جرّب أن تأخذ جولة على محرك قوقل بأي عبارة تشاء تحوي مدلولات شراء القروض الشخصية .. أخبرك من الآن بأنك ستفاجأ بالكم الضخم من الصفحات على كافة المنتديات عن أشخاص مجهولي الهوية .. لا ينتمون لأي كيانات اقتصادية .. يقدّمون عروضاً مغرية .. موجهة بالأساس لمن عليه مديونية .. تمثّل حجر عثرة لأي معاملة بنكية أو تمويلية لشراء عقار .. الغريب في الأمر هو الإغراءات التي يقدّمها القائمون على هذه العروض والتي تتفوق في نسبها عن تلك التي تقدّمها كبريات شركات التمويل .. ففي حين تتراوح نسب الربح في شركات التمويل ما بين 4 – 5.5 بالمائة .. نجد هؤلاء المجهولين يقدّمون إليك نسباً تضمن شراء القرض وإعادة جدولته بنسب تبدأ من 2.5 إلى 2.9 بالمائة كحد أقصى ..!

هذا النوع من النشاط يواجه باعتقادي مشكلتين أساسيتين لا بد من التوقف عندهما ملياً :

  • مشكلة قانونية : تتمثل في انعدام الغطاء القانوني لمثل هذا النوع من النشاط القائم على إعادة التمويل .. مما جعله بالتالي ينمو عشوائياً .. وهذا ما حدا به إلى أن ينتهي في كثير من تطبيقاته كشكل من أشكال النصب يستهدف بالدرجة الأولى النساء ومحدودي الدخل غير الحذرين من تفاصيل التصرفات البنكية.

  • مشكلة فقهية : تتمثل في صدور قرار صريح لا لبس فيه من مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة ، عندما قرر بأن المجمع بأنه اتضح له من البحوث المقدمة أن بيع الدين المحرّم له صور عديدة ؛ ويجمع الصور الممنوعة وجود أحد نوعي الربا : ربا الفضل ، وربا النّساء ، في صورة مّا ، مثل بيع الدين الربوي بجنسه ، أو وجود الغرر الذي يفسد البيع ؛ كما إذا ترتب على بيع الدين عدم القدرة على التسليم ونحوه ؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ .. وهناك تطبيقات معاصرة في مجال الديون تتعامل بها بعض المصارف والمؤسسات المالية، بعض منها لا يجوز التعامل به ؛ لمخالفته للشروط والضوابط الشرعية الواجبة في البيوع. . وبناء على ذلك قرر المجمع ما يلي:

من صور بيع الدين غير الجائزة: أ- بيع الدين للمدين بثمن مؤجل أكثر من مقدار الدين؛ لأنه صورة من صور الربا، وهو ممنوع شرعًا، وهو ما يطلق عليه (جدولة الدين ) .. – ب- بيع الدين لغير المدين بثمن مؤجل من جنسه ، أو من غير جنسه ؛ لأنها من صور بيع الكالئ بالكالئ ( أي الدين بالدين ) الممنوع شرعًا.

النقطة الأهم في نظري هي آخر جزئية في قرار المجمع والتي حسمت قول كل خطيب .. وهي لا شك لفتة ذكية استبق بها الفقهاء احتمالية أي تشريع مستقبلية لمسألة توريق( تصكيك ) الديون بحيث تكون قابلة للتداول في سوق ثانوية .. حيث حرّمها المجمع بالكلية لأنه في معنى حسم الأوراق التجارية لما فيه من بيع الدين لغير المدين على وجه يشتمل على الربا الصريح.

  • قانوني