إن معظم جامعاتنا -اليوم- فيها حراك كبير، وفيها ورش عمل ضخمة من المشاريع والبرامج واللقاءات والاجتماعات والزيارات .... لكن هذا الحراك كله، وتلك الجهود جميعها - مهما عظمت ومهما أنجزت - فإنها تبقى عرضة للرياح والتقلبات والانتكاس، لأنها لا تستند إلى هوية واضحة، وفكر راسخ، وأسس قانونية متينة، وسياسات عامة واضحة ومعتمده. كما أنها تقوم على جهود أشخاص، لا جهود مؤسسات، بحيث تمنحها المشروعية والصلابة والاستمرارية...
عملية نسخ الجامعات وطبعها في أكثر مكان قد ساهم في غياب هوية الجامعات، وساهم أيضاً في ضعف الانتماء، وفي تهميش دور الفرد، فضعفت المسؤولية وتردت الرقابة وتقدمت المظاهر الزائفة، فكانت النتيجة الكبرى لذلك كله، هي ضعف دور الجامعات في تحقيق تنمية حقيقية في البلاد...
إن نظام التعليم العالي -إذن- هو في مرحلة مخاض عسير؛ فإما أن يتطور، ويطلق العنان للجامعات للبحث عن هوية خاصة، تحدد من خلالها فلسفتها ورسالتها وأهدافها وبرامجها، وتحدد مدى اختلافها عن الجامعات الأخرى، وعن مؤشرات تميزها...
تلك خلاصات/ مقتطفات رئيسة يصل إليها الدكتور أحمد العيسى في كتابه الصادر حديثاً عن دار الساقي بعنوان "التعليم العالي في السعودية: رحلة تبحث عن هوية" وهي تتفق مع بعض ما سبق أن عبرت عنه في هذه الزاوية أو غيرها من المقابلات والمشاركات العلمية والإعلامية، وعبر عنه آخرون من ذوي الاهتمام بتطوير التعليم العالي. كتاب الدكتور العيسى بحث في هوية الجامعات السعودية وكيف فقدت كل جامعة هويتها الخاصة بها وأصبح الجميع نسخا متشابهة، كما حلل علاقة الجامعة السعودية بالدولة ممثلة في وزارة التعليم العالي ومجلس التعليم العالي وكأنه يشير صراحة أو مواربة إلى أن تحمل وزارة التعليم العالي ونظم التعليم العالي القائمة مسؤولية كبرى في ما يحدث من طمس لهويات جامعاتنا واستقلاليتها المفترضة. وفي استعراضه لبعض المبادرات تساءل الدكتور العيسى عن وأد بعضها الذي كان بإمكانه خلق تغيير إيجابي مثل وأد مشروع إيجاد وقف ثابت يدار عن طريق هيئة مستقلة لبرنامج الابتعاث لضمان استمراريته، ومشروع آفاق الرامي إلى وضع خطة طويلة المدى للتعليم العالي وقد أوقف في منتصف الطريق ولم تعلن نتائجه رغم تكلفته العالية التي بدأ بها، والتقاعس عن متابعة إصدار نظام جديد للتعليم العالي وغير ذلك.
لست أنحاز للدكتور العيسى لتقارب بعض وجهات نظره مع ما أراه، لكنني أناشد وزارة التعليم العالي وجامعاتنا لفتح أبوابها لمناقشة ما يطرح من أفكار بحرية وموضوعية، بدلاً من اضطرار المفكرين المتميزين في مجال التعليم العالي للبحث عن دور نشر غير سعودية للتعبير عن آرائهم وبدلاً من أن نرى المفكر السعودي عاطلاً في بلده يحتفي به العالم العربي خارج وطنه. بل لعلني أناشد وزارة التعليم العالي بدعوة الدكتور العيسى وأمثاله من أصحاب الفكر المميز ليكون متحدثاً رئيساً في معرضها ومؤتمرها القادم والذي سيعقد في شهر ابريل، بدلاً من بعض المحاضرات الشبه مدرسية التي تعقد على هامش ذلك المعرض.
1
أبو عبدالرحمن
2011-01-03 20:15:50أضف الى ذلك أن ما نراة من ما يسمى نهضة ما هو الا رد فعل للتقييم السابق لجامعاتنا على المستوى العالمي. فهل بضخ الأموال على مؤسسات تفتقد العمل المؤسسي وتفتقد أساسات التعليم الذي يحتاجه سوق العمل وأساسات البحث العلمي وبقدرة قادر نصبح من مصاف الجامعات العالمية؟
2
محمد
2011-01-03 17:42:14رابطة طلاب جامعة البترول والمعادن (سابقا) كوّنت بأمر ملكي (الفيصل رحمه الله)
وما كان من البعض إلا الحرص على تهميشها وحلّها بعد أن كانت تشارك حتى في مجلس إدارة الجامعة. حدث ذلك أواخر السبعينات وبداية الثمانينات.
هذه حالة تمكّن دراستها من فهم مايدور وتعديله وإرجاع الهويات المفقودة للجامعات
3
بجاد العتيبي
2011-01-03 16:32:07هذا منظور مميز فى تحديد معضلة التعليم العالي واعتقد بل اجزم ان سر تخلف موسسات التعليم العالي هو اقصاء المميزون من ذوي الكفاءات العلميه للعمل كمعيدين فى الجامعات واتاحة الفرصه للمحسوبيه والمناطقيه ولمن هم اقل كفاءة وهذا واضح فى جامعة الامام ولا اعلم سبب ان تكون اسلاميه وفيها الظلم والتحيز والعنصريه
4
فالح ابو عبدالله
2011-01-03 13:26:52نعم... عين العقل... هذا ان كان هناك نية من وزارة التعليم العالي لتطوير جامعاتها ,,, تركهم تحديد دستورهم الخاص بهم دون تقليد باقي الجامعات بالسعودية..
5
solomon ali
2011-01-03 12:13:30صدق العيسى وصدقت انت ايضا
6
د.الثروه
2011-01-03 10:58:00انا اقول اخي الكريم تخبط وزارة التعليم العالي سببه إدارة هذا الصرح الجبار من قلة بالعلم التخطيطي والرويئة المستقبلية للتعليم العالي وهذا ناتج المحسوبيات والواسطات التي وصل اليها اغلبية من يدير وزارة التعليم العالي من مدراء جامعات و مدراء ملحقيات و مساعدين وغيرهم بالعربي نحتاج تغييرات صارمة.