أعرف شخصيات على قدر عالٍ من المعرفة في أمور مختلفة في الحياة ، وهم من الشخصيات البارزة في المجتمع، وممن يعتد بآرائهم على عدة مستويات ومنها الإعلام بمختلف أنواعه وجنسياته ، ميزة هذه الشخصيات أن معرفتهم مبنية على أسس ومرجعيات دينية ونظريات مستمدة من علم الاجتماع والمنطق والفلسفة أي علوم مختلفة وثرية وتنتقد بعلم وعقلانية ما نعرفه وألفنا عليه في حياتنا، ونتعامل معه بأنه الوضع الصحيح السليم.. الأدلة التي يطرحونها ويستشهدون بها تثبت أن آراءهم المختلفة عما نعرفه ونتداوله ليست مبنية ومنبثقة من رؤية ذاتية وميول شخصية وإنما مستمدة من علم واجتهاد في البحث عن المعلومة، ومقارنتها بما هو معروف ومتداول حتى ترجح بالأدلة العلمية كفة احداهما ، وبما أن المعرفة الجديدة في الغالب تختلف عن السائد وقد تؤجج بعض أفراد المجتمع وتثيرهم ضد المتحدثين العارفين ، فقد فضل هؤلاء العارفون الصمتَ على المعلومة المختلفة عن السائد وبقي ما يعلنونه من معلومات يسير ضمن السائد ليبقوا في ظل الأمن الاجتماعي ، رغم أن بعض هؤلاء مثلما ذكرنا سلفاً ممن يُعتد بآرائهم، وتؤخذ في الاعتبار على مستوى المجتمع وأفراده، وقد تتعدى آراؤهم الحدود الجغرافية لدول أخرى ، ومع هذا يؤكدون في أحاديثهم الخاصة مع من يثقون بهم أن تصريحهم بالمعلومة المختلفة قد يصيب مكانتهم ويؤثر في صدى أحاديثهم ، فمسايرتهم للسائد من المعلومات هو انحناء أمام الريح، وهذا من رجاحة العقل ومن السفاهة مواجهة الرياح ومصارعتها فضلاً عن أن الناس تعشق المألوف من المعلومات والسلوكيات !! وجاهزية المتمسكين بالسائد للهجوم والانقضاض على المخالف جعلت معلومة هؤلاء العارفين تبقى محدودة في المجالس الخاصة الموثوق بجالسيها !!

المؤلم أن هؤلاء أصحاب المكانة من العارفين لايرون بأساً ولا ذنباً في كتم العلم الذي يعرفونه بل يعتبرون سلوكهم هو الأسلم والأعقل فتغيير الناس أمر عسير في نظرهم، وخسائره أكثر وأكبر من أرباحه..

ما يزيد الأمر سوءاً أن صمت هؤلاء العارفين المؤثرين في المجتمع وفي نفوس الناس جعلهم مساهمين في وضع المخالفين للآراء السائدة في خانة المتهمين ،المخالفين وبمعنى أدق المعلنين عن آرائهم الذين يصرحون جهراً ما يعتقدون به سراً!! الصمت يساهم في اتهامهم والنيل منهم رغم أن هؤلاء العارفين يتفقون مع المعلنين في أمور كثيرة ولكن في السر!!

تكتم هؤلاء العارفين على المعلومة يجعل نسيج المجتمع متشابهاً جداً بصرف النظر عن الفئات والطبقات ، العارف صامت انسياقاً للسائد، والذي يعتقد أنه عارف لا يبحث عن الجديد والمختلف حباً وتمسكاً بالسائد .

الخوف هو أن نبقى سنوات أخرى ندور في نفس الدوائر المعروفة لأنها السائدة والمقبولة..