تظهر أحياناً مطالبات تحتج على نظام الكفالة ، ويكون الدفاع ضد هذا الطلب هو الخشية من انفتاح الأسواق أمام القوى العاملة الأجنبية في منطقة تعتبر مغرية من ناحية استقطاب العمالة لما توفره من دخول مرتفعة ولما تحويه من مقدسات إسلامية. السؤال الافتراضي هو هل يقود إلغاء نظام الكفالة إلى تقليص حجم العمالة الأجنبية بمختلف مستوياتها في المملكة؟ ومادام السؤال افتراضيا فهذه الفكرة بشكلها الأولي كمدخل للنقاش في هذا الأمر.

إلغاء نظام الكفيل لا يعني فتح السوق كما يتوقع البعض لكل من أراد دخول المملكة دون ضوابط كافية، فهناك دول كبيرة لا يوجد لديها نظام كفيل مثل نظامنا ومع ذلك فهي تتحكم بأعداد الداخلين إليها، وذلك عبر ما يعرف بتصريح العمل. حيث الدخول للبلد يصاحبه الحصول على تصريح عمل أو تصريح دراسة أو تصريح تجارة أو غير ذلك، سواء كان تصريحاً مستقلا كما تفعل بعض الدول أو موجودا ضمنا من خلال تأشيرة الدخول. السؤال هنا هل يمكن منح تصريح عمل أو زيارة للزائر وعدم ربط ذلك بوجود كفيل يعود له؟

ربما يصعب تطبيق الفكرة في بعض المستويات كالسائقين والخدم والعمالة العادية لكن لنبدأ بالتخصصات المهنية فربما يقود ذلك إلى وجود تنافس محلي في الحصول على الوظيفة بين الجميع ، وقد يجبر صاحب العمل على استقطاب السعودي للعمل. الأمر بهذه البساطة سيقود إلى إغراق السوق بالأجانب وبالتالي تضييق الفرصة على السعودي، لكنني أرى إمكانية التحكم بهذا الأمر عبر ربط تصاريح العمل بمؤشر الفرص الوظيفية المتاحة في التخصص أو المهنة ، فعلى سبيل المثال يتم تصنيف المهن ويكون لدى كل مهنة مؤشر بطالة في حالة تحول ذلك المؤشر إلى موجب (توجد بطالة في التخصص) يوقف منح تصاريح العمل في ذلك التخصص من قبل السفارات السعودية، وهكذا تصبح آلية التحكم لدخول الأجانب في تخصص معين مرتبطة بحجم البطالة أو الاحتياج في ذلك التخصص أو المهنة. ويسري هذا الأمر على تجديد تصاريح العمل بحيث تربط بتوفر فرصة العمل وفق مؤشر العمل بالمهنة المعنية، ويصبح من السهولة تسجيل جميع العاملين بيانات عملهم خلال فترة محددة، وإلا حرموا من تجديد التصريح وبالتالي الإقامة.

بهذه الطريقة نحن سنلغي نظام الكفالة، على الأقل مرحلياً في المهن المتقدمة، وسنعيد مهمة وزارة العمل من جهة تمنح التأشيرات وترضخ للضغوطات الفردية إلى جهة تنظيمية تنسيقية تملك قواعد المعلومات والمؤشرات التي من خلالها تصل الرسالة أو الموافقة على التأشيرة إلى السفارات السعودية أولا بأول في منح تأشيرات عمل في تخصصات معينة أو لا، ربما دون الاعتماد على الوسطاء/ مكاتب التعاقد والسمسرة المنتشرة في الخارج.

وزارة العمل ستتعامل هنا مع السفارات مباشرة وليس مع الأفراد والمؤسسات، وسيجبر طالب العمل وصاحب العمل على المشاركة في قواعد البيانات التي تبنيها الوزارة وسيفيد الجهات التدريبية لمعرفة الاحتياجات من خلال مؤشرات العمل. علماً بأن بناء قواعد المعلومات يعتبر أمراً ميسوراً في ظل توفر التقنيات الإلكترونية الحديثة.

طبعاً الأمر يتطلب تفاصيل تنظيمية والأهم من ذلك يتطلب طرقا وآليات مختلفة في التفكير والتعامل بما في ذلك التزام الجهات المعنية بالتطبيق بحيث لا يسمح لمن يحمل تصريح زيارة أو مرافقة بالعمل دون أن يكون لديه تصريح عمل ، ولا يسمح للأجنبي البقاء أكثر من مدة محددة داخل المملكة ما لم يلتزم بتصريح الدخول الذي منح له سواء كان زيارة أو عملا أو دراسة أو غير ذلك..