بعد حضوري حفلَ تكريم المتفوقات في التعليم العام على مستوى مدينة الرياض تأكد لي ظني بأن التعليم لدينا لا يعاني من كسر وإنما شعر ، والشعر في العرف الطبي أصعب من الكسر كونه لا يحتاج لتجبير ولكنه يحتاج لعناية ورعاية واهتمام وربطات أو مشدات معينة ، وجداتنا يستحضرن تجربتهن في علاجه من خلطات (لبخات) من مكونات شعبية ، والشعر يتدخل الوقت في علاجه مع الرعاية والعناية والعلاج الشعبي في معظم الحالات ، معظم فقرات الحفل اعتمدت على مواهب الطالبات خاصة الصوتية ، أولى الفقرات تقدمت إحدى الطالبات وأدت أغنية أبشرك حنا بخير وسلامة التي غنيت في خادم الحرمين الشريفين ، أدتها كاملة دون نقصان وبنفس اللحن ولكن دون موسيقى ، وهنا سأسال سؤالاً ساذجاً كيف حفظت هذه الطالبة الأغنية عن ظهر قلب ؟ هل حفظتها بمعزل عن الموسيقى ؟! ومن ردد معها الأغنية سواء من موظفات التربية والتعليم بمختلف مراتبهن أو من الحضور، هل حفظنها بمعزل عن الموسيقى؟

سأتولى أنا الإجابة عن هذا السؤال بالطبع لا !! الجميع حفظها وهي تؤدى بالموسيقى إذن لماذا أُديت في الحفل بدون موسيقى لأن المعازف حرام ؟ عيب ؟ لا يليق ؟ هكذا جرت العادة ؟! الطالبات الموهوبات اللائي جملن المسرح كن يرقصن ويغنين على ألحان من أغان معروفة ، كيف عرفت الطالبات أو مدربتهن هذه الألحان ؟! عن طريق أغان معزولة عن الموسيقى ؟!

لا جديد عندما نقول إن كلمة التربية تقدمت على كلمة التعليم ما يعني أن التربية تفوق أهميتها أهمية التعليم، ومن أسس التربية لإصلاح تعليمنا نحن بالذات معالجة الازدواجية التي ربت وترعرعت في مدارسنا، وما رأيته يعزز تواجدها حتى اليوم ، الازدواجية مسألة غامضة وحساسة، ولايمكن علاجها بالتجبير أقصد بأوامر وتعاميم ولكن بفطنة وحنكة، كون بعض الناس بما فيهم منسوبو وزارة التربية والتعليم يخلطون الدين بما يرونه عيباً بما اعتادوا عليه ويضعونها جميعاً في خانة المحرم !! لذا لن يقضي على هذا المعتقد والسلوك أوامر وهنا تكمن مشكلة نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات وصعوبة مهمتها في هذا الوقت بالذات كونها تتعامل مع أعراف ومعتقدات متأصلة حتى العظم، ومشكلة هذه الأعراف أنها تنمي سلوكيات غير جيدة ، فكارثة الازدواجية أنها سلوك لا حدود له فعندما تربّى الطالبة أن الأغاني بالموسيقى تسمعها خارج المدرسة وفي المدرسة تحذف الموسيقى وقد تلعن وتشتم وتجرم فهنا مشكلة بناء الشخصية !! نحن نسمي هذا الفعل ترفعاً وأدباً ازدواجية ولكنه يحمل مسميات أخرى فهو خداع وكذب وتلون، ولن يقف السلوك عند الأغاني والموسيقى ، فمن مهام التربية والتعليم أن يخرجوا لنا بنات سويات يحملن وجها واحدا وسلوكا واحدا ، وأن تكون المدرسة امتداداً للبيت والعكس ، وأن لا تخجل بناتنا أو يخفين في مدارسهن ما يفعلن في بيوتهن؛ فالبيت ليس مكانا لفعل المعاصي والمحرمات ، نريد أن يتصالح المنزل مع المدرسة..