غطاء الوجه مثله مثل كل الأمور الأخرى التي تتصدر قضايانا وتتسيد فيها آراؤنا الخاصة ضاربين بالخلاف الفقهي عرض الحائط ، وقد ألفنا هذا الأمر من عامة الناس على أمل أن يصحح المجتمع نفسه مع مرور الوقت وبفعل جهات واعية تقود نحو تصحيح المفاهيم والأفكار من خلال فرز القضايا المهمة والسطحية وإعطاء كل منهما حجمه الطبيعي من الوقت والجهد حتى لا يضيع الزمن والقدرات ونحن في نفس المربع.

كشف الوجه وتغطيته قضية دينية خلافية وبالتالي أصبحت قضية شخصية ولكن لن نصل لمرحلة قبول أن هذه المسألة خلافية ومن ثم شخصية طالما أن الجهات التي نفترض فيها أنها إحدى أهم الجهات التي تقود نحو التصحيح ألا وهي وزارة التربية والتعليم تصر على التعامل معها بأنها قضية محسومة شرعاً وذلك بتغطية الوجه كاملاً !! حتى إظهار العيون من خلال لبس البرقع أو النقاب يخالف الحجاب الشرعي في نظر إدارة التربية والتعليم في منطقة نجران لذلك صادروا البراقع والنقابات من الطالبات الأمر الذي فاجأ عددا من أولياء الأمور بخروج بناتهم من المدرسة مكشوفات الوجه أو بأغطية خفيفة ( حسب خبر نشر في إحدى الصحف ) وأُخذ عليهن تعهد بالالتزام بالحجاب الشرعي !!

اعتمدت إدارة التعليم في بيانها كلمة الزي / الحجاب الشرعي . فلنفرض أن إحدى الطالبات قالت إن علماء المسلمين بما فيهم السعوديون اتفقوا على أن غطاء الوجه أمر خلافي فبماذا سترد عليها إدارة المدرسة أو إدارة التعليم ؟!

وبناء على فعل الإدارة أتخيل أمرين إما أن تعاقب كونها فتحت فمها للمناقشة أو سيكونون أفضل حالاً وسيقتصر الأمر على السخرية بها والاستهزاء ( اسكتي بس . ما بقى إلا أنتِ تعلمينا الدين ) وقد قيلت في مدارس كثيرة !! ولو قالت لهم الطالبة إن نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات نورة الفايز لها صورة تتداول في وسائل الإعلام وهي محجبة ولكنها مكشوفة الوجه ماذا سيقال للطالبة من الجهات المعنية ؟!

فضلاً على أننا نعيش ازدواجية منذ زمن بعيد فنحن أيضاً أظن نعيش أحلام يقظة وردية فما يقوله المختصون بما فيهم منسوبو وزارة التربية والتعليم من فتح الحوار والقفز بتفكير الطلبة والصعود بهم نحو الأعلى كلمات رنانة وأحلام يقظة في نهار غائم ينتظر فيه سقوط أمطار تنعش الأرض والعباد كيف يحدث ذلك وأصحاب القرار في الجهات من أكثر الناس تمسكاً بمقولة هذا ماوجدنا عليه آباءنا ، تقول لهم خلاف شرعي فيه أكثر من رأي وقول، وللجميع الحق باتباع ما يناسبه طالما أن جميعها تحت قبة الإسلام يرد عليك بإصدار قرار لتنفيذ رأيه.. هو مدجج بكلمات الشرع الحنيف يحث ، الدين يأمر ، الإسلام ألزم ، أليس هذا استهتاراً بنا كجمهور مسلمين نعرف أين الواجب والملزم والخلاف ؟! لماذا لا يقول وفقاً للنظام ، وفقاً لما هو سائد ومتعارف عليه ؟! كيف ستقفز بتفكير الطلاب / الطالبات وأنت تضيع جهودهم في فك حل ألغاز القضايا السطحية وجعل شغلهم اليومي والحياتي منصباً عليها ، جميع الجهات لها القدرة في تنفيذ ما تريد في إداراتها فليس لنا القدرة لمخالفتها ولو بالحجة الشرعية ولكن إذا كانوا يريدون تقدماً حقيقياً على مستوى الفرد وهو الأهم فعليهم أن يخلوا قراراتهم وخطاباتهم من استخدام كلمة الدين والشرع والإسلام إلا فيما يستوجب ذلك فعلاً فإحدى وسائل تصحيح المفاهيم تصحيح مفردات الخطابات..