مثل كل عام، سنكون على موعد مميز مع الفتاوى الدينية المثيرة والصاخبة. الشعب ترتفع عنده غريزة الاستفتاء، وأهل الفتوى كثر، ويتحفزون لمثل هذه اللحظات الذهبية مع كل سائل، بداية من الأسئلة الفارغة إلى الأخرى المفخخة.

ورغم التبعات القاسية على بعض أهل الفتوى من المتحمسين جداً، والذين يستعجلون الإجابة، إلا أن وتيرة الفتاوى السريعة لم تهدأ سوى لأشهر قليلة، حيث عاد كثير من الذين استجابوا للقرار الرسمي بحصر الفتاوى على أعضاء هيئة كبار العلماء إلى الإفتاء السريع والجاهز عند كل سائل.

ومن حسن حظ البلاد والناس في شهر رمضان الماضي أن القرار الرسمي بحصر الإفتاء قد صدر مع مطلع الشهر، فاستجاب الجميع، ونعم الناس من شرور الفتاوى المفخخة والغريبة، واليوم، والبلاد تعيش الذكرى الأولى لذلك القرار، يجوز السؤال عن مصير القرار، وسبب تراجع فاعليته، خاصة مع العودة السريعة لبعض المثيرين في الأسابيع الأخيرة.

وربما أكثر الأسئلة طرحاً هو حال مخالفي القرار، من الذين واصلوا إصدار الفتاوى المزعجة اجتماعياً وسياسياً، من فئة فتاوى التحريض والتخوين وتقويض بنيان الوطن، وفيها تعد صريح على الفرد والمجتمع، وأشياء غير معقولة لا تمت إلى إنسان الحاضر، وهل تم سؤالهم ؟ وهل هناك عقوبات طالتهم أو أي شيء من هذا القبيل؟

والبلاد وهذه الحال تجد نفسها أمام فئتين من أهل الفتاوى الغريبة، إما أنهم رجال كبار في السن يحيط بهم شباب ثائر يفخخ لهم أسئلة العامة، فيستجيبوا لها فوراً من دون التفكير في عواقب القول، وهم في حالهم هذه يبرزون ما تكنه صدورهم وأفكارهم، أما الفئة الثانية، فتلك يفترض أن تكون شابة نسبياً، ومعاصرة، وحاضرة في العالم الجديد بكل تفاصيله الإلكترونية، ولا عذر أمامها في عسر فهم حال المجتمع وتطوره، لكنها تختار طريق التعبئة الجماهيرية، لاقتناص جمهور متعطش إلى رجل دين قائد، بعد تواري الكثير من رجال الدين الثوريين.

لكن، ما الذي يمكن ملاحظته في الفترة الأخيرة؟

الواضح تماماً أن بعض الفتاوى أصبحت بلا أثر يذكر على الأرض، ولا يمكن لها أن تخلق رأياً عاماً في المجتمع. غير أنها تبقى للأسف فرصة للتندر داخلياً وخارجياً، وتحدث ضرراً بتفاعل قلة معها، لذا تبقى خطورتها، حتى وإن كانت أضرارها في 2011 أقل بكثير من 2001.