أقام مصطفى العقاد المخرج السوري العالمي دعوى قضائية على الأزهر الشريف أمام القضاء المصري بهدف الحصول على حكم قضائي يسمح له بعرض فيلمه «الرسالة» في القاهرة مؤكداً أنه لا يعقل أن يتم منع عرض الفيلم في القاهرة في الوقت الذي اشترى فيه الجيش الأمريكي مائة ألف نسخة لعرضها على الجيش الأمريكي بالعراق لتعريفهم على تعاليم الإسلام، وشن هجوماً «حاداً» على المخرج يوسف شاهين مندداً بفيلمه «المصير» الذي لم يجد فيه حرق الكتب وهو يجري العديد من المفاوضات والاتصالات بحثاً عن ممول لفيلمه القادم «أمير الأندلس» بفيلم قادم عن صلاح الدين الأيوبي.
وقال إن خبر إسناد دور البطولة لعمرو دياب والفنانة اللبنانية سلمى حايك عار من الصحة لا يعرف من هو صاحب الخيال الخصب الذي قام بفبركة خبر عن الفيلم تداولته الصحف العربية بكامل تفاصيله حتى كلفة إنتاج الفيلم وقصته.
٭ هل يعني هذا أن التعاون بينك وبين عمرو دياب ليس وارداً؟
- ولم لا؟ عمرو دياب مطرب شهير ولديه جمهوره من الخليج إلى المحيط، وهو اليوم الأكثر شعبية في العالم العربي، وأنا من أشد المعجبين به وأذكر أنني في رمضان الماضي استمعت إلى أغنية دينية له في الفضائية المصرية اسمها «يانور على نور» أعجبت بها جداً واتصلت به من الولايات المتحدة الأمريكية وهنأته عليها خصوصاً أنها أظهرت امكانات جيدة في صوته، لكنني للأسف لم أشاهد أياً من الأفلام التي مثلها عمرو دياب. على أية حال أنا اعتبر أن الشائعة التي أطلقت «شائعة حلوة».
٭ وماذا عن مشروع فيلمك الجديد «صلاح الدين الأيوبي» الذي تحضر له منذ سنوات، هل تخليت عنه؟
- لا إطلاقاً. ولن أتخلى عن الفيلم ولكن مشكلة الفيلم الحقيقية كامنة في تمويل إنتاجه، فحتى الآن مازلت أتفاوض مع أكثر من جهة عربية، لأنني لو لجأت إلى المنتجين في أميركا بالطبع سيفرضون عليّ وجهة النظر الغربية في موضوع الفيلم، وهذا ما أرفضه بشدة لذلك ليس أمامي سوى العالم العربي والفيلم إنتاجه ضخم مثل «عمر المختار» و«الرسالة» وفي هوليوود السيطرة الحقيقية للإنتاج الذي يفرض عليه ما يريده، لكن لو استطعت أن تحصل على الإنتاج بطريقتك وأنجزت فيلمك، عندها لا يستطيع أحد أن يمنعك من عرضه وأن تقول ما تريده كما حدث معي في فيلم «عمر المختار» الذي مولت إنتاجه ليبيا وعرض في أوروبا والولايات المتحدة، ولو كان أنتج برأس مال غربي لما استطعت أن أقدمه على هذه الصورة، وأعني هنا وجهة النظر العربية، وهو ما حدث مع المخرج والمنتج ميل غيبسون الذي أنتج فيلم «آلام المسيح» الذي عارضته هوليوود بشدة لكنها لم تستطع أن توقفه عندما رفضت إنتاجه وأنتجه ميل غيبسون وعرض في أمريكا رغم معارضة اليهود وهوليوود.
٭ ما زال اتفاقك قائماً مع شين كونري على بطولة الفيلم، وكم تبلغ تكلفة الفيلم؟
- اتفاقي مع شين كونري لا يزال سارياً، وهو متحمس للعب دور صلاح الدين الأيوبي، أما تكلفة الفيلم فتتجاوز الثمانين مليون دولار وأعتقد أن هذا المبلغ ليس ضخماً إذا قارناه بما تنفقه الدول العربية على التسليح وشراء معدات عسكرية بمليارات الدولارات سنوياً، مع أن معظم دولنا العربية لا تستخدمها، وأنا أصرخ بأعلى صوتي لكل هؤلاء وأقول سلاحنا الحقيقي أمام الغرب هو الإعلام وليس الطائرات والدبابات وخير دليل على ذلك ما حدث في رد فعل تجاه فيلمي «عمر المختار» و«الرسالة».
٭ وماذا عن مشروع فيلم «الأندلس» الذي تحضر له أيضاً منذ سنوات؟
- المشروع أيضاً قائم قد كتب له السيناريو أحد الكتاب المشهورين في هوليوود، ونحن يهمنا أن نقول للعالم إن الأندلس كانت هي العالم المتحضر الأول وكانت الدول الأوروبية وملوكها يرسلون أولادهم للتعلم هناك في مدارس «قرطبة» عاصمتها. أما سيناريو فيلم «صلاح الدين» فقد كتبه جون هيل كتابة أولية في انتظار مراجعته من قبل علماء ومؤرخين عرب مسلمين حين يخرج النص سليماً تاريخياً ودينياً كما فعلت مع سيناريو «الرسالة» الذي كتبه سيناريست أمريكي أيضاً من هوليوود.
ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى هذين الفيلمين خصوصاً في الظرف الحالي الذي أصبح الإسلام فيه متهماً بالإرهاب مع العلم أن هذه المشاريع أحضر لها منذ قبل أحداث 11 سبتمبر واليوم صار ظهورها إلى النور ملحاً جداً، خصوصاً في الوقت الذي تنتج فيه هوليوود حالياً من خلال شركة يونيفرسال فيلماً عن الصليبيين اسمه «ملكة الجنة مؤقتاً» لحين اختيار اسم آخر، وقد علمت أن هناك ممثلاً مصرياً هو خالد النبوي يعمل في هذا الفيلم، ويقولون إن المغرب أعطى فريق الفيلم ألف جندي لحمايتهم أثناء تصوير مشاهد الفيلم على أرضه خوفاً من حدوث اعتداء علهيم.
٭ إذا صورت «صلاح الدين الأيوبي» هل تعتقد أنهم يسمحون لك بعرضه في أمريكا؟
- وماذا يمنع ذلك؟ «الرسالة» و«عمر المختار» عرضا في أمريكا، وحتى فيلم «آلام المسيح» الذي حاربته هوليوود واليهود لم يستطع أحد منع عرضه بل العكس حقق نجاحاً كبيراً بسبب محاربتهم له.
٭ فيلم «الرسالة» يعرضه الآن الجيش الأمريكي على الجنود الذاهبين للحرب في العراق؟
- مقاطعاً: ليس الجيش الأمريكي وحسب، بل البيت الأبيض أيضاً طلب منا مئات النسخ وكذلك مؤسسات المجتمع المدني الأمريكي وكل من يريد التعرف على الدين الإسلامي من الشعب الأمريكي ونحن بالكاد نعمل لطبع مئات النسخ التي تطلب من فيلمي «الرسالة» و«عمر المختار»!
٭ وهل تعتقد أن الجيش الأمريكي معني بإعطاء صورة إيجابية عن الإسلام لجنوده لأنهم إذا شاهدوا «الرسالة» سيعطيهم صورة مغايرة لما تقدمه لهم وسائل الإعلام الغربية؟
- هم يشاهدون الفيلم ليس بالضرورة للحصول على صورة إيجابية عن المسلمين، بل حتى يعرف الجنود بعض تعاليم الإسلام ونشأته والتقاليد العربية حتى لا يذهب الجندي الأمريكي إلى العراق دون معرفة شيء عن الشعب والمنطقة الذاهب إليها، وإذا أعطاهم الفيلم صورة إيجابية عن الدين الإسلامي فهذا شيء رائع.
٭ هذا يؤكد أننا مقصرون في إنتاج أفلام دينية على مستوى «الرسالة» وليس أفلاماً دينية محلية؟
- هذا صحيح، فالأفلام الدينية التي تنتج في العالم العربي صورت لتقدم للمسلمين أفلاماً دينية إسلامية موجهة للمسلمين أما «الرسالة» فهو فيلم قدّم ليطرح عالمياً، إنه موجه للمسلمين وغير المسلمين، للأسف يبقى كل الإنتاج الديني السينمائي العربي إنتاجاً محلياً لا يخاطب الآخر.
٭ تحضر لفيلمين واحد عن صلاح الدين والآخر عن الأندلس وتعرف أن المخرج يوسف شاهين قدم فيلمين أيضاً عن «صلاح الدين» و«الأندلس» التي ظهرت في «المصير»؟
- لكل مخرج خياره وفيلم «صلاح الدين» رغم جودته يبقى فيلماً محلياً، وأنا عند مشاهدتي للفيلم تعاطفت مع ريتشارد قلب الأسد أكثر من تعاطفي مع صلاح الدين الأيوبي، أما فيلم «المصير» فلم أجد فيه الأندلس بل وجدت أن المسلمين يحرقون الكتب وهذه واقعة ليست مؤكد حدوثها مع ابن رشد. وللأسف هذا المشهد صفقوا له في مهرجان «كان» لمدة خمس دقائق. صحيح إنه يقصد المتطرفين، لكن هذا أمر نفهمه نحن أما الغرب فسيعتقد بأنهم المسلمون عموماً، وهذا هو الخطر.
٭ في ذروة انتعاشة فيلم «الرسالة» في الأواسط الأمريكية هل حاولت مجدداً إقناع الأزهر بعرض الفيلم في مصر؟
- أنا في غاية الدهشة من موقف الأزهر تجاه الفيلم. لقد أمضيت عاماً كاملاً في مصر أحضر للسيناريو عام 1970م بإشراف الأزهر. الدكتور عبدالرحمن البيصار والدكتور عبدالمنعم النمر مع توفيق الحكيم وعبدالرحمن الشرقاوي وعبدالحميد جودة السحار.. طوال عام كامل نجلس مع سيناريست من هوليوود يكتب ما يوافقون عليه وبعد الانتهاء من الكتابة وافق عليه المجلس الشيعي الأعلى في لبنان. وأنا في النهاية رفعت دعوى قضائية. أريد فقط أن أعرف أسباب منع الفيلم من الأزهر، رغم أنني أعلم جيداً أن الفيلم اليوم أصبح في كل بيت مصري على أشرطة مقرصنة. الشيخ متولي الشعراوي قبل سنوات شاهد الفيلم في القاهرة في حضوري وأثنى عليه وقال لي نريد المزيد.
التعليقات