلال العذابِ
وادغث لها يا كليب من سمر جبّه
وشبه إلى منّه غفا كل هابي
باغ إلى شبّيتها ثم قبّه
تجذب لنا ربعٍ سراةٍ غيابِ
بنسريّةٍ يا كليب يا شين غبّه
لا هبّ نسناسه تقل سمّ دابِ
متكتفين وناطحينٍ مهبّه
متلطمين وسوقهم بالعقابِ
كما يستشهد غلوب في صفحة (37) بقصيدة من المسحوب (المديد) قد تعود إلى خمسين أو ستين سنة خلت من تأليفه المذكرات نظمها أحد أفراد قبيلة شمر في نجد ، معبراً عن لهفته واشتياقه إلى ابنيه الغائبين في سورية ، حيث يعملان هناك لكسب عيشهما ، وتبدأ مقدمة القصيدة بمخاطبة :
يا راكبٍ من فوق عشرٍ على اللون
شعلٍ يهاوزن الأظّله خواتِ
عشرٍ على عشر اهلهن يتبارون
مثل الجريد ارقابهن جاسياتِ
فجّ المناحر طولهن تقل مازون
قب الضّلوع متونهن نابياتِ
ياغوش كان انتم لحوران تبغون
يا موفقين الخير صلّوا وصاتي
خوذوا كلامٍ بالصناديق مكنون
كلامٍ احلى من حليب الفتاةِ
بالله عليكم ريّضوا شرب غليون
ليا ما نحطّ الحبر فوق الدواةِ
وحوفوا عليهن ليا نويتوا تمدّون
وحطوا قراميش الخلا الوالماتِ
حطوا الجدي يمينكم لا تتيهون
وارعوا النعايم سبعةٍ بيّناتِ
سلّم على اللي مددوني وخلّون
سيف وشوردي نور عيني شفاتي
قل لهم ابوكم حالفٍ غير تاتون
وان ما لفيتوا حالفٍ غير ياتي
إن كان صيدك قلة المال وخزون
ما تطوّل العمر القصير الغناةِ
دنياك ما دامت للأيدا وسعدون
وتفٍّ على دنيا وراها المماتِ
ويذكر غلوب في الصفحات (38-39) أن معظم الشعر البدوي يتناول الحرب أكثر من تناوله الحب ، إذ إن الشاعر مثل كل محاربي الأمم الذين لا يتورعون عن أي شيء أثناء الحرب ، وأن الشاعر البدوي يبدأ شعره بالدعاء إلى الله بأن يكون النجاح حليفه خلال مهمته بالبحث عن الغنائم أو الأسلاب ، لتكفي كمصدر رزق له مستشهداً بقصيدة يذكر المترجم عطية الظفيري في الحاشية بأنها للشاعر الكبير سند الحشار الظفيري . وهي على المسحوب (المديد) :
يا راكبٍ من فوق ملحا معفّاه
ليا روّحت تشدا رفيف المحايل
ما تداني المشعاب يلمس مقفّاه
ضفّت ثفانه بالفخوذ الجلايل
وفي الفصل التاسع تحت عنوان "طلعات في صحراء الحجرة" في الفقرة الثالثة يذكر غلوب عن المرأة البدوية أن من واجباتها جلب الماء إلى بيت الشعر للاستخدام المنزلي ، إذ نجد مجموعة من الفتيات اليافعات وهن يحملن قربهن واقفات بالقرب من فوهة البئر بانتظار وصول الدلو ليملأن القرب . وأثناء كدح هؤلاء الشباب يغنون "أهزوجة السواني" عن متح الماء من البئر في الصحراء التي تساعد على التخفيف من ضغوطات العمل النفسية مستشهداً بهذه الأهزوجة على وزن (مستفعلن مستفعل):
الغِرو أبو جديله
أبو عيونٍ كحيله
واقف على النثيله
واقف يدير الحيله
وش حيلته وش حيله
عطية الظفيري
غلوب باشا
غلوب باشا مع البدو
1
سعد
2012-01-08 02:32:57مشكور ياستاذ / محمد العرفج على طرح المواضيع الرايعه خاصه هالايام مافيه طرح صريح فااحسن شي نرجع شوي للورى... ونتذكر الايام الحلوه
2
ضابط مت واقف او قاعد ماتفرق
2012-01-08 01:54:28غلوب او ابو حنيك هو عميل زرعته بريطانيا لتفكيك الخلافه الاسلاميه العثمانيه كما زرعت لورانس وكذلك زرعت بعض العملاء اللذين يحكمون البلاد والعباد الان في كثير من الدول العربيه الحديثه اللتي ولدت من رحم الخيانه مع الشيطان ولا زلنا عرب لا نقرأ نمجد الخونه ومن يسومنا سو العذاب
3
عطيه الظفيري (مترجم الكتاب)
2012-01-08 00:29:45أود بداية أن أشكر الاستاذمحمد العرفج على عرضه المفيد للكتاب وأود أن أوضح بعض النقاط البسيطة:أن غلوب باشا تزوج من بريطانية هي الليدي روزميري. وابنه الوحيد هو فارس دخل لاسلام وهو في العاشرة من عمره، وهو من المؤيدين لقضية فلسطين،ومن المؤسسين لحقوق الانسان الاسلامية،متزوج من فسلطينية،توفى في الكويت
4
ملاعب الفيحاء
2012-01-07 22:36:28الانجليز اذكى من اليابانيين
5
الشمررريه
2012-01-07 20:26:06الا ابي انشدكم هو يوم اليهود خذو فلسطين بال48 كان ابو حنيك قايد للجيش الاردني
6
النوخذه
2012-01-07 20:18:27عرف غلوب باشا بين القبائل العربيه فى الشام
والجزيرة العربيه بأسم "أبو حنيك" فهو مؤسس
الجيش العربى الاردنى وبقى فى منصب قيادة
الجيش الاردنى حتى اعفاه الملك حسين رحمه
الله من مهامه عام 1956م0
7
عجب
2012-01-07 19:21:23يا سبحان الله نكتب عن غلوب ولورانس العرب وهم من خدع العرب
وضحك عليهم ومن جاب الهيود لفسطين غير اللي أرسلهم لجزيرة
العرب الا ستعمار البريطاني
8
Raief mum
2012-01-07 18:36:48من الضباط الانجليز الذين انتدبتهم انجلترا لتفكيك الدوله العثمانية بتشجيع القبائل علي الانفصال واثارة النزعات القبلية وزعزعة الاستقرار داخل الدوله العثمانية وتشجيع الحركات الانفصالية
9
زائر اردني
2012-01-07 17:48:31اللباس العسكري الذي يرتديه ابو حنيك او جلوب في الصور الثلاث هو لباس الجيش العربي بالشماغ المهدب جيش الاردن ايام كان قائدا له قبل ان يتم اتخاذقرار بتعريب الجيش وتولي القيادة من الاردنيين والجيش الاردني الى هذه اللحظه يحمل شعار الجيش العربي
10
كريم الحلو
2012-01-07 17:25:30كان من أشهر وأذكى المستعمرين في أرض العرب..
11
العتيبي.
2012-01-07 15:34:01من الضباط الانجليز الذين انتدبتهم انجلترا لتفكيك الدوله العثمانية بتشجيع القبائل علي الانفصال واثارة النزعات القبلية وزعزعة الاستقرار داخل الدوله العثمانية وتشجيع الحركات الانفصالية امثال اورنس العرب وابو حنيك وغيرهم
12
قصيمي
2012-01-07 15:24:32اين اجد هذا الكتاب..؟
13
احمد
2012-01-07 14:32:44لكن يبقى أن غلوب باشا الجاسوس الإنجليزي الذي وضع في البادية ليعيش معهم ومن ثم يتولى قيادة الجيش العربي , ولكن للأسف في مصلحة اليهود.
مساكين نحن العرب كم خدعنا وللاسف نستمر نبجل ونكتب عمن خدعنا بما يمجدهم.
14
متمم المقالات
2012-01-07 12:54:55بقي في منصب قيادة الجيش العربي الأردني حتى 2 مارس 1956 حيث أعفاه الملك الحسين بن طلال بالتنسيق مع حركة الضباط الأحرار الأردنيين من مهامه في قرار تعريب قيادة الجيش العربي التاريخي. وكان هذا القرار بمثابه صدمه للإمبراطوريه البريطانية وأدى إلى تدهور العلاقات الأردنية مع بريطانيا وأميركا وحلفائهما. امضى
15
الحر المستنير
2012-01-07 12:28:43اسرة الجاسر عريقة و غنية و كلهم مثقفين
حفظ الله اسرة الجاسر سواء السبعان او الحروب كلهم على العين و الراس
اخوكم محمد العتيبي
16
شموع
2012-01-07 12:15:26سلام منى ليمناك عساك دائم السلامى...!!
17
منتهي
2012-01-07 09:53:57عندي سؤال
الحين فارس هذا وش جنسيتة؟؟؟
اذا هو بريطاني تكفى قله حولك سلف
18
سارى11111
2012-01-07 09:50:35هذا ايام عز الأمبراطوريه البريطانيه اما اليوم افل نجمها سبحان مقلب الأحوال.
19
fahad9
2012-01-07 09:20:54ابو حنيك... تاريخ