يجب إزالة الوهم القائل إن تنظيم "القاعدة" سيموت بموت زعيمه، وسيتفكك بصعود نائبه إلى الزعامة. فالتنظيم خارج سيطرة القيادة العليا منذ 5 أو 6 سنوات، وقيمة القيادة، كانت في اسم زعيمه وموطنه، حتى وإن أسقطت عنه الجنسية.

"القاعدة" ستمرض حتماً مع القيادة المصرية، لكنها لن تموت. فعمل التنظيم موزع على أقطار عدة، ونشاط الأفراد لا يحتاج إلى اتصال بالقيادة الأم، الشكلية فعلاً.

فالفرع في اليمن لن ينتظر كلمة من الدكتور أيمن الظواهري لينفذ هذا العمل، ويمتنع عن ذاك. القيادة العليا انتهت فعلاً بعد فترة قصيرة من 11 سبتمبر، وانهيار المكان المقر في أفغانستان، وزاد عليها صعود أبو مصعب الزرقاوي في العراق، الذي ضرب برسالة أيمن الظواهري عرض الحائط، عندما رفض الانصياع لطلبه بعدم تصوير عمليات الإعدام وعرضها في وسائل الإعلام، رغم أن طلباً كهذا لابد من علم أسامة بن لادن به.

هيبة القيادة العامة في التنظيم زالت آنذاك، عبر الإطاحة بكلمة أسامة، الذي لابد وأنه شعر بفقدان السيطرة على جموح الزرقاوي البعيد، والمستحوذ على أسهم السوق في أكثر الساحات نشاطاً، وأعني العراق حينها، ومن بعدها أصبحت الفروع تعمل وفق ظروفها على الأرض وما تناله من دعم اقتصادي وسياسي، حتى في عملية انضمام جماعات أخرى إلى "القاعدة"، مثل الجزائر، وبكل تأكيد مثل العراق بقبول الزرقاوي العمل تحت راية "القاعدة"، كان الدافع الأكبر هو الاستفادة من زخم الاسم، الذي تحول إلى علامة تجارية، تتكفل بتوفير المزيد من المجندين والأموال والفتاوى، وحشد الأتباع إلكترونياً، وتضخيم الدعاية الإعلامية، ومساعدة الخصم (الحكومات) على تجييش العالم، الذي ترى فيه "القاعدة" فرصة للتعبئة المضادة.

التنظيم اليوم لن يموت، رغم أن شخصية قائده الجديد الدكتور أيمن الظواهري تساعد على إلحاق الخسائر بأي عمل يقوده. هو مدير فاشل بكل ما تعنيه الكلمة، وأكثر من أضر بالجماعات الإسلامية المسلحة، بشهادة الكثير من الذين انشقوا عنه، ويئسوا من استراتيجية عمله في مصر والسودان والبلقان وباكستان وأفغانستان.

ووجوده اليوم على رأس الهرم، سيقضي على كل ما تبقى من مظهر شكلي للقيادة العليا، وربما يعيد التنظيمات الملتحقة ب"القاعدة" في العقد الأخير إلى أصولها السابقة، أو يتسبب في انشقاقات جديدة، أو ظهور جماعات إسلامية مسلحة، تنتهج نهج التنظيم ولا تتبع له.

لذا، تمرض "القاعدة" ولا تموت..