رغم الاهتزازات التي تتعرض لها خطواتنا الاجتماعية فمرة نتقدم ومرة نتأخر ، وأظن أن النكتة السعودية أصبحت هي مقياس حركة المجتمع وعليه أرى أن هناك تقدما سريعا إلى الإمام ، فكلما زاد انتقادنا لأفعالنا وسلوكنا فمعناه أننا نشخّص حالتنا، والتشخيص نصف العلاج ، وإذا وقعت يدك على التشخيص وأنت تضحك من الألم فمعناه أن التشخيص أدق وأعمق. ولم أر تشخيصا لوضعنا الاجتماعي مثل النكتة التي أصبح يصنعها الشعب السعودي بحنكة ومهارة حتى في حالة العاطفة والحب. ولمست هذا في زواج الأمير وليام من كيت ابنة الشعب، وكيف أن هذا الزواج الذي لا يناسب طقوسنا ( الزواجية ) فلا يوجد طرب ورقص ( التنكس ) أخذ جزءا كبيرا من أوقاتنا سواء يوم الزواج أو قبله ، فلماذا أخذ الزواج كل هذا الاهتمام من العالم بنا فيهم السعوديون ؟

ومع كل هذه الحروب والأزمات العربية مازال الإنسان ينتصر للحب ، حالة الحب حالة جذابة وممتعة للإنسان ، تعطيه أملا في غد وفي الزمن القادم ،المسلسلات التركية قلبت موازيين المشاهدة بسبب حالات الغرق في الحب وأجواء المحبين ولكن كيت ووليام اكتسحاا المشهد كونهما واقعا حقيقيا وليس عملا دراميا مصنوعا ، وليام الأمير وكيت الفتاة العادية اجتماعياً وجمالاً جعلا الكثير يعيدون حساباتهم في مفهوم السعادة ، السعادة التي لم يجدها تشارلز والد وليام مع ديانا التي ألفت سريعا حياة البلاط الملكي وتقاليده ، وأحبها الشعب البريطاني وأصبغ عليها كل وصف جميل ومخملي ، ولكن لم يحبها تشارلز، وكان يقول عنها إنها سطحية، وأحب امرأة لم يقبلها البلاط الملكي ولا الشعب البريطاني ، وكأن تشارلز له معادلته الشخصية الإنسانية . عندما يغلق باب المنزل عليه مع زوجته هل سيشاركهما البلاط الملكي والشعب البريطاني هذه الخلوة ؟ لهذا انتصرت كاميلا ، وبمعنى أصح انتصر حب كاميلا ، هناك اثنان عندما يكونان مع بعضهما ، يجد كلّ منهما نفسه في الآخر ، وهناك اثنان في غرفة واحدة ولكن بينهما مسافات بحجم البحور والمحيطات !!

السعادة قضية الإنسان الأزلية ، وسعيه الحثيث للحصول عليها ، وليام عكس صورة الإنسان القريب من ذاته جداً . يعرف ماذا يريد وأين سعادته؟! ويبدو أنه استوعب درس والده ووالدته فلم يحفل بالشروط الملكية، ولم يتزوج من بنات عمه ، وهذه من المسائل التي أوسعتها النكتة السعودية ضرباً ووجعاً !!

السعادة أن نعرف أنفسنا لنعرف الطريق ، وكثير يعرفون طريق سعادتهم ويسلكون طريقا آخر! ، السعادة أن يعكس ظاهرنا ما بدواخلنا .

يقول غراهام بل " لا تمش أبداً على الطريق المرسوم ، فهو يقودك حيث ذهب الآخرون "..