نعم.. لقد تخيلت في مخيلتي مدينة أحلام تعتمد على نظام أساسه قيم الدين الذي ندعي انتماءنا له. فلا حسد ولا غل ولا عقد نفسية ولا كراهية بين الناس خصوصاً بين المواطن وأخيه الموظف. تستخدم نظامها وتقنيتها لترسيخ القيم القائمة على العدل والحب والإحسان والرحمة.
نعم نظامها يصنع الحب، وقد يقول قائل إن هذا ضرب من الوهم والأحلام وتخيلات لا وجود لها. ولكنني أجزم بأن ما أدعيه صحيح. أي أننا نستطيع أن نصنع الحب والخير بالنظام وبالنظام نصنع الحقد والكراهية والشر والفساد والبلاء والظلم العظيم. نعم أنه صناعتنا وعليه علامتنا وتاريخ إنتاجه وصلاحيته. بل أجزم أن ما نقوم به من محاولات للتنظيم سيكون فيها الخير لو كان لدينا قدر من العلم والدراية وفيها الشر والفساد دون أن ندري. نظن الإصلاح وهو عين الخراب. على أية حال لم يكن هذا ما أريد قوله في مقالي هذا لكنني للاسف انقدت إلى ما جال في خاطري من خواطر تجتاحني بين حين وآخر وشعور لم أتمكن من التخلص منه حول ما آلت إليه قيمنا وأخلاقنا وما نتج عنه بعد ذلك من ما نراه من مدن ومنشآت وتخطيط فوضوي عبثي. أراه انعكاساً لقيمنا التي نتعامل بها. فاعذرني أيها القارئ الكريم على ما تجده من تشتت وفوضى في الأفكار يصيبني. فكما يقال الإنسان ابن بيئته وبيئتي كما تعلم هي الفوضى والإحباط والشعور بالغبن.
أعود مرة أخرى لأتخيل تلك المدينة التي أتمناها. فاتصورها انها تقع في مكان ما من هذه البلاد، حيث لا ملكية للأرض فيها لأحد كائناً ما كان.. ذات مساحة تكفي لما لا يقل عن عشرة ملايين نسمة. ولو بحثنا عن هذه الأرض سوف نجدها إن شاء الله. قد يقول قائل إنها إن وجدت سوف تكون بعيدة جداً (وهذا مانع لا حل معه) وقد يقول قائل إن الناس لن يأتوا إليها (وهذا مانع لا حل معه) وقد يقول قائل إن تكلفة إنشائها غير مقدور عليها (وهذا مانع لا حل معه) وقد يقول آخر جميع الأراضي مملوكة إلا إذا فكرت في الربع الخالي (وهذا مانع لا حمل معه) وآخر قد يقول كيف تكون القاعدة الاقتصادية لهذه المدينة وكيف يمكن صناعة اقتصادها (وهذا مانع لا حل معه) وآخر يقول إن الناس قد اجتمعت في المدن من أجل وظائف الدولة والجامعات والمرافق الحكومية فكيف يترك الناس أعمالهم لينتقلوا إلى مدينك الخيالية (وهذا مانع لا حل معه) وآخر يقول إن علاقات الناس الاجتماعية المترابطة لا يمكن أن تنزعها بين يوم وليلة لينتقلوا إلى هذه المدينة (وهذا مانع لا حل معه).. ومع هذه الموانع القوية الحقيقية إلا أنني اعتقد بل أجزم بأن المدينة الحلم هي الحل الحقيقي لكومة من مشاكلنا سوف آتي إليها لاحقاً ومبيناً أن تلك الموانع ليست إلا أوهاماً لا حقيقة لها..
1
المهندس طلعت محمد القاهره
2005-06-02 22:43:40بين الجنون والعبقريه ..شعره ، وكاتب هذا المقال حريص هلى الاحتفاظ بعقله فى زمن يندر فيه التوازن العقلى فقد استهل المقال شاطا فى الأمانى مجنحا فى الأحلام ، الا انه استرجع عائدا للحسابات المنطقيه المقيده بالثوابت والمحددات ...
ولا ادعى علما بالغيب او نفاذا لفكر الأخ المهندس الأديب بل اتصور ان ما يقصده بتأكيد وجود المدينه الحلم هو كالتالى : ان هذه المدينه هى "كل" مدينه قائمه فى بلادنا ، بشرط تفريغها من .... الصراع والتكالب على الماده وكافه مثالب الحياه التى نعيشها نتيجه المخططات الشيطانيه التى تنسج وتنفذ ضدنا على مدار الساعه بلا كلل ..
المدينه قائمه وقد اشار اليها الكاتب عندما احال امر الاصلاح او الافساد للنظام ..نعم فالنظام الصالح يضع السياج الذى يحدد حركه الجماهير وايضا يحميها ..لمن لا يصدق اليكم هذا النموذج الحقيقى ا(وقد عايشت هذه التجربه منذ ما يزيد عن خمسه م عشرين عاما ) .. فعند سفرى من القاهره (العاصمه )الى اسوان ( بأقصى الجنوب ) بالسكك الحديديه لاحظت الانضباط فى كل شيىء حتى مظهر مدقق التذاكر، والركاب آمنون مطمئنون لوجود كرسى محجوز لكل تذكره ، لتأكد الجميع من "قوه " النظام .. فاذا حان موعد العوده من اسوان ووقفت على الرصيف ؛ فما ان يهل القطار على اول الرصيف حتى يبدأ التزاحم والتدافع وترى كل ما لا تود تخيله
رغم ان القطار واحد والركاب هم نفس الركاب فماذا حدث ؟! ..عدم ثقه الجماهير بتنفيذ الانظمه فى هذا المكان القاصى دفعهم للقلق واستخدام قانون القوه الفرديه الذى نراه الآن فى كل مكان المشكله اذا فى النظام لا فيمن ينتظمون وقس على ذلك .