كتبتُ الاسبوع الماضي عن برنامج سهولة الوصول الشامل وأهمية تفعيله بعد إنهاء الجزء النظري منه والذي يشرف عليه مركز الامير سلمان لأبحاث الإعاقة ، وقد اقترحت بعض الأفكار في هذا الشأن، مثل إيجاد نظام أو قانون إلزامي بتطبيق معايير الوصول الشامل وإيجاد لجنة أو هيئة مستقلة تعنى بالاعتراف بالجهات التي تطبق محتواه.

البعض يرى أن مجرد إصدار نظام غير كاف ويخشى من عدم التطبيق وهذه قضية اخرى تتعلق بالأنظمة وجدية تطبيقها. بالنسبة للهيئة المستقلة فلست أصر على مسمى هيئة بل ولست أحدد مرجعيتها وإن كنت أرى جعلها جمعية أو هيئة أهلية لتحريرها من نمطية العمل الحكومي الرسمي. جميع هذه الآراء قابلة للنقاش وحسب ما علمت فإن هناك لجانا شكلت لدراسة آلية تطبيق مشروع الوصول الشامل، رغم أنه يفترض وضوح الآلية منذ البدء كجزء من خطة العمل في المشروع.

البعض أشار إلى أن هناك العديد من الجهات تحمست للمشروع ووقعت اتفاقيات مع مركز أبحاث الإعاقة في هذا الشأن ، وقد أشرت إلى أن توقيع الاتفاقيات ليس مجديا إذا لم نرَ تطبيقاً على أرض الواقع. على سبيل المثال لقد وقعت جامعة الملك سعود، ووزارة البلديات ووزارة النقل وهيئة السياحة والآثار وبعض أمانات المدن وغيرها اتفاقيات في هذا الشأن ، كما أن جهات أخرى مثل وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة في مجلس إدارة مركز الأمير سلمان لابحاث الإعاقة فهل لمسنا تطبيقاً على أرض الواقع تبنته تلك الجهات في شأن الوصول الشامل، أم أننا لازلنا ندور في فلك الدراسات والنقاشات ومذكرات التفاهم؟

ربما نحتاج العودة لشرح مفهوم الوصول والتنقل الشامل، لنتجاوز تعريفنا السابق له بأنه مشروع يهم جميع شرائح المجتمع ، يهمنا جميعاً، وليس فقط أصحاب الإعاقات. سهولة الوصول والتنقل الشامل تعني تسهيل تنقلنا ووصولنا لمختلف الأماكن وإذا كان هناك 10% تقريباً من السكان يعانون من إعاقات مختلفة وهم بحاجة ماسة لمثل هذا المشروع فإن هناك حوالي 40% من السكان يحتاجون مساعدة أيضاً في التنقل والوصول بشكل دائم أو مؤقت مثل النساء الحوامل، كبار السن، من يعانون من آلام وإصابات في المفاصل او النظر أو السمع، أصحاب الوزن الثقيل، أصحاب اللياقة المتواضعة، إلخ . بل إننا جميعاً وبنسبة 100% نحتاج في يوم ما إلى مثل هذا المشروع، فعلى سبيل المثال قد لا يجد البعض مشكلة في صعود أربع أو خمس درجات في مقدمة سكنه أو عمله أو مكان يراجعه في الأحوال العادية، لكن ماذا سيكون الوضع عندما يحمل شيئاً ثقيلاً أو يساعد شخصاً آخر أو عندما يكون متعباً أو مرهقاً.. هنا سيكون إيجابيا له وجود مدخل اسهل من الدرج. قد لايفكر مصمم (كاونتر) الاستقبال في مؤسسة حكومية في ارتفاعه أو انخفاضه لكن من المهم أن يكون مناسباً للجميع بحيث لا نضطر للانحناء كثيراً للاسفل أو الأعلى. هذه مجرد أمثلة لما يعنيه سهولة الوصول وجميعنا سيكبر أو يتعب أو يمرض يوما ما وحينها سيبحث عن الطريقة الأسهل للتنقل والوصول.

أخيراً سهولة الوصول والتنقل الشامل لها علاقة كبيرة بالتصميم والبناء والتشييد ، لذلك يجب أن تتبنى كليات العمارة والتصميم والجمعيات والهيئات المهنية ذات العلاقة كجمعية المهندسين نشر الوعي بأهمية المشروع وتعليم وتدريب المعنيين بتطبيقه. يجب أن نساهم في تغيير الفكر التشييدي من التركيز على جمال التشييد واعتبار جميع المستفيدين منه أقوياء واصحاء إلى التركيز على الجانب الوظيفي وأهمية مراعاة احتياجات جميع الفئات.