جالت "الرياض" مع عدد من الإعلاميات في جامعة الملك سعود بالرياض بالدرعية وعلى مدار خمس ساعات متواصلة، وشملت الجولة مختلف القطاعات والإدارات الحديثة والمحدثة، كما حملت الجولة العديد من المفاجآت الطيبة والأخبار المبشرة على صعيد العلم والتقنية والابتكار، للمضي قدماً نحو مستقبل تقني حديث يفكر من أجل مستقبلات الأجيال القادمة، وصناعة واقعها الجاد نحو استشراف مكانة متميزة بين الشعوب، ويحمل رسالة زمن قادم تصبح فيه المملكة مصنعاً ومصدرا للتقنية، عوضاً عن استيرادها والاعتماد على العمالة في تشغيلها.

السنة التحضيرية

استقبلنا في بداية الجولة عميد السنة التحضيرية "د.عبد العزيز العثمان" الذي تحدث عن مخرجات العمادة والأهداف التي تتخطى حدود الوقت الراهن في تشكيل عقل ووجدان الطالب المستجد، عبر استخدام أحدث وسائل التقنية وأساليب التعليم المتطورة القائمة على الفعل والتفاعل، وليس على التلقين والمجاراة، مؤكداً على أن اختبارات السنة تتم عن طريق الجامعات العالمية، كما وعد أن يصبح طلابه صناعا للحضارة وروادا للتقدم.

كما اطلعنا على القاعات الدراسية الذكية التي جهزت على أحدث طرازعصري، لتناسب أجواء تنمية روح الإبداع والتفرد، بعيداً عن تقليدية قاعات الدروس، إلى جانب أننا زرنا "نادي الطلبة"، والذي يضم مجموعات للتفكير وللذكاء، وتحريك "الروبوتات" وقاعة الإذاعة الداخلية للعمادة التي يبثها ويعد برامجها ويقدمها طلبة السنة التحضيرية، بالإضافة إلى القاعات الرياضة المجهزة بالأجهزة اللازمة لتحريك أعضاء الجسم وتنشيطه، وقاعات الرياضيات، والتنمية البشرية، وغرفة الاسترخاء لإنعاش الأفكار وإعادة ترتيبها.

أوقاف الجامعة

هو مشروع عملاق خصصت له مساحة تزيد على 190 ألف متر مربع، بهدف تعزيز موارد الجامعة المالية بعائد سنوي يقارب أربعة مليارات و900 مليون ريال، تنفق على الأنشطة التي تعمل على رفع التقييم العالمي للجامعة، وتدعم وتطور أنشطة البحث والتطوير والتعليم، وتفعل العلاقة مع المجتمع، إلى جانب أن هناك (10%) من ريعه يخصص لدعم الأرامل والأيتام، ويتكون المشروع من تسعة أبراج على رأسها منارة الملك عبد الله وفندق 7 نجوم وآخر 5 نجوم، بالإضافة إلى أربعة أبراج مكتبية موزعة على طريق الملك عبدالله وطريق الملك خالد، كما تم تخصيص برج طبي على طريق الملك خالد ليكون قريباً من المدينة الطبية ومركز تجاري وقاعة مؤتمرات فخمة. وتشير مستشارة مدير جامعة الملك سعود "د.أمل الهزاني" التي رافقتنا في مبنى الأوقاف إلى أن المشروع يطبق للمرة الأولى بالجامعات السعودية، وهو يوفر حداً أدنى من التمويل الذاتي والاستقرار المالي، باعتبار أن البحث العلمي أمر مكلف مادياً، ويحتاج إلى تمويل دائم وثابت وكاف، مضيفة أن المشروع يعتمد على تبرعات رجال الأعمال، الذين تبرعوا بقيمة الوحدات الانشائية، والشركات المنفذة، وتشرف عليه اللجنة العليا لأوقاف الجامعة برئاسة الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، و23 عضوا من رجال الأعمال والمتبرعين وبعض منسوبي القطاعات الحكومية، الذين يعملون على طرح مجموعة من الصناديق الوقفية الاستثمارية، كالصندوق العقاري والتجاري والخدمي والصناعي والغذاء والدواء والأوراق المالية، إضافة إلى الصندوق الطبي.

تقنية النانو

وتضمنت الجولة أيضا زيارة إلى معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث تقنية "النانو" في كلية العلوم، وقد جهز بالمعامل والمختبرات وذلك بأحدث الأجهزة العلمية لتصنيع جزيئات النانو ودراستها بالمجهر الإلكتروني العملاق، لخدمة المجالات البحثية والتطويرية والتطبيقية في مجالات الطاقة، ومعالجة المياه، والاتصالات، والطب والصيدلة، والغذاء والبيئة.

وأطلعنا برفقة مديرة وحدة البرامج التطويرية في وكالة الدراسات العليا والبحث العلمي "د.ابتسام العليان" على أهم أهداف المعهد، أهمها: هو تطوير أبحاث وتقنيات النانو والصناعات المرتكزة عليها، وتوثيق الشراكة مع القطاعات المختلفة ذات العلاقة، بهدف المساهمة في بناء اقتصاد وطني مبني على المعرفة، حتى تصبح الجامعة رائدة في أبحاث النانو على مستوى العالم من خلال إعداد وتأهيل الخبرات المحلية في هذا المجال، واستقطاب المتميزين من العلماء والباحثين فيه، مع تطوير برامج أكاديمية المرتبطة بعلومه وتقنياته، وكذلك بناء البنية التحتية للبحث والتطوير في مجال علوم وتقنيات النانو، إلى جانب دعم مشاريع وأبحاثه في الكليات، بالإضافة إلى وضع إستراتيجية للتعاون والتنسيق في مجالات العلوم وتقنيات النانو مع الجامعات والمؤسسات البحثية المحلية، وذلك لنشر الوعي العلمي على المستوى الاجتماعي والتربوي.

حاضنة التقنية

التقينا خلال الجولة "د.مزيد التركاوي" الذي أطلعنا على أركان الحاضنة المؤقتة، ريثما تنتهي المباني الجديدة في الدرعية وتحدث عن الأفكار التي تتبناها الحاضنة وتقوم بتنفيذها، وعرض علينا نموذجا لخيمة مبتكرة ترتفع بالضغط الذاتي بلا أعمدة، كما عرض علينا جهاز كشف أعطال التكييف في الطائرات، والذي يسهل إصلاح الأعطال دون اللجوء إلى تفكيك كامل مكيف الطائرة، كما هو حادث في أنحاء العالم حالياً، وعرض علينا فكرة بسيطة لقفاز يمنع المريض من إيذاء نفسه دون أن تقيد أطرافه، وتمثل الحاضنة إحدى منظومات وادي الرياض للتقنية، حيث تسعى إلى إيجاد البيئة المناسبة لتشجيع الابتكار والأنشطة ذات الطابع الريادي في الأعمال التي من شأنها أن تساعد على تحقيق رؤية المملكة المتمثلة في إنجاز نظام اقتصادي قائم على المعرفة.

مركز التصنيع

هو عبارة عن مصنع مصغر يشتمل على كافة احتياجات طالب الهندسة للتعامل مع بيئة المصانع الواقعية، ليتمكن من تطبيق ما يدرسه عملياً ويتدرب ويحول معارفه إلى وسيلة إنجاز وإبداع أيضاً، ورافقنا في جولتنا داخل مركز التصنيع المتقدم بكلية الهندسة الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الصناعية "د.خالد الصالح" وشاهدنا خفيه "الروبتات الآلية" التي تحاكي العمال المهرة، وشاهدنا شباب الجامعة وهم يطبقون أفكارهم عملياً. الجدير بالذكر أن المركز هو الذي احتضن "غزال1" أول سيارة سعودية تنتج محلياً وهي مشروع تخرج بعض طلاب كلية الهندسة.

ريادة الأعمال

وكشفت الجولة عن مدى النقلة العلمية والتكنولوجية في الجامعة من خلال شراكة مجتمعية لبناء مجتمع المعرفة، فضمن البرامج التطويرية الرائدة، والتي تكشف عن رؤية شمولية لتنمية فاعلة أنشأت الجامعة مركزاً تحت مسمى "مركز الأمير سلمان لريادة الأعمال" وهو الأول والرائد على مستوى الشرق الأوسط في دعم الأعمال وإنمائها.

وفي هذا الصدد يؤكد المدير التنفيذي للمركز "أ.لؤي رضوان" الذي استضافنا في المركز أن مهمته تنمية التفكير الريادي واقتصاديات المعرفة من خلال منظومة من الأنشطة الهادفة في مجالات التعليم والتدريب والاستشارة والبحث والاتصال، موضحاً أن رسالة المركز الإسهام الفعال في مسيرة تحويل الجامعة إلى جامعة رائدة من خلال تعليم الأفراد وتدريبهم وتوجيههم من داخلها وخارجها، لتتحول أفكارهم إلى واقع اقتصادي يسهم في بناء المجتمع المعرفي، ويحقق الشراكة المجتمعية.

وأضاف أنه تم تأهيل عدد من أعضاء هيئة التدريس لريادة الأعمال بالتعاون مع جهات خارجية، إلى جانب تأهيل وتدريب أول دفعة من المرشدين لمساعدة أصحاب المشاريع الصغيرة، الذين بلغ عددهم 25 مرشداً، وللتحول نحو مجتمع اقتصادي معرفي، ومجتمع المعرفة سيتم مستقبلاً إدخال برنامج ريادة الأعمال ضمن مناهج التعليم العام، ومن ذلك أيضاً برامج البحث العلمي لاستقطاب أعمال الريادة واستشارات حاضنات الأعمال، وجمعية ريادة الأعمال التي تعد الأولى عربياً، وبرنامج زمالة الجامعة لريادة الأعمال، والرخصة الدولية لريادة الأعمال، ويتبنى المركز دعم المشاريع العلمية الابتكارية الشابة التي بلغت ما قيمته 150 مليون ريال بالتعاون مع بنك التسليف بواقع 50 مليونا في كل عام.

وادي الرياض للتقنية

أحد مشاريع المتميزة لتطوير الصناعات القائمة على المعرفة، والذي يؤسس لمجتمع حضاري في ثلاث منظومات: صناعية، وتجارية، وتقنية متقدمة، تسهم بفاعلية في صناعة تقنيات الأبحاث واستثمارها اقتصاديا، كما أشار مشرف الشؤون الفنية "د.عبد العزيز الدوسري" الذي رافقنا خلال الجولة مستعرضاً بعض جوانب المشروع، ومتوقعاً أن يستثمر في الوادي عشرات الشركات ومراكز الأبحاث المحلية والإقليمية والعالمية، التي يمكن أن توظف ما يقارب من 3000 باحث و12000 خبير تجاري، وتتيح 5000 فرصة عمل للطلبة خلال الدراسة الجامعية وبعدها بحلول عام 2020 م.

وأضاف الدوسري: وادي الرياض للتقنية أحد مساهمات الجامعة في بناء شراكة مع القطاعين الخاص والعام يستثمر موارد الجامعة البحثية وشبكة اتصالاتها الواسعة ويضعها في خدمة الشركات الصناعية، كما تتطلع إلى استقطاب شركات محلية وعالمية مرموقة للاستثمار داخل المشروع، وإلى تفعيل البحث العلمي وتوليد المؤسسات الاقتصادية القائمة على الابتكار وتوليد التقنية واكتسابها ونقلها إلى المؤسسات المستثمرة داخل الوادي لإرساء اقتصاد المعرفة داخل المشروع، مستعرضاً خلال ذلك أول منتج من مشروع لوادي الرياض للتقنية وهو لأحد الهواة المخترعين واسمه "خالد الزهراني" بلغت كلفة انتاجه 2 مليون ونصف، وهو عبارة عن نظام نداء الكتروني للطلاب والطالبات في المنشآت التعليمية، وسيتم الاتفاق مع إحدى الشركات المستثمرة لتبني تصنيعه وإنتاجه لطرحه في الأسواق قريباً.

برنامج الملكية الفكرية

عندما تتحول الأفكار المبدعة إلى منتج فإن ما تحتاج إليه هو الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية لهذه المنتجات سواء كانت مؤلفات أو براءات اختراع وتراخيص تقنية وهنا يأتي دور برنامج الملكية الفكرية الذي سعت الجامعة إلى إضافته ضمن برامجها التطويرية ووضعت له آليات، واطلعنا "د.خالد الصالح" المشرف على الملكية الفكرية وترخيص التقنية، عن الاختراعات والبراءات، قائلاً: يتم بعد تلقي طلبات تسجيل براءة اختراع وتقويمها ودراسة إمكانية الحصول على براءات بالمسح الشامل للتقنيات الحالية، والبراءات المشابهة، ومن ثم تحديد قيمته العلمية والتقنية لوضع إستراتيجية ترخيص وتسويق له، بحيث تشكل الحقوق المالية المترتبة عليه مصدراً لتمويل البحث العلمي للقسم والباحث أو المخترع.

وأوضح "الصالح" أن البرنامج يحتفظ بنسبة (40%) من الحقوق المالية لصالح الجامعة والمخترع على(60%)، كما يساعد البرنامج المخترع عندما يشكل ابتكاره نواة لشركة ناشئة على البحث عن فرص تمويل لشركته ،ووضع خطط لعملها، مؤكداً أنه تم ترخيص 69 براءة اختراع منذ بدأ البرنامج عام 1328ه.

برنامج الشراكة الطلابية

أطلق البرنامج ليكون الحاضنة لمشاركة طلابية فاعلة في برامج التطوير وتحقيق رسالته بإعداد طالب واع وملتزم بقضايا الجامعة والمجتمع من خلال مشاركة فاعلة في برامجها التطويرية، ومن أهداف البرنامج العامة تكوين حاضنة للتدريب المهاري للطلاب والطالبات بالمشاركة في البرامج والأنشطة اللاصفية، وفعاليات الجامعة، وإعداد كفاءات طلابية تساهم في الحياة العلمية والتقنية والاجتماعية في المملكة، وتشجيعهم وتحفيزهم على إطلاق المبادرات واحتضانها وتحويلها إلى مشاريع حقيقية تقديم قروض لطلاب لإقامة مشاريع أعمال وتنمية الإحساس بأهمية العمل التطوعي والإلتزام بقضايا الجامعة والوطن، والإسهام في برامج التوعية المجتمعية، وإبراز دور الطلاب في الحراك التطويري في الجامعة، وتتعدد مجالات الشراكة الطلابية حيث تشمل برامج التطوير والجودة، والبرامج الأكاديمية، والمجالات الإدارية، وبرامج الجامعة التطويرية، وبرامج تطوير النشاط وخدمة المجتمع.