في الأشهر الأخيرة كانت الأنظار إلى أوروبا، تحسباً لعمل إرهابي تنفذه "القاعدة". خاصة ضد البلدان المشاركة في الحلف الأطلسي في أفغانستان. والنرويج واحدة منها. لكن الفعل الإرهابي البشع جاء هذه المرة من طرف آخر، لا يقل فظاعة عن أهل "القاعدة" وأحبابها.

المتطرف المسيحي، ابن البلد الأصلي، نجح في إلحاق الضرر الهائل ببلاده، فيما اقتصر نجاح المغترب العراقي في السويد على قتل نفسه، وكذلك الصومالي في الدنمارك باعتقاله سريعاً. هؤلاء، المتطرف المسيحي والمتطرف المسلم؛ العراقي والصومالي، جميعهم يفكر بطريقة واحدة، ويسعى إلى تحقيق أكبر قدر من الإيذاء البشري.

فالتطرف مرض متشابه في جميع الأديان، ولا فرق بين المسيحي الأصولي والمسلم الأصولي في رؤيتهما تجاه الآخر والمجتمعات. ففي حالة الإرهابي الأخير، فقد وصفته السلطات النرويجية بالمعادي للإسلام، وذلك لا يفرق عن عضو "القاعدة". فالأول يعادي الإسلام عن قصد والثاني عن جهل.

رغم أني لم أجد سبباً واحداً للتركيز على كراهيته للإسلام وللمسلمين. فالهدف الذي قصده لم يكن مسلماً. تجمع الشبان في الجزيرة لم يكن مسلماً، ومقر الاستهداف في العاصمة لم يكن كذلك أيضاً. هو يكره مجتمعه بالدرجة الأولى، وربما يكفره، أسوة بالتكفيريين بيننا. ولذا ألحق بأهله ووطنه الأذى. هو يشبه عناصر "القاعدة" في تفجيرهم الأسواق في بغداد، ويشبههم في هدم المساجد على رؤوس المصلين.

كلاهما مريض؛ الأصولي المسيحي والأصولي المسلم. فهما يسعيان إلى القضاء على مخالفيهم. ويعيشان على الدمار ورائحة البارود. ولا يعترف الواحد منهما بحق الوجود إلا له ولمن يشبهه، وهم قلة في كل بيئة وفي كل مجتمع طبيعي.

وفارق الأصوليين المسيحيين عن نظرائهم الإسلاميين، قلتهم العددية في المجتمعات. المتطرفون في أوروبا وأميركا أقلية متروكة، ولا تمثل قيمة اجتماعية أو سياسية عالية. فحضورهم محدود، وجمهورهم لا يذكر، بعكس الحالة الإسلامية، التي نشهد فيها الوجود المتطرف حاضراً في مختلف المناسبات.

متطرفو أوروبا قضت عليهم مجتمعاتهم ولفظتهم، بعكس حالة الاحتضان العربية. وهنا الفارق بين ردود الفعل بين هجمات 11 سبتمبر قبل 10 سنوات وحادثة النرويج اليوم. فالمجتمع الغربي رفض العنف والقتل، وأصوات المباركة تكاد أن تكون منعدمة، بينما علت أصوات الإعجاب في مجتمعنا المسلم إلى درجة الفضيحة.

ولذا كانت الهجمة على الإسلام والمسلمين طبيعية، طالما ان التأييد بارز لفعل الدمار، بينما لا تصيب المسيحية والمسيحيين الهجمة ذاتها.