صامدون في وجه الفقر الذي يعكر صفوة حياتهم.. يواصلون الليل بالنهار لتوفير لقمة العيش لأبنائهم.. لا يسألون الناس إلحافاً.. الصبر ديدنهم رغم ما يواجههم من عقبات.. يقفون خلف بسطات صغيرة لتوفير قوت أبنائهم اليومي ودفع إيجار مساكنهم التي تؤويهم حتى لا يجدوا أنفسهم وأبناءهم في الشارع يعيشون بين مستوى خط الكفاف ومستوى خط الفقر أحلامهم لا تتعدى توفير لقمة العيش لأبنائهم التي تمضي أياماً ربما لا يشاهدونهم فيها فهم يخرجون صباحاً ولا يعودون إلا في منتصف الليل عندما ينام أطفالهم!!

«الرياض» حاورتهم ولامست همومهم وآمالهم التي لم تتجاوز إصدار تصاريح لهم تمنحهم حرية البيع وتوفير لقمة العيش لأبنائهم.

مسن يعول 13 من الأبناء و20 ألف قيمة الإيجار

يقف ذلك المسن خلف مجموعة من الصناديق تحت أشعة الشمس وقد أنهكه التعب ويبدو شارد الذهن لا تعرف فيما يفكر اقتربنا منه وقطعنا عليه حبل أفكاره سألناه عن اسمه فقال طايع بن منيع المطيري عمري 60 عاماً أعمل بائعا متجولا في الخضار والفاكهة سألناه وما الذي دفعك للعمل الشاق في هذا العمر نظر إلينا وكأننا نبشنا عليه هما يحمله صبح مساء وقال انني أعول 13 من الأبناء بنين وبنات ولا يوجد لدي سكن فأنا مستأجر بمبلغ 20 ألف ريال فكيف تريدونني أوفر هذا المبلغ الكبير.. وعن أكبر ما يضايقه أثناء توفير مصدر قوت أبنائه قال ان البلدية والدوريات الأمنية غالباً ما يضايقونه وتصادر البلدية بضاعته.. وتمنى المطيري أن تسمح لهم البلدية بالبيع من خلال تأجيرهم بعض المباسط الخاصة أو إصدار بطاقة بائع متجول حتى يستمر في توفير مصدر رزق له ولأبنائه.

ولا تختلف حكاية طايع المطيري عن حكاية المواطن ساعد بن عويطان البقمي (60) عاماً فكلهم في الهم سواء في البحث عن مصدر رزق لهم ولأبنائهم وبنبرة حزن يقول: لي من الأبناء (16) ابناً بنين وبنات وراتبي التقاعدي لا يغطي احتياجات هذه الأسرة الكبيرة ومصاريف الإيجار.

وبيّن البقمي ان أكثر ما يورقه أثناء عمله اليومي والذي يمتد من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً هو ملاحقة البلدية له ومصادرة بضاعته ومضايقة الوافدين له في بيع الخضار والفاكهة.. وقال البقمي اني أتمنى أن يسمح لنا ببطاقات باعة جوالة أو وضع مباسط خاصة لنا وتأجيرها بمبالغ رمزية لأن ذلك يعيننا على مواجهة ظروفنا العائلية ويتذكر البقمي ذلك الموقف عندما صادر مندوب البلدية بضاعته التي كان قد استلف مبلغها من جاره.. وناشد البقمي الجهات المختصة في النظر في موضوع الباعة الجوالة من المواطنين وإصدار تصاريح لهم ووضع أماكن لهم ومتابعة الوافدين الذين يسرحون ويمرحون في البلد دون رقيب.

البيع على الأرصفة

وحكاية سمار حيان الحربي لا تختلف عن حكاية من سبقوه أو من يعمل في البيع على الأرصفة من المواطنين محدودي الدخل سمار الحربي يبلغ من العمر (50) عاماً ولديه من الأبناء عشرة لكنه يعيش في حيوية الشباب مستأجر ولا يوجد له دخل سوى البيع على الأرصفة ومع ذلك يظل يكافح صباحاً ومساءً لتوفير متطلبات أسرته.

يقول سمار اني أعاني أشد المعاناة من البلدية والدوريات الأمنية التي تلاحقنا لمنعنا من البيع على الأرصفة لكن أين نذهب والعمالة الوافدة تشغل الوظائف في الشركات والمؤسسات وتمتلك رؤوس الأموال بالتستر من قبل المواطنين سوى أن نعمل في هذا العمل ومع ذلك يضايقنا الأجانب.. وطالب الحربي بوضع نظام خاص للباعة الجوالة وتشجيع المواطنين على هذا العمل ومنع الأجانب.

ويشاركه الهم في هذا العمل نايف داخل المطيري (متقاعد) والذي قال ان جميع أبنائي لا يعملون وأنا مستأجر بمبلغ 12 الف ريال ولا أستطيع توفير هذا المبلغ ومصروف الأبناء من هذه البسطة البسيطة التي ربما يصادرها مندوب البلدية بين لحظة وأخرى.. وناشد المطيري المسؤولين بإيجاد تنظيم للباعة الجوالة خاصة للأسر المحتاجة التي لا تستطيع توفير مصدر رزق لأبنائها.

أما أحمد محمد سعيد الشمري والذي يعمل مساءً حارس أمن براتب 1500 ريال وفي الصباح يبيع على الرصيف قال ان الراتب لا يكفي لتسديد إيجار المنزل البالغ عشرة آلاف ريال وتوفير متطلبات الأبناء.. وقال انني أستلف مبالغ مالية لهذه البسطة وغالباً ما تصادرها البلدية وندفع من غرامات وتحجز سياراتنا ونعود من جديد في دائرة اقتراض المبالغ من الأصدقاء والأقارب ونعجز عن التسديد.. ويتفق الشمري مع من سبقوه في معاناتهم ومطالبتهم بدراسة وضعهم وإصدار تصاريح خاصة للسماح لهم بالبيع وخاصة من تثبت حاجته للعمل.

وطالب الشمري بتطبيق عقوبات على العمالة السائبة التي تضايقهم في كسب مصدر رزقهم ورزق أبنائهم.

إلى ذلك أكدت دراسة حديثة للأستاذ الدكتور راشد بن سعد الباز، أستاذ الخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية صعوبة الوصول إلى تحديد دقيق لمستوى الفقر في المملكة لارتباطه بعدد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والصحية والبيئية، وهناك معايير ومعادلات كمية عديدة لحساب مستوى الفقر في بعض المجتمعات تتصف بعضها بالتعقد وتعتمد على بيانات ومؤشرات اقتصادية عديدة. ومن المعايير شائعة الاستخدام في حساب مستوى الفقر هو الاعتماد على متوسط دخل الفرد، لكن هذا المعيار غير دقيق. وقد توصلت دراسة الدكتور الباز إلى تحديد ما يُمكن تسميته بـ «مستويات الدخول الاقتصادية المحتاجة إلى دعم»، حيث تم وضع مستويين هما: مستوى (خط) الكفاف ومستوى (خط) الفقر. وذلك بالاعتماد على عدد من المؤشرات واتباع عدد من الخطوات، والتي تتمثل في:

الخطوة الأولى:

تحديد متوسط الدخل السنوي للفرد في المملكة، وقد تم اتباع عدد من الإجراءات في ذلك وهي:

1 - تم استخدام متوسط الدخل السنوي للفرد في المملكة كما جاء في تقرير البنك الدولي لعام 2002م، وهو 7,230 دولاراً (World Development Indicators ,2002 2002). ويُعادل ذلك بالريال السعودي 27,112 ريالاً سنوياً أي 2260 ريالاً شهرياً.

2 - تم استخدام الوسيط الحسابي لسلم رواتب الوظائف المدنية في الدولة بأنواعها الأربعة والمحددة في نظام الخدمة المدنية، وذلك بعد خصم نسبة 9٪ للتقاعد وإضافة بدل النقل، وقد تم استخدام ذلك نظراً لأن معظم القوى العاملة في المملكة تعمل في القطاع العام، والأربع فئات هي:

أ - سلم رواتب الموظفين (تم استبعاد مراتب الوظائف العليا من المرتبة الثالثة عشرة فما فوق)، وبلغ الوسيط لهذه الفئة 5663 ريالاً.

ب - سلم رواتب الوظائف التعليمية، وبلغ الوسيط لهذه الفئة 6934 ريالاً.

ت - سلم رواتب المستخدمين، وبلغ الوسيط لهذه الفئة 2083 ريالاً.

ث - سلم رواتب المعينين على بند الأجور، وبلغ الوسيط لهذه الفئة 2500 ريال.

بعد أخذ الوسيط الحسابي لكل فئة من الفئات الأربع السابقة تم حساب المتوسط الحسابي لمجموع هذه الفئات كما في المعادلة التالية:

متوسط الراتب الشهري للوظائف المدنية =

(5662 + 7260 + 2083 + 2500) / 4 =

17,504 / 4 = 4376 ريالاً.

3 - تم استخدام المتوسط الحسابي لمجموع متوسط الدخل الشهري بحساب تقرير البنك الدولي لعام 2002م، وهو 2260 ريالاً شهرياً ومتوسط الراتب الشهري للوظائف المدنية، كما يتبين من المعادلة التالية:

متوسط دخل الفرد الشهري = (2260 + 4376)/ 2 = 6636 = 3320 ريالاً

متوسط دخل الفرد السنوي = 3320 * 12 = 39,840 ريالاً

ونخلص من هذا أن متوسط الدخل الشهري للفرد في المملكة يُقدر بـ 3320 ريالاً ومتوسط الدخل السنوي للفرد في المملكة يُقدر بـ 39,840 ريالاً.

الخطوة الثانية:

تم وضع حدين لمستوى الدخول الاقتصادية للأُفراد والأسر الذين يحتاجون إلى دعم، انظر جدول رقم (21):

1 - مستوى الكفاف

يُمكن إعطاء مؤشر للمستوى أو خط الكفاف في المملكة وذلك باعتبار إذا قل الدخل السنوي عن نصف متوسط الدخل السنوي (50٪) فيُعتبر الفرد أو الأسرة في مستوى الكفاف. ولتوضيح ذلك فإذا كان متوسط الدخل السنوي للفرد في المملكة كما تم الإشارة إليه 39,840 ريالاً (3320 ريالاً شهرياً) فإن الفرد الذي يكون دخله أقل من 19,920 ريالاً سنوياً (1660 ريالاً شهرياً) يُعد في دائرة الكفاف، انظر المعادلة الآتية:

مستوى خط الكفاف = متوسط الدخل السنوي للفرد * 50٪

39,840 * 50٪ = 19,920 ريالاً.

وبالتالي فإن الدخل الاقتصادي البالغ 19,920 ريالاً سنوياً يُمكن اعتباره مستوى خط الكفاف للفرد في المملكة العربية السعودية.

ويُمثل تحديد مستوى الكفاف للأسرة صعوبة أكبر لكن كمؤشر عام وباعتبار أن مستوى خط الكفاف للفرد هو مبلغ 19,920 ريالاً سنوياً (1660 ريالاً شهرياً)، فإنه يُمكن حساب مستوى الكفاف للأسرة المكونة من زوج وزوجة بإضافة نسبة 50٪ من مستوى خط الكفاف للفرد، يوضح ذلك المعادلة التالية:

(50٪ 1660) + 1660 = 830 + 1660 = 2500 ريال شهرياً تقريباً

2500 * 12 = 30,000 ريال سنوياً

ويتبين من ذلك أن مستوى خط الكفاف للأسرة هو 30,000 ريال سنوياً، بمعنى آخر الأسرة المكونة من زوج وزوجة ويصل دخلها السنوي إلى 30,000 ريال أو أقل (2500) ريال شهرياً أو أقل) تُعد في دائرة الكفاف.

ويمكن أيضاً حساب مستوى خط الكفاف للأسرة المكونة من زوجين وطفل أو أكثر وذلك بإضافة نسبة 20٪ من مستوى خط الكفاف للفرد لكل طفل، يوضح ذلك المعادلة التالية:

الطفل الأول:

(20٪ 1660) + 2500 = 332 + 2500 = 2832 ريالاً شهرياً (تقريباً)

2832 * 12 = 33,984 ريالاً سنوياً

وبالتالي فإن الأسرة المكونة من زوجين وطفل واحد إذا كان متوسط دخلها السنوي يبلغ 33,984 ريالاً (أي 2832) ريالاً شهرياً فتُعد في دائرة الكفاف.

الطفل الثاني:

ويمكن حساب مستوى خط الكفاف للأسرة المكونة من زوجين وطفلين بإضافة نسبة 15٪ من مستوى خط الكفاف للفرد التالي، كما في المعادلة الآتية:

(15٪ 1660) + 2832 = 250 + 2832 = 3082 ريالاً شهرياً

3082 * 12 = 36,984 ريالاً سنوياً

وبالتالي فإن الأسرة المكونة من زوجين وطفلين إذا كان متوسط دخلها السنوي يبلغ 36,984 ريالاً أو أقل (أي 3082 ريالاً شهرياً أو أقل)، فتُعد في دائرة الكفاف.

ويتم استخدام هذه الطريقة بإضافة 15٪ مع كل طفل إضافي.

ويعني تحديد مستوى أو خط الكفاف أن الفرد أو الأسرة الذين يقعون في دائرة الكفاف أو قريباً منها قادرون على تأمين الحد الأدنى من مستوى المعيشة وتوفير الاحتياجات الأساسية المقبولة في المجتمع الذي يعيشون فيه لكنهم يتحاجون إلى دعم، سيتم الحديث عن نوعية الدعم لاحقاً، للرفع من مستواهم الاقتصادي والمعيشي أو للمحافظة، على أقل تقدير، على مستواهم الاقتصادي حتى لا ينحدروا إلى دائرة الفقر، كما أن هؤلاء الأفراد غير قادرين على مواجهة أي ظروف أو طوارئ مادية.

2 - مستوى خط الفقر

ويتم حساب مستوى أو خط الفقر باعتماد مستوى الكفاف وذلك بعد استقطاع جزء من الدخل أجرة للمسكن، حيث إن أجرة السكن متغير نسبي كما أن هناك أسر تستفيد من خدماتالإسكان الخيرية أو من خلال تحمل بعض الجمعيات الخيرية أو المحسنين لأجرة السكن أو يملكون مساكن وبالتالي معرفة صافي الدخل بعد خصم الأجرة المتوقعة للمسكن سيكون أدق في تحديد مستوى خط الفقر، ويتضح حساب ذلك في المعادلة التالية:

مستوى الكفاف السنوي-اجرة المسكن السنوية= مستوى الفقر

ففي حالة الفرد فمن المتوقع ألا يقل متوسط الأجرة السنوية لشقة صغيرة مقبولة للسكنى في أي مدينة في المملكة عن 6500 ريال ومعنى هذا ان المتبقي من الدخل والذي يمثل خط الفقر للفرد هو (1120) ريالا شهرياً:

650019920 13420 ريالا سنويا

1340/12= 1120 ريال شهريا

وبالنسبة للأسرة المكونة من زوجين فمن المتوقع ألا يقل متوسط الأجرة السنوية لشقة مقبولة للسكنى أسرة سعودية عن 10500 ريال، ومعنى هذا أن المتبقي من الدخل والذي يمثل خط الفقر للأسرة هو (1625) ريال شهريا، كما في المعادلة الآتية:

30000-10500=19500 ريال سنويا

19500/12= 1625 ريالا شهريا

وبالنسبة للأسرة المكونة من زوجين وطفل فمن المتوقع ألا يقل متوسط الأجرة السنوية لشقة أو دور أو بيت مقبول للسكنى لأسرة سعودية في احد الاحياء الشعبية في أي مدينة في المملكة عن 11000 ريال، ومعنى هذا أن المتبقي من الدخل للأسرة والذي يمثل خط الفقر لأسرة مع طفل هو (1748) ريالا شهريا، كما يتضح في المعادلة الآتية:

31980-11000=20980 ريال سنوياً.

20980/12= 1748 ريالا شهريا.

وبالنسبة للأسرة المكونة من زوجين وطفلين أو أكثر فمن المتوقع ألا يقل متوسط الأجرة السنوية لشقة أو دور أو بيت مقبول لسكنى أسرة سعودية من أربعة أفراد في أحد الأحياء الشعبية في أي مدينة في المملكة عن 12000 ريال، ومعنى هذا أن المتبقي من الدخل والذي يمثل خط الفقر لأسرة مع طفلين هو 1830 ريالا شهريا، كما يتضح في المعادلة الآتية:

33960-12000= 21960 ريالا سنويا

21960/12= 1830 ريالا شهريا.

وخلصت الدراسة إلى أنه بعد تأمين السكن إذا كان متوسط صافي الدخل للفرد ما يقرب من 13420 ريالا سنويا (1120 ريالا شهريا) أو أقل، والأسرة المكونة من زوجين إذا كان متوسط صافي الدخل ما يقرب من 19500 ريال سنويا (1625 ريالا شهريا) أو أقل، والأسرة المكونة من زوجين وطفل إذا كان متوسط صافي الدخل ما يقرب من 20980 ريالا سنويا (1748 ريالا شهريا)، أو أقل، وللأسرة المكونة من زوجين وطفلين إذا كان متوسط صافي الدخل ما يقرب من 21960 ريالا سنويا (1830 ريالا شهريا) أو أقل فإنهم يعدون في دائرة الفقر أي أنهم يعانون من عدم القدرة على توفير الحد الأدنى المقبول من مستوى المعيشة في المملكة العربية السعودية، و هناك قصور في تأمين الاحتياجات الأساسية مما يجعل الأسرة معرضة للخطر والانحراف، انظر الجدول المرفق.

والدخول الاقتصادية التي تم تحديدها كمستويات للفقر للفرد والأسرة لا يمكن معها للفرد أو للأسرة من تلبية الاحتياجات الضرورية من مطعم ومشرب وملبس ومواصلات ودفع قيمة الخدمات الأساسية ناهيك عن المستلزمات الأخرى والمتطلبات الموسمية وأوقات الطوارئ كالأعياد والمناسبات وبدء الدراسة والمرض، فضلاً عن أن بعض المتطلبات التي كانت في السابق تعد متطلبات اضافية او غير ضرورية أصبحت ضرورية في وقتنا الحاضر كخدمة الهاتف الثابت والجوال وكذلك السيارة، وهذا يعني أن هؤلاء الأفراد والأسر في أمس الحاجة الى برامج مساعدات اقتصادية سواء كانت مالية أو عينية وسواء كان مصدرها حكومي أو خيري.

وبينت الدراسة ان تقسيم مستويات الدخول الى مستويين أساسيين، مستوى الكفاف ومستوى الفقر له فائدة كبيرة في بناء السياسات الاجتماعية الموجهة للتعامل مع مشكلة الفقر في المملكة وذلك من نواح عدة تتمثل في:

1- إن معرفة مستوى الفقر سيساعد في معرفة عدد الأفراد والأسر الذين يقعون في دائرة الفقر أو قريب منها وبالتالي وضع برامج واقعية تكون ملبية وكافية لاحتياجات افقراء.

2- من خلال تحديد مستوى الكفاف ومستوى الفقر يعني أنه كلما قرب الأفراد أو الأسر من دائرة الفقر أو كانوا فيها كلما زادت الحاجة إلى دعمهم ومنحوا الأولية في ذلك.

3- إن تحديد مستوى الفقر يبين أن الأفراد والأسر الذين يقعون في دائرة الفقر يعانون من نقص أو قصور في توفير الاحتياجات الضرورية التي لا غنى عنها للفرد أو الأسرة وبالتالي يشكل خطراً عليهم وعلى مجتمعهم كالتوجه إلى التسول أو الانحراف مما يتطلب الإسراع من قبل أجهزة الدولة المعنية للتدخل لمعالجة وضعهم.

4- تحديد نوعية الدعم المطلوب حسب المستوى الاقتصادي للأفراد والأسر، وتقديم الدعم ليس مقصوراً على الدولة بل يشترك في تقديمه القطاع الحكومي والقطاع الخاص والقطاع الخيري مع وجود آلية للتنسيق في ذلك، وهذا الدعم يمكن تقسيمه الى ثلاثة أنواع رئيسة:

أ - خدمات مباشرة، وهي التي تتمثل في الإعانات المالية والعينية من غذاء وكساء وخلافه، وإن كان لا يفضل الاعتماد على هذا النوع من الخدمات حيث قد يؤدي إلى الاتكالية لدى المستفيدين لكنه ضرورة للفئة التي تقع في دائرة الفقر لتوفير الاحتياجات المعيشية الأساسية.

ب - خدمات غير مباشرة وهي خدمات تتمثل في تدريب وتأهيل الأفراد المعوزين، وتقديم الاستشارات والدعم المعنوي لهم وغرس حب العمل وكذلك التوعية الاستهلاكية.

ت - خدمات القروض والاستثمار، وهي التي تركز على منح قروض بلا فوائد يستفيد منها المحتاجون لإتمام بعض المشروعات كشراء منزل أو ترميمه أو سيارة تتطلبها الأسرة أو لدفع تكاليف الحصول على مؤهل أو تدريب يمنح فرصة للعمل، أو القيام بمشروعات صغيرة انتاجية، بالاضافة الى استثمار مبالغ لصالح الفقراء تهدف الى الادخار وذلك للرفع من مستواهم الاقتصادي، وتعويدهم على التفكير ووضع خطط للمستقبل.

فالأفراد والأسر الذين يقعون في دائرة الفقر يركز في الدعم الموجه لهم على الخدمات المباشرة وكذلك الخدمات غير المباشرة للعمل على رفع مستواهم الى مستوى الكفاف. وبالنسبة للأفراد والأسر الذين يقعون في دائرة الكفاف فيركز في الدعم الموجه لهم على الخدمات غير المباشرة وكذلك خدمات القروض والاستثمار بهدف الرفع من مستواهم الاقتصادي والادخار للمستقبل او على الأقل المحافظة على وضعهم حتى لا ينحدروا لمستوى دائرة الفقر.

5- إن وجود مستويين للدعم، كما سبق توضيحه، يعني أن الدعم من خلال الخدمات المباشرة الموجهة للأفراد والأسر الذين يقعون في دائرة الفقر يراعى أن تكون قيمتها سواء كانت مالية أو عينية موازية للفرق بين مستوى الفقر والكفاف حسب الوحدة (فرد، أسرة مع طفل..، وذلك تبعاً للمعادلة الآتية، انظر الجدول المرفق.

مستوى الكفاف - مستوى الفقر= الدعم المطلوب.

فبالنسبة للفرد تكون قيمة الدعم:

1660-1120= 540 ريالا شهريا.

وبالنسبة للأسرة المكونة من زوجين تكون قيمة الدعم:

16252500= 875 ريالا شهريا.

وبالنسبة للأسرة المكونة من زوجين وطفل تكون قيمة الدعم:

17482832 1084 ريالا شهريا.

وبالنسبة للأسرة المكونة من زوجين وطفلين تكون قيمة الدعم:

18303082= 1252 ريالا شهريا.

6- يمكن الاستدلال من مستوى الكفاف على وضع حد أدنى للأجور بالنسبة للموظفين والعاملين السعوديين سواء في القطاع العام أو الخاص، حيث يمثل حد الكفاف للفرد وهو 1660 ريالا شهريا الحد الأدنى للاجور، مع التزام القطاع الخاص بتطبيق ساعات العمل المعمول بها في الدوائر الحكومية، وهذا سيؤدي بإذن الله الى خفض في عدد الأفراد الذين يقعون في دائرة الفقر.

٭ تؤخذ في الاعتبار نسبة التضخم السنوية في المملكة لكل سنة.

وتشير الدراسة الى ان ما تم التوصل اليه حول تحديد مستويات الدخول الاقتصادية المحتاجة الى دعم والتي تمثلت في مستوى الكفاف ومستوى الفقر هي محاولة جادة في موضوع مازال بحثه يعد بكرا في المملكة والأمر يحتاج الى بحوث ودراسات اكثر تعمقا وشمولية تأخذ في الاعتبار عناصر عديدة.