ربما فرح كثير من الليبيين والعرب على بقاء سيف الإسلام القذافي حياً بعد اعتقاله. ربما ليس حرصاً على تحقيق المحاكمة العادلة، ولا للالتزام بقوانين الأسر، وفق تعليمات الإسلام والمعاهدات الدولية، بل شوقاً لسماع أسرار تكشفها أكثر الشخصيات جدلاً في ليبيا.

الدكتور سيف الإسلام القذافي لم يكن مسؤولاً في ليبيا، ولا أحد يعرف له دورا سياسيا بارزا في بلاده، سوى الحضور الإعلامي، والمشاركة الاستعراضية في بعض الملفات المثيرة؛ اطلاق سراح المتطرفين، والعودة بعبدالباسط المقراحي من بريطانيا، ومع ذلك هناك رهان كبير على سماع أسرار لم يحصل عليها الرأي العام من والده، لو قدرت الظروف محاكمته، وليس قتله.

ربما مع المتشوقين لأسرار سيف الإسلام حق في انتظارهم، فالعادة العربية أن أبناء المسؤولين يشاركون في التفاصيل كثيراً من دون صفة واضحة. ولعل جمال مبارك خير مثال مصري، وكذلك عرب كثيرون يطلعون على أسرار الحياة السياسية، لمجرد أنهم أبناء مسؤولين يحضرون الاجتماعات الخاصة، ويطلعون على ما لا يحق لهم معرفته.

ولكن، ليس من الضرورة أن يصدر عن سيف الإسلام ما ينتظره الجمهور. اللبنانيون ينتظرون معرفة ما جرى لإمامهم موسى الصدر، واليمنيون حول علاقة نظام والده بالحوثيين، والتونسيون بعملية تنصيب زين العابدين بن علي رئيساً، والسعوديون عن محاولة اغتيال ولي أمرهم، والكثير من الملفات الدامية طوال أربعة عقود طويت.

كلها انتظارات مشروعة. لكن التاريخ يقول لنا إن المحاكمات لا تكشف الأسرار. وخير مثال، محاكمة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. فعلى مدى ثلاثة أعوام لم تكشف للرأي العام معلومة واحدة جديدة، رغم أن المحاكمة شبه علنية. وكل ما قاله صدام كان مجرد فخره بذاته، وهجومه على الجميع. فلم يتحدث عن أسرار الحرب الإيرانية، ولا عن غزو الكويت، ولا عن المفاوضات قبل أن تغزو القوات الأميركية بلاده، ولا الأشياء الكثيرة التي انتظرها الجمهور العراقي والكويتي والعربي.

فإذا كان شخصاً بحجم صدام حسين، الذي يفوق سيف الإسلام ووالده حجماً، لم تخرج منه معلومة واحدة مفيدة، وانتهت أسراره بنهايته المشهودة، فكيف بشاب لم يخض الكثير من المعارك، ولم يشارك في الكثير من الملفات إلا بالحضور وبمجالسة والده؟ لذا لا تنتظروا كثيراً من سيف الإسلام، ولا عزاء للمعجبات.