قبل أكثر من سنتين، وتحديدا في رمضان عام 2007م، طرحت "الرياض" سلسلة من التحقيقات عن خطر التعصب القبلي انطلاقا من عدة محاور، منها مهرجان مزايين الابل، ومنابر الشعر على القنوات الفضائية، ومنتديات القبائل..وسعد المجتمع -خصوصا الفئة التي تعي حقيقة هذا الخطر- بإيقاف المهرجانات وحصرها على أم رقيبة فقط، كذلك ظهور فتاوى شرعية تبين عدم جواز استخدام رسائل "الفزعة" في المسابقات الشعرية، لكن نذر خطر آخر بدأت تظهر على مستوى التجمعات الصغيرة في المدن والمحافظات وحتى القرى والهجر لاتقل خطورة عن "مغذيات التعصب".

ويأتي هذا الخطر من منتديات تحمل أسماء مدننا ومحافظاتنا وقرانا، تديرها شخصيات مجهولة سخرت جهودها لتصفية الحسابات والسب والشتم بأقذع العبارات والنيل من اعراض الناس دون وجود ضوابط حقيقية او ملاحقات قانونية رادعة، منتديات لا تعد ولا تحصى بمسميات مختلفة، حتى انك تجد في المدينة أو المحافظة أو حتى القرية الصغيرة أكثر من اصدار الكتروني، وينسب لاحدى المحافظات التي لا يزيد عدد سكانها عن 30 ألف نسمة أكثر من 17 منتدى بمسميات مختلفة يحركها أكثر من ستة آلاف عضو لا تستطيع تحديد هوية واحد منهم، وأكثرهم يتضح من اسلوبه في الكتابة أو التعليق ب"لغة الشوارع" أنه غير مثقف.

ولا ننكر ان لبعض هذه المنتديات جهوداً لابأس بها في نشر الاخبار على المستوى المحلي، او بتوصيل المطالب المتعلقة بالخدمات وبعض الايجابيات الاخرى، خصوصا تلك المنتديات التي تدار بأسماء صريحة او معروفة، لكن الخوف من اكثرية هذه المنتديات التي تحولت إلى ملجأ للمندسين ومثيري الفتن ومن يطلق عليهم "خفافيش الظلام"، والذين حولوها الى حلبات فتنة وشتائم ومعايرات وتعدي على أعراض الناس ونبش الماضي لإيقاض الفتن النائمة، التي طالت المدن والمحافظات والأسر والقبائل وتعدت على خصوصيات المجتمع وأحرجت العقلاء.

وقال المواطن سعود: المنتدى الذي ينسب الى اسرتي أحرج العقلاء من العائلة باتباع نهج التمجيد المبالغ فيه للاسرة على حساب الاخرين، مما تسبب في حدوث خصومات وكراهية من بعض جيراننا والمحيطين بنا، وأقول ذلك تحت قناعة "يجب ان تعمل حتى يتحدث عنك الآخرين"، لا أن تتحدث عن نفسك كما يقول المثل "مدح النفس سماجة"، ولا استبعد تحرك من العقلاء لاصلاح او ايقاف هذا المنتدى!.

كما تحدث ابو عفاف وهو أحد أعضاء هذه المنتديات، حيث قال: هناك منتديات تلتزم بالآداب العامة أو يغلب عليها ذلك، ومنتديات أخرى تعاني من انفلات ونقص الذوق بسبب شخصية من يكتب لها ومستواهم الفكري، وهم في الغالب من المراهقين وقليلي الخبرة بأمور الحياة، ودائما ما تحدث خصومات ومهاترات بين مدن او محافظات او قبائل او اسر معروفة يجترها هؤلاء الصغار الى ان تصل الى الكبار، على اعتبار ان الفتنة يشعلها السفهاء ويتورط بها العقلاء، وقد نشأت خصومات اقليمية او فئوية او قبلية من امور تافهة مثل "قرعنا أكثر من قرعكم"، أو "بعاريننا أفضل من بعارينكم"، الى ان تتطور وتصل الى الاساءة المتعمدة والهمز واللمز واستخدام الالقاب و"المعايرات" واجترار احداث وروايات تثير الفتنة وتعمق الفرقة.

(ن.ه)، مشرف عام سابق على منتدى يحمل اسم احدى المحافظات، ورغم انه كان يستخدم اسما مستعارا، الا انه خرج من المنتدى عندما أدرك انه يسير في خط لايخدم المجتمع بسبب عدم تمكنه من السيطرة على حالة الانفلات التي ينهجها بعض الاعضاء في تعميق الفجوة بين ابناء المجتمع، وقال: يجب علينا تدارك الوضع قبل ان يصل الى مرحلة عدم السيطرة، ويتحول عند المراهقين من اقوال الى ممارسات.

وأضاف: يجب أن يتم ضبط أي منتدى او صحيفة الكترونية تتسبب في نشر الفتنة، بحيث لا يسمح لأي شخص بافتتاحه الا من خلال القنوات الرسمية، والحصول على ترخيص مهني بحيث يظهر المشرف العام وكافة المشرفين معه بأسمائهم الصريحة ويكونون مسؤولين عما ينشر امام النظام، ويشمل ذلك المنتديات والصحف القائمة، بحيث يستدعى القائمون عليها وتؤخذ كل بياناتهم وارقام الاتصال التي تخصهم، مضيفا: بعض التجاوزات التي طالت بعض فئات المجتمع تعرض مفتعلوها لملاحقات قضائية، حيث قرأنا مؤخرا عن وصولها الى المحاكم الشرعية، وتكرر ذلك في اكثر من حالة، ومنها الحكم الذي صدر مؤخرا ضد شخص بالقصيم بالسجن والغرامة، وتقضي جرائم المعلوماتية بعقوبات منها السجن لمدة لاتزيد عن سنة، وغرامة مالية تصل الى نصف مليون ريال أو بإحداهما، على أي شخص يرتكب اياً من الجرائم المنصوص عليها في النظام، ومنها الدخول غير المشروع الى مواقع الكترونية أو المساس بالحياة العامة.