عندما كان أميراً لمنطقة عسير، صنع بذور السياحة الأولى في المملكة وجعل من أبها مدينة السياحة الخليجية الاولى، وجعل من احتفالاتها الصيفية حكاية ثقافية فنية سياحية تتردد كل عام. وها هو الآن بعد أن انتقل إلى منطقة مكة المكرمة يواصل فلسفته في منح المدن وجهها الثقافي الذي تستحقه. إنه عاشق الفن والثقافة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل، الذي أعاد المدينة العتيقة، مصيف المملكة التارخي إلى جادة الشهرة والصيت.

الطائف هي المصيف الرسمي للحكومة السعودية على مدى عقود، وهي المدينة الوادعة الأقرب إلى البيت الحرام وهي التي امتازت بورودها وبساتينها وجبالها وتاريخها القديم والحديث، ويرى البعض بأن أهميتها تراجعت في السنوات الأخيرة، قبل أن يأتي خالد الفيصل لينفض عنها غبار الكسل والدعة ويعيد اكتشاف سوق عكاظ وثقافة السياحة في الطائف. وحينما نتحدث عن الطائف وأمير الشعر والإدارة فإننا على ثقة بأن الاحتفاء بالشعر والثقافة ماهو إلا بداية التغريد الجميل.

الإدارة المتميزة التي عهدناها لدى خالد الفيصل لن تكتفي بمجرد حفلات سوق عكاظ السنوية، وإنما هي تمنحنا جرعة الانتباه الأولية لهذه المدينة تمهيداً للفعل التنموي المتميز الذي تحتاج الطائف إلى بعثه في شوارعها وميادينها وقراها ومتاجرها وفنادقها وبقية شؤون حياتها. القيادة الإدارية ستدرك بأن الطائف أصبحت بحاجة إلى خطة إستراتيجية وتخطيط ميداني مبرمج يعيد تشكيل هويتها لتصبح ضمن أفضل مدننا الحبيبة. وكما حلم أهل الطائف مع قصائد مهرجان عكاظ، فإنهم سيحلمون بمنح مدينتهم الثقة التي تستحقها لتكون بوابة مكة المكرمة الثانية بجانب شقيقتها البوابة الأولى، جدة. سيحلمون بإعادة تخطيط مدينتهم وضواحيها بشكل أكثر حداثة وتنظيماً. سيحلمون بمطار دولي يليق بمكة والطائف وماجاورهما. سيحلمون بسكة حديد قصيرة تربط مدينتهم بمكة وجدة ومن ثم المدينة المنورة. وسيحلمون بمركز حضاري يوازي قيمة سوق عكاظ التاريخية. وسيحلمون بالكثير وهم على قناعة بأن خالد الفيصل يستمع إلى الأحلام ولن يخذلهم بتحويلها إلى خطط قابلة للتحقق...

لقد كان بالإمكان التركيز على مدينة جدة وإقامة جميع المناشط بها، لكن خالد الفيصل وبحكمته الإدارية لايؤمن بتركيز التنمية في مدينة واحدة من المنطقة التي يشرف عليها، لذلك نراه يمنح مكة المكرمة ما تستحقه من تقدير واحترام بصفتها عاصمة المنطقة وبصفتها المدينة المقدسة الأولى في العالم الإسلامي، ويمنح الطائف ما تستحقه من الاهتمام كمدينة سياحية ذات أثر تاريخي وطبوغرافي مميز. هذا هو الدرس الإداري الذي يقدمه خالد الفيصل ، بتنويع الاهتمام بمدن مكة المكرمة الثلاث؛ كل منطقة في بلادنا تحوي مدناً ومحافظات متعددة ويجب الاهتمام بكل مدينة وفق خصائصها ومميزاتها، لا ان يتم التركيز على مدينة واحدة بكل منطقة على حساب المدن الأخرى.

ورغم ذلك الاهتمام البارز والميزات النوعية التي تمنحها الطائف لمنطقة مكة المكرمة، فإن أمير مكة لا يتردد في الإعلان عن رغبته في تحويل محافظة الطائف إلى منطقة مستقلة لتحظى باهتمام أكبر. بعض الإداريين لا يرضيه تقليص حجم ما يشرف عليه من مساحات وأعمال لكن بُعد نظر خالد الفيصل، وحرصه على المصلحة العامة لا يجعلانه يمانع أن يُستقطع جزء من منطقته ليصبح منطقة مستقلة. ومادام الأمر كذلك فلعله يكون من المناسب كذلك ضم محافظة القنفذة إلى منطقة الباحة حيث المركز الإداري لمنطقة الباحة أقرب للقنفذة من المركز الإداري لمكة المكرمة، وبالتالي فإن في ذلك تسهيل المراجعات الإدارية لأهالي القنفذة ودوائرها وجعلهم أقرب إلى مركز الاهتمام بدلاً من بقائهم محافظة طرفية بمنطقة مكة المكرمة.