كما مثلتْ شركة أرامكو حالة إنقاذ تنموي للبلاد، وتحول مركزها في الظهران إلى غرفة طوارئ لإنقاذ المشروعات المتعثرة، كانت الحال مع اختيار فرانك ريكارد مدرباً لمنتخب كرة القدم.

فمما لفتني في موضوع المدرب الهولندي، وهو نجم في مختلف مراحل حياته الرياضية، تصريح الأمير نواف بن فيصل، إذ قال إن الصلاحية الكاملة ممنوحة للمدرب، وعاد ليشدد في مؤتمره اللندني بالقول "وأنا أعني هذه الكلمة". تشديد حمل إشارة صريحة إلى وجود خلل سابق في التعامل مع الأجهزة الفنية المستقطبة لتطوير رياضتنا.

والحال في اللجوء إلى أرامكو لا تختلف عن ريكارد، كاسم صعب معلوم النجاح، فالشركة تنال مشروعات الطوارئ بصلاحيات واسعة تشبه صلاحيتها وحياتها الإدارية، من دون مضايقات بيروقراطية، أو تدخلات خارجية، وفي كلتا الحالتين إقرار رسمي بوجود معوقات في مسيرة التنمية يعلمها أهل القرار، ولا يقدرون على علاجها، سوى بالبحث عن قوانين الطوارئ، وأرامكو هي إحدى مواده في بلادنا.

المهم ألا تكون البلاد في حاجة مستمرة إلى قانون الطوارئ. وأن تؤمن المؤسسات الكبرى في الدولة بوجود خلل كبير، وتحدد المكامن، المعيقة لمسارها التنموي، وأن تعمل على علاجها، أو تقلل من أضرارها، وذلك أضعف الإيمان؛ لأن تكرار اللجوء إلى أرامكو، سيقضي على آخر مؤسسة محترمة في البلاد، وهي الملامح التي بدأت تلوح في الأفق، فعلاً، وللأسف.

فأم الاقتصاد السعودي وعماده ليست كما كانت سابقاً. فقد بدأت علامات الشيخوخة الحكومية تتسلل إلى ملامح وجهها النضِر والمليء بالحيوية. وأخذت علامات الخمول تتضح أكثر على مشروعاتها التنموية، بعد أن أُرهقت بمشروعات ضخمة لم تكن مهيأة لها سابقاً، وهبطت عليها فجأة، كما كانت مفاجأة ريكارد، ابن الخمسين، العاطل عن العمل، والذي تلاشى السواد عن شعر رأسه.

أكرر ثقتي بالأمير نواف، وسعادتي بشبابه، وقدرته على تقليص أخطاء أهم مؤسسة شاملة للمجتمع السعودي وتحسين حالها. وفي تصريحه المختلف، دلالة على وجود نية صادقة للعلاج، حتى وإن كانت على طريقة أرامكو، إذ يبقى ذلك اعترافاً غير مباشر بأخطاء سابقة. وأولى مراحل العلاج الاعتراف بالأخطاء.

والتحدي أمام مسؤول الرياضة الأول هو الإيفاء بالعقد مع المدرب، بالإبقاء عليه إلى 2014، مهما كانت النتائج، وضمان تحقيق وعد الصلاحية الكاملة، وألا يكون كبش فداء، طالما كان تعهداً أمام الرأي العام في أول يوم، والحال مثلها مع مشروعات التنمية البطيئة..