مع دخولنا لعام 2011 م فإننا بتنا قريبين من اللحظة التي تنضب فيها جميع عناوين بروتوكول الإنترنت (IPv4)، إذ إنّه من المتوقع أن تنفد هذه العناوين بسبب الزيادة المستمرة في عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت، وهذا سيحتم على مشغلي ومزودي خدمة الإنترنت الانتقال للإصدار 6 من بروتوكول الإنترنت (IPv6) بعد تأجيل وتسويف دام أكثر من عقد من الزمان.
وحتى نفهم مشكلة نفاد عناوين الإنترنت علينا أولا أن نفهم كيف تتصل الأجهزة بهذه الشبكة الكبيرة. والأجهزة هنا تشمل الحاسبات الشخصية والأجهزة التي تستضيف مواقع الإنترنت (Server) أو تلك التي تصل النقاط الشبكة المختلفة ببعضها البعض (Router) أو غيرها من الأجهزة التي تقوم بغيرها من المهام. كل جهاز يتصل بالإنترنت لا بد أن يكون لديه عنوان رقمي، ويوصف هذا العنوان ب IP Address و IP هي اختصار ل Internet Protocol، أي بروتوكول الإنترنت والذي تقوم عليه جميع الاتصالات عبر الإنترنت. كما أن أسماء جميع المواقع (مثل http://www.alriyadh.com) مرتبطة بعنوان IP.
العنوان في البروتوكول الحالي عبارة عن رقم يتكون من 32 خانة عدد ثنائي (بت)، والبت يأخذ قيمتين فقط إما واحد أو صفر. فبالتالي لمعرفة عدد الأرقام الممكنة التي يأخذها العنوان علينا أن نضرب رقم 2 في نفسه 32 مرة، ويصبح الناتج 4.3 مليارات عنوان. ولكن منذ ما يقرب من عشرين سنة رأى خبراء الإنترنت أن 4.3 مليارات عنوان لن تكفي وذلك بسبب الازدياد الكبير المتوقع في أعداد المستخدمين والمواقع وباقي الأجهزة الأخرى المتصلة بالشبكة الكبيرة. مما قاد الباحثين والمهندسين في عام 1994 م لتصميم بروتوكول جديد للإنترنت يعرف ب IPv6 حيث خصص للعنوان 128 بت.
د. باسل عبدالله السدحان*
الانتقال من البروتوكول القديم إلى الجديد تأخر سنوات ومن أسباب ذلك التكلفة المتمثلة في ترقية البنية التحتية للإنترنت لاستخدام البروتوكول الجديد، إضافة إلى ذلك توفر بعض العلاجات المؤقتة للمشكلة. ولكن ما يكاد يجمع عليه العاملون في مجال تشغيل الإنترنت أنه في عام 2011 م سيضطر مشغلو ومزودو خدمة الإنترنت للانتقال إلى استخدام البروتوكول الجديد لأن 4.3 مليار عنوان وقتها لن تكفي!
وهنا قد تطرح مجموعة من الأسئلة ذاتها:
الأول: وما الذي يضمن أننا بعد عشرين أو حتى خمسين سنة من الآن لن نضطر للانتقال إلى إصدار جديد آخر من البروتوكول بحكم نفاد العناوين مرة أخرى؟
الثاني: ما هي العلاجات المؤقتة التي استطعنا من خلالها التعايش مع عناوين البروتوكول السابق المحدودة؟
وسؤال ثالث قد يطرحه البعض: هل يقدم الإصدار الجديد من البروتوكول تحسينات على الإصدار السابق؟
إجابة السؤال الأول: هل ستكفينا عناوين البروتوكول الجديد؟
لمعرفة إن كانت هذه العناوين ستكفي فعلينا أولا معرفة عدد العناوين الممكنة وذلك بإعادة تطبيق نفس العملية التي شرحتها في بداية المقال وذلك بضرب رقم 2 في نفسه ولكن هذه المرة 128 مرة ويصبح الناتج رقم مهولا وهو 340 مليار مليار مليار مليار عنوان. فالسؤال هل سيكفي هذا العدد من العناوين؟
الإجابة تعتمد على عدد سكان الأرض، وحيث أن عدد سكان الأرض في ازدياد مطرد إضافة إلى أنه في المستقبل يتوقع أن تكون الأجهزة المنزلية في البيت (مثل الثلاجة والمكيف والفرن) متصلة بالإنترنت فبالتالي سيكون لها عنوان، فقد لا يقتنع البعض بالاعتماد على سكان الأرض لتقدير ما إذا كان عدد العناوين كافيا. لذا علينا اللجوء إلى خاصية أخرى للأرض ثابتة وغير متغيرة.. ألا وهي مساحة الأرض. فإذا قسمنا عدد العناوين الممكنة على مساحة الأرض يصبح عدد العناوين للمتر المربع الواحد هو 670 ألف مليار مليار. فأصبح واضحا أن هذا العدد كافي جدا خاصة إذا ما أخذنا في الحسبان أن غالب مساحات الأرض من بحار وصحاري وغابات غير مأهولة.
ولكن قد يتساءل القارئ الكريم أليس هذا الرقم أكثر بكثير مما نحتاجه للمتر المربع الواحد؟ أو لم يكن الأجدر توفير عدد الخانات الثنائية (بت) المستخدمة؟ ولمعرفة الإجابة علينا أولا أن نعرف الطريقة المستخدمة في توزيع العناوين على مختلف الأجهزة. الطريقة مبينة على أسلوب هرمي مشابه للأسلوب المستخدم في توزيع أرقام الهاتف بحيث تشترك عناوين الأجهزة الموجودة في منطقة جغرافية معينة بعدد محدد من الأرقام في الجهة اليسرى من العنوان، وتشترك عناوين هذه المنطقة الجغرافية مع عناوين المناطق الجغرافية القريبة منها بعدد أقل من الأرقام في الجهة اليسرى من العنوان وهكذا. هذا التوزيع الهرمي يسهل كثيرا عمل الموجهات (Routers) بنقل وتوجيه البيانات من مكان لآخر، إذ تقوم الموجهات في وسط الشبكة بمقارنة الجزء الأيسر من العنوان وتوجهيها إلى الموجهات المعنية بالمناطق الجغرافية والتي تفحص جزء أكبر من العنوان من الجهة اليسرى ثم توجه البيانات إلى موجهات الشبكات الخاصة والتي تفحص كامل العنوان قبل توجيهه إلى الجهاز المعني. وحتى نجيب عن السؤال الذي طرحناه قبل قليل فإن استخدام عناوين أطول لا يضع قيود على توزيع العناوين بين المناطق الجغرافية المختلفة ويسمح بتوزيعها بطريقة هرمية أفضل وهذا بدوره يزيد من كفاءة توجيه البيانات من قبل الموجهات (routers).
إجابة السؤال الثاني: كيف استطعنا التعايش كل هذه الفترة مع عناوين البروتوكول السابق المحدودة؟
كان هناك عدد من الحلول التي استخدمت في طريقة توزيع العناوين، و لعل أبرزها وآخرها استخداما هو ما يعرف ب (NAT) والتي تعني Network Address Translation. وفكرة النات هي قريبة جدا من فكرة سنترال الهاتف لشركة تستخدم رقم هاتف واحد للشركة وتعطي رقم تحويلة لهواتف كل مكتب. ففي النات تتقاسم الأجهزة داخل شبكة خاصة (مثال: شبكة البيت أو مكتب العمل) عنوانا واحدا تتواصل به مع باقي شبكة الإنترنت، على أن يكون لكل واحد منها عنوانا محليا داخل الشبكة بحيث يوضع ما يسمى بNAT Router بين الشبكة الداخلية والخارجية والذي يقوم بمهمة تحويل العناوين الداخية إلى العنوان الخارجي والعكس بطريقة لا يتسع المجال لشرحها هنا.
أما إجابة السؤال الثالث حول ما يقدمه الإصدار الجديد من البروتوكول من تحسينات؟
فإضافة إلى زيادة عدد الخانات الثنائية لعنوان الإنترنت، فهناك الكثير من التحسينات أبرزها أن تصميم رأس حزمة البيانات (Packets Header) أبسط بحيث يحتوي على 7 أجزاء بدلا من 13 جزءا كما هو الحال في الإصدار السابق، وهذا من شأنه تسريع معالجة الحزم داخل أجهزة الشبكة المستخدمة. أيضا من التحسينات إزالة الجزء المخصص لكشف أخطاء إرسال الاتصال (Checksum) والاعتماد على توفر هذه الخدمة في أجزاء أخرى من الشبكة وهذا بدوره يزيد من سرعة معالجة الموجهات (Router) للحزم.
بقي أن أقول إن المنظمات الإقليمية الخمس المسؤولة عن توزيع عناوين الإنترنت على مزودي خدمات الإنترنت في قارات العالم المختلفة قد أعلنت في الثالث من فبراير أنها قد استنفدت جميع عناوين بروتوكول الإنترنت IPv4 التي كانت متوفرة لدة منظمة أيانا. وأيانا هي الجهة الدولية المسؤولة عن توزيع عناوين الإنترنت على هذه المنظمات الإقليمية الخمس. وخلال أشهر معدودة ستنضب العناوين المتوفرة لإصدار IPv4 لدى كل من هذه المنظمات الإقليمية، وحينها لن تستطيع هذه المنظمات توزيع عناوين جديدة لمزودي خدمات الإنترنت. وبناء على هذه الأحداث المتسارعة يتعين على الجهات المسؤولة محليا ودوليا المسارعة باستكمال إجراءات الانتقال لاستخدام إصدار IPv6 حتى تتم الاستفادة من التحسينات التي يقدمها البروتوكول الجديد، والأهم من ذلك حتى لا يتوقف نمو وانتشار استخدام الإنترنت في السعودية.
- أستاذ أمن الشبكات بجامعة الملك سعود
عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية لهندسة الاتصالات
1
يبلاتن
2011-04-07 00:06:45درس حاسب
2
طموح بلا حدود
2011-04-06 17:43:42العالم يعاني من نقص في Ip Addresses منذ سنين مما ادى ذالك الى استخذامهم بعض الحلول البديلة كما تفضل الكاتب NAT ولا كن السبب الرائيسي في تأخر البدء في استخد IPv6 هو تقاعس امريكا حيث انهم لا يعانون من مشكلة نفاذ IPs يقال ان بعض الجامعات في امريكا تحتفض بكلاسات من فئة B غير مستخدمة.
3
صالح
2011-04-06 17:19:50بارك الله فيك دكتورنا العزيز
4
ابوعنيد
2011-04-06 15:46:14بصراحه الموضوع شيق لكن احس جابلى صداع...!!
5
AM7plus
2011-04-06 15:18:16الرجاء التأكد من بيانات ال Packets Header
6
قصيمي
2011-04-06 15:02:20مع الاسف الشديد واقولها بكل اسف اتوقع نصف الدومينات هي موجودة بالعالم العربي تجد معلم الابتدائي لديه موقع وتجد كل حارة في كل حي في كل مدينة لديها موقع وكل شخص لديه موقع وكل من رز المشلح صار له موقع وبحكم انني تاجر نطاقات فان الدومينات لاتوقف والطلب بإزدياد لأن كلها 45 ريال فقط اتمنى رفع تكلفة الدومي
7
خالد
2011-04-06 13:06:15الله يعطيك العافية يا دكتور باسل, شرح وافي. أتمنى من جريدة الرياض ان تعطي هذا المحق "تقنية المعلومات" اهتمام أكبر.
8
عبدالحميد بن عبدالرحمن
2011-04-06 12:24:20المعلومات مفيدة لكن ما اعجبتني طريقة الطرح..
يعني الموضوع ممكن يتلخص احسن من كذا
9
خيال الظل
2011-04-06 12:23:10موضوع مفيد جدا، ويا ليت كل مره يخصص ولو جزء بسيط للتكنولوجيا واسرارها، حتى نتعلم عن النت الذى نستخدمه ليلا ونهارا ولا ندرى عنه شيئا.
لك التحيه * أستاذ أمن الشبكات بجامعة الملك سعود
10
م.أبو سليمان
2011-04-06 11:37:29شكراً د.باسل على هذه المعلومات المفيدة
11
فايز- الولايات الامريكية
2011-04-06 11:29:42سؤال بخاطري- لما لايصنعون عناون ال128 منفردة عن المستخدم الحالي ويصبح لامشكلة لدينا ويصبح التغير الى تطور.
12
ابو صالح
2011-04-06 11:01:52اخي الكريم/الدكتور باسل
أسعدني مقالكم الكريم و الموجز والذي اظهرتهم فيه وجوب تحرك الجهات المسئوله محليا ودوليا لإإستكال إجراءات الإنتقال لإستخدام إصدار IPv6 / وكلنا أمل فى التحرك حتي لا يتوقف إنتشار الأنترنت فى السعوديه.حيث أظهرت دراسات حديثه أن 80%من الإطفال فى امريكا يستخدمون الأنترنت.
13
TheFlyBirds
2011-04-06 10:18:59عنوان الموضوع بوادي والمحتوى بواد آخر
14
عربي2010
2011-04-06 10:11:02عفوا...خبر غيردقيق!!!
لأنه تم حل تلك المهضلة " العناوين "
حتى نهاية عام 2014
15
hussjp
2011-04-06 06:26:47الف شكر على التوضيح وياليييت يكون كل الاخبار لها تفصيل نفس هدي...
16
لو الوظيفه انسان لقتلته
2011-04-06 06:18:30فيه طريقة تغنيك عن الدومينات !
يعني اي شخص يقدر يشتري دومين، من موقع name.com
تكون مواقع الانترنت، خلف مدونة، يعني كل سيرفر
له مساحه خاصه، ومقسم
يعني فرضاَ 10 دومينات ندمج قواعد بياناتها بالأحرى نسميه " سب دومين "
www.alriyadh.com
يصير كذا
xxx.alriyadh.com
اسم المدونة xxx
الدومين الرئيسي alriyadh.com
وشكرا