طالعتنا وسائل الإعلام من صحف ووكالات أنباء ومحطات تلفزة الأسبوع الماضي، بخبر ازدحام طوابير من الناس على متاجر شركة أبل التجارية لشراء جهاز أي باد 2. وقد بدأت هذه الطوابير بالاصطفاف قبل طرح الجهاز ب33 ساعة في ظروف جوية باردة في كل من أوروبا واستراليا، وامتدت الطوابير إلى أكثر من 200 متر في بعض العواصم العالمية، وقد وصل الأمر بعشاق التقنية إلى النوم على الأرصفة للحصول على الجهاز الجديد.

هوس التقنية وصل بعشاقها إلى حد الجنون، ولا أحد يلومهم في ذلك كون التقنية جعلت كل شيء يريدونه في متناولهم ويستطيعون أن يؤدوا جميع أعمالهم باستخدام التقنية. وليس هذا فقط بل استطاعت التقنية اختصار المسافات والزمن والحدود الجغرافية وتحقيق مفهوم القرية الكونية الصغيرة على أرض الواقع.

إن استخدام التقنية أصبح يطغى على جميع مظاهر الحياة وكافة مجالاتها العلمية والعملية دون استثناء. ووصل انتشار استخدامها إلى الحد الذي يُستغرب معه عدم استخدامها من البعض سواءً كانوا أفراداً أو مؤسسات وهذا لا خلاف عليه. لكن عندما تصل الحالة إلى الهوس فإن هذا يعبر عن عشقاً كبيراً للتقنيات وامتلاكها، يقول أحد البريطانيين الذين اصطفوا في طوابير طويلة أمام أحد متاجر شركة أبل في لندن، أريد أن أكون أول بريطاني يمتلك جهاز أي باد 2، وقد وصل به الحال أنه نام على الرصيف، وكان أفراد من عائلته يجلبون له الأكل والشرب وهو في مكانه حتى لا يفقد دوره في مقدمة الطابور الطويل، ولعلي أجد المبرر في ذلك لمهووسي التقنية لأنها أصبحت أداة الحياة العصرية التي لا غنى عنها لبني البشر، على عكس المهووسين بأشياء لا تفيد ولا تنفع وفيها إضاعة للمال والوقت والجهد.