هناك معايير لكل شيء ، والمعايير هي التي تحدد كثيراً من الأمور القائمة ويستعان بها لتحديد الكثير من الأمور القادمة ، وكلما كان هناك اتفاق على هذه المعايير كونها تخدم الإنسان ومجتمعه كانت الاستجابة لها سلسة وأتوماتيكية ، وهناك معايير مكتوبة كأنظمة ومعايير يوجدها الناس حسب توجهاتهم ، وفي الغالب ان المعايير التي يوجدها الناس ويتمسكون بها أقوى حضوراً وأكثر تداولاً من المعايير المكتوبة ، وهذه المعايير الذاتية هي التي تشكل المجتمعات وتسيرها وأحياناً تطلق مسميات على بعض المجتمعات تتناسب مع هذه المعايير التي يتبناها فئة من المجتمع ، فكثيراً ما نسمع كلمة مجتمع متشدد أو مجتمع محافظ ، في الغالب تكون هذه التسمية مبعثها وضع المرأة في المجتمع وكيفية التعامل معها ، فعندما نسمع كلمة المجتمع الفلاني متشددة مباشرة نعرف أن هذا المسمى أطلق عليه نتيجة تشدده مع المرأة بالذات فليس هناك أمور أخرى يمارسها هذا المجتمع سيصبغ عليه صبغة التشدد إلا تعامله مع المرأة ، كما أن هذه الكلمة ( مجتمع متشدد ) يقول لنا أيضاً ان المرأة في هذا المجتمع مسلوبة الحق ، علماً أن هذا التشدد لا يسميه فاعلوه تشددا وإنما محافظة أو تدين !! وللأسف ان المحافظة والتدين في نظرهم لا تتمثل إلا بمصادرة حقوق المرأة والتضييق عليها كونها في نظرهم مفتاح الشرور !! فالتضييق عليها هو حماية للرجل والمجتمع !! ولو ناقشتهم بشرعية وموضوعية لاكتشفت الإفلاس في حوارهم ، وقد رأينا الكثير من هذه الفئة يحضر الآية القرآنية والحديث النبوي إما منقوصاً أو في غير مكانه ، وهذا النوع من النقاش أحد صور التشدد وليس التدين !! هذه الفئة رغم هشاشتها إلا أن صوتها هو الأعلى وهذا الصوت العالي يحسبه البسطاء من الناس أنه القوة والحق فيتبعوه إما لرؤيتهم أن كل شيء عالٍ وضاج هو الصح أو تفادياً للإزعاجات ، حيث ان التابعين يرون أن هؤلاء يمثلون الشرع الحق وأن التقصير في التابعين الذين ينظرون لأنفسهم الهداية ، ويتمنون الانتماء لهذه الفئة فأول خطوة لتحقيق الأماني تكون عن طريق التضييق على النساء ومعارضة الجديد الذي ينسف التقليدي الممارس عليها ، والاعتراض ليس لتفكير ودراية وإنما انسياق خلف من جعلوهم مرجعهم ومصدر معرفتهم ، لذا ظهرت أشهر كلمة يتم تداولها هل ترضاها لأختك أو أمك أو ابنتك أو زوجتك ، وتستخدم لأي أمر عادي وبسيط يخص المرأة وهذه الجملة تحوله لأمر كارثي وعار فمن تقال له يستحضر رجولته فيمنع المرأة عن الفعل الذي كانت ستقوم به دون التفكير ، هذه جملة شتيمة وتقليل من شأن الرجل تقال على هيئة سؤال ، ألم يجرب شخص أن يقول له أحد ما هذه الجملة فيقول نعم أرضى كيف سيكون موقف من يرى نفسه ناصحاً وموجهااً ؟ .