عكف مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة طيلة السنوات الثلاث الماضية على إعدا مشروع سهولة الوصول الشامل ويهدف كما هو واضح من مسماه إلى تسهيل الوصول والتنقل للفئات الخاصة كأصحاب الإعاقات بمختلف أنواعها والعجزة وغيرهم. وكمركز بحثي فقد قام المركز بعدة خطوات إيجابية في هذا الشأن بدأت بالحصول على الدعم اللازم للمشروع ثم تشكيل فريق عالمي للقيام بالمهام العلمية للمشروع والتوعية بالمشروع للجهات المختلفة عبر تظاهرات إعلامية وعبر توقيع اتفاقيات متنوعة لتطبيق المشروع تحت رعاية أصحاب السمو الملكي الأمراء رعاة المركز ، ورواد العمل الخيري في مجال الإعاقة وعلى رأسهم سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز ، وسمو أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز وبمتابعة مباشرة من سمو الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس إدارة مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة.

بعد هذا الجهد يدخل المشروع عنق الزجاجة في جانبه التنفيذي ؛ حيث إن إصدار الدراسة أو الوثيقة العلمية لن يجبر الجهات المعنية على تنفيذ ماجاء فيها من مواصفات ، وتوقيع الاتفاقيات أيضاً مع الجهات المختلفة لايعني ضماناً لالتزام تلك الجهات بالتنفيذ كما يجب حيث يتطلب الأمر التزاماً، وتوفر موارد وتدريب وقوانين تتجاوز إمكانات بعض الجهات التي قامت بالتوقيع.

البعض يرى أن اعتبار تلك الوثيقة جزءاً من كود البناء السعودي سيضمن تنفيذها، ولكن حتى كود البناء السعودي يراوح مكانه ولا أدري إن كان الجميع يلتزم فيه أم لا . من هنا أرى أن تنفيذ اشتراطات ومواصفات البنى التحتية المهيأة للوصول الشامل يتطلب الخطوات العملية التالية، وقد تنفذ مجتمعة أو على مراحل وفق برنامج زمني واضح.

الخطوة الأولى تتمثل في اعتماد المشروع كنظام إجباري يقره المقام السامي ومجلس الوزراء بحيث تجبر جميع القطاعات على الالتزام بمحتواه في تنفيذ مشاريعها والمشاريع التي تشرف عليها. لعلنا نبدأ بالمشاريع الجديدة حيث يوجد لدينا عدد كبير من المشاريع الحديثة والضخمة على مستوى المملكة، ولو استطعنا فرض متطلبات سهولة الوصول الشامل على تلك المشاريع لتحققت لنا نقلة نوعية ممتازة في سبيل خدمة أصحاب الإعاقات.

وبالنسبة للمشاريع القائمة فقد تمنح فرصة خمس سنوات لتهيئة بناها التحتية لتكون مناسبة في هذا الشأن.

الخطوة الثانية التي أقترحها وقد تطبق أولاً على مؤسسات القطاع الخاص تتمثل في إنشاء نظام الاعتراف بتطبيق معايير سهولة الوصول الشامل، عبر هيئة أو لجنة أو جهة مستقلة. هذا النظام سيمنح للجهة التي تقوم بتطبيق المعايير شهادة اعتراف يحق لها أن تبرزها وتتباهى بها كمنشأة مهيأة لأصحاب الإعاقات. في المرحلة الأولى قد يكون الحصول على الشهادة اختياريا وفي مرحلة لاحقة قد يكون إجباريا يسبق الحصول على التصريح اللازم. على سبيل المثال قد يطبق الأمر على المستشفيات والفنادق والمدارس والكليات والمواصلات بحيث يعترف بكونها صديقة الإعاقة في البداية ولاحقاً لاتجدد تصاريحها مالم تلتزم بالحصول على تلك الشهادة. تماماً كما نمنح شهادة الاعتماد / الاعتراف الأكاديمي والصحي. طبعاً أقترح جهة مختلفة عن مركز الأمير سلمان لابحاث الإعاقة بصفته مركز أبحاث استشاريا وهذا العمل ليس من مهامه.

أحد الخيارات قد تكون في إنشاء مؤسسة/ جمعية أهلية ضمن منظومة مؤسسات المجتمع المدني لتتولى القيام بهذا العمل.

أشيد بالقائمين على البرنامج وأتمنى أن توجد الطريقة المثلى لتطبيقه بشكل إيجابي، حتى لا يتحول إلى مجرد مشروع إعلامي ودراسة نظرية.