تحتفل جامعة الملك سعود بمنجزاتها التي تشكل مصدر سعادة لها وللوطن، ونراه من حقها التباهي والدعاية بهذا الأمر بالذات ، وعائده كما نلحظ يسهم في رفع الثقة بقدراتها وفي تنمية مواردها سواء الحكومية أو الذاتية أو الخيرية. وبتجاوز لحظة الفرح نطرح السؤال: ما هي محددات استدامة التطور الأكاديمي والبحثي والفكري الأساسية، بجانب الوفرة المالية؟ ونحدد سؤالنا في جامعة الملك سعود، ليس استقصاداً وإنما لكونها الأولى والأكبر والنموذج المحلي البارز لدى الغالبية، ولكوننا نريدها ريادية متميزة ودائمة وليس مجرد طفرة مرتبطة بأشخاص أو ظروف آنية.
أول شروط تحقيق التطور المستدام، كما أراه، يتمثل في تطور البنية الفكرية للمؤسسة الأكاديمية، التي من مبادئها قبول التنوع الفكري وتوفر الحريات الأكاديمية. وقد تعلمنا من تجارب جامعاتٍ دولها وصلت سطح القمر وطورت القنابل النووية، كجامعات الدول الاشتراكية والباكستان وغيرها، بأنها فقدت التميز المستدام بسبب افتقادها البناء الفكري والثقافي والتنظيمي الفعال. بمعنى آخر التطور المستدام يتطلب أكثر من مجرد إنشاء معامل وتصنيع آلات، وشراء براءات اختراع واستقدام باحثين للقيام بالبحوث العلمية نيابة عن أبناء المؤسسة ... إنه يتطلب تأسيس البيئة الفكرية والتنظيمية والثقافية المناسبة...
ومما يؤسف القول بأن جامعة الملك سعود تعاني ، ولو بشكل نسبي، من تدني معايير التنوع الفكري ومستوى الحريات الأكاديمية ، وندلل على ذلك بقراءة سيرة مجلسها العلمي الذي يفترض أن يكون أقوى سلطة علمية ذات استقلالية فكرية محايدة في قبول التنوع الفكري والثقافي، ونبدأ بتلك اللجنة التابعة للمجلس والمعنية بمقابلة المتقدمين لوظائفها الأكاديمية. هذه اللجنة تعنى بالتأكد من الهوية الفكرية للمتقدم، حتى ولو كان من منسوبي الجامعة الذين ابتعثتهم للخارج وحتى لو كان متخرجاً في أفضل الجامعات العالمية وشهاداته مصدقة ومعادلة من الملحقية الثقافية ووزارة التعليم العالي. وبذلك هي لا تكتفي بفحص صدقية الإنتاج العلمي للمتقدم بل بفحص التوجهات والدوافع ومابين الأسطر، بل وتستحضر مشاركاته الأخرى الثقافية والمجتمعية، لتقوم بدور الإقصاء والإبعاد أو عدم القبول لكل من لا تتوافق توجهاته مع المدرسة الفكرية الواحدة السائدة أيدلوجياً بالجامعة. وقد رأينا هذا يُرفض بحجة توجهاته التغريبية وذاك بحجة توجهاته الحداثية وثالث لفكره الليبرالي ورابع لنقده للمدرسة الفكرية أو للجامعة، وغير ذلك من المبررات ذات الأبعاد الثقافية والأيدلوجية.
الغريب أن المجلس العلمي ولجنته الموقرة لا يعنى بأوراق وشهادات الأجانب الذين تتعاقد معهم الجامعة، أحياناً بشكل فردي يتجاوز حتى مجالس الأقسام والكليات عبر عقود التميز ومراكز الأبحاث والكراسي العلمية، التي أصبح المسؤول عن إجازتها فرد واحد، عكس ماهو متعارف عليه في العمل الأكاديمي الذي تشكل الأقسام الأكاديمية نواته والمجالس الأكاديمية والعلمية والبحثية منطلق قراراته. ليس ذلك فقط، بل إن رئاسة المجلس العلمي ليست مستقلة كما يفترض ولديها تعارض في المصالح بين عملها بالمجلس وعملها الإداري في جلب موارد الكراسي العلمية والتبرعات والاستثمارات والاتفاقيات التجارية وغيرها، بدليل إقرار الكراسي العلمية والاتفاقيات العلمية رغم كونها بحثية وأكاديمية بشكل فردي خارج المجلس العلمي.
هذه الممارسات ، كمثال، وفي ظل ضعف الضوابط التنظيمية وفي ظل غياب المشاركة الحرة المجتمعية لأعضاء هيئة التدريس قادت إلى تدني معايير التعددية الفكرية والتنوع الثقافي وبالتالي تكوين جيل من الأساتذة يدركون أهمية اتباع المدرسة الفكرية الموحدة وبأن الخروج عن مبادئها يقود إلى خسارة في الامتيازات الشخصية والوظيفية.
(يتبع)
1
ريم
2010-06-29 07:39:27اعتقد انها مسالة وقت وبعدها سنجد الحريات الاكاديميه
وللعلم طرح هذا الموضوع اكثر من مرة ويبدو انه في تحسن مطرد اول ماطرح واجه هجوم شديد من الفئة التي خاف من فقدان الامتيازات ام الان يبدو ان الوضع تغير واصبح هناك
قبول للفكرة قد نراها تترجم الى افعال على ارض الواقع
قريبا طرح جرئ لم يكن متوقعا
2
د.تهاني اللحام - أمريكا
2010-06-29 06:32:58كما تعرف يا د. محمد أن هناك بعض الكليات الصحية في الجامعة كانت تمارس العنصرية ضد أبناء مناطق معينة. والدليل أنه لايوجد ولاعضو هيئة تدريس بدرجة أ.مساعد يعمل لديهم وموقعهم الاليكتروني شاهد على ذلك. فكل الطاقم من مناطق معينة.والعمداء السابقون واللاحقون يتواصون على ذلك.
3
قرنفل بحري
2010-06-29 02:38:39لماذا تبدأ بالمدح في البداية ومن ثم تدخل في موضوع المجلس العلمي. هل لأنه وقف حجرة عثر أمام أوراق شخص تعرفه أنت بشكل شخصي. الحرية الأكاديمية لايمكن أن تحدد من خلال مقابلة لجنة المجلس العلمي. حظ أوفر لذلك الشخص الذي تعرفه في أن يبقى مكانه.
4
مجرد قارئ
2010-06-29 01:29:27عجب لا ينقضي منه العجب
في نفس الصفحة التي كتبت بها أيها الفاضل يكتب أساتذة من جامعة الملك سعود ومن كل الأطياف، ولو كان الحديث عن غير جامعة الملك سعود لكان قابلاً للتأمل
همسة...الكلمة أمانه
5
مبتعث
2010-06-29 01:07:45اعتقد انه مقال جدير الاهتمام والمتابعة لما يأتي من مقالات قادمة، الناحية الأخرى لا نغفل أن جامعة الملك سعود كسبت أكثر من حجمها كثير فقط من خلال موقع الكتروني وميزانية مفتوحة من قبل الدولة، مع بعض الاستثمارات لأراضيها، أما الحراك العلمي فهو كما كان والواسطات في المناصب أيضا.
6
د/عبدالسلام محمد
2010-06-28 21:00:57اخى الفاضل
اعتقد ان الحراك العلمى الذى تشهده جامعة الملك سعود ليس طفرة ,كما انها تسير على الطريق السليم. وعملية التقدم فى البححث العلمى عملية تراكمية وسياتى ثمارها مستقبلا وستنعكس على مستوى معيشة الفرد السعودى.
كما ان الجامعة قد اخذت بالاساليب المتعارف عليها عالميا للتقدم العلمى.
7
أبو عبدالرحمن2000
2010-06-28 20:38:53اكيد الجامعه ماشاء الله بتكون في... اذا انت من طلبتهااا
8
ريتشارد نصري
2010-06-28 20:12:44إن كانت هذه حقيقة تلك اللجنة والمجلس فهذه مصيبة يامحمد..
نحن نعقد الآمال على تلك الجامعة لمستقبل أفضل تكون فيه ممارسة أكاديمية صحيحة, وبيئة علمية متحررة من الشوائب التي طوقت مجتمعها الخارجي..
الحقيقة أن الجامعة لازالت تخطو خطواتها الأولى نحو ذلك , ومانراه من جهود - ولو كانت غير كاملة الآن- هو مايجعلنا نأمل بنتاج جيد لذلك الحراك..
أرجوا أن تأتي على ذكر , نوعية المناهج والخطط الدراسية , تنظيم العلاقة بين الأستاذ والطالب , الجمعيات والنشاطات اللاصفية التي هي ضرورة في كل جامعة محترمة..
9
لالافبقيث
2010-06-28 19:19:29جامعه اعلامها كثر في الصحف مؤخرا نتمنى الاهتمام بالعمل لا بالاعلام
10
أبو عبدالرحمن2000
2010-06-28 16:08:44أهنيك على هذا المقال
أخيراً تجرأ أحدهم لنقد المدرسة الفكرية الم... بجامعة الملك سعود
11
Ausie الأسترالي
2010-06-28 15:59:37طيب وجامعة الملك سعود للعلوم الصحية في الحرس الوطني والتي تنتمي إليها يادكتور..ماهو موقعها من الإعراب ؟
12
أبوخالد القحطاني
2010-06-28 14:33:26حقيقة ونحن من خارج الجامعة يخالجنا القلق من مستقبلها فيما لو فشلت.. لأن فشلها قد يسبب كارثة على التعليم العالي بأسره.. ماأقصده أن صانع القرار وهو يدعم الجامعة بكل وسائله يضع منها نموذج يمكن تطبيقه في الجامعات الاخرى.. فلو لم تحقق الجامعة المراد منها فسوف يتوقف هذا الدعم وعلى الجميع..
13
عبدالله القحطاني
2010-06-28 09:54:37مع احترامي الشديد لجامعة الملك سعود إلا أن توظيف علماء نوبل والاهتمام بالموقع الالكتروني لا يعني انها جامعة قوية بل المسألة تتعلق بجودة خريجها ومن خلال خبرتي في الحياة العملية أجد أن طلاب هذه الجامعة ضعفاء علمياً وفي اللغة الانجليزية ولذلك لا يتم توظيفهم في الشركات الدولية المعروفة ,
14
عبدالرحمن العليان
2010-06-28 09:48:33معقول في جامعة الملك سعود اللي اعرفه ان هذا في جامعة الامام