حاولت وبصعوبة الربط بين حديث شيّق للدكتور خالد النويبت المشرف على أوقاف جامعة الملك سعود.. عن احتلال الولايات المتحدة الأمريكية حالياً لمركز الريادة في هيكلة برامج الأوقاف وإدارتها بوعي واحتراف.. وبين الأخبار الاقتصادية التقليدية المتواترة مؤخراً.. عن كثرة الخلافات الواردة (أسرياً) على المؤسسات الوقفية الخاصة.. في المملكة العربية السعودية.. خصوصاً تلك التي تشكّل رؤوس أموال ضخمة تتعدى المليار بمراحل.. هذه الخلافات تظهر على السطح في الوقت الذي لم يكمل فيها بعض هذه الأوقاف بما تحويه من عقارات وأسهم ونحوها.. عقدها الأول بعد.. في حين أكمل فيها بعض الأوقاف الأكاديمية الأمريكية عقدها العاشر..
الحقيقة بأن هذا الانتقال الميّسر للإدارات المتتابعة لهذه الأوقاف في وسط غربي.. كان ولا يزال يثير حفيظتي وشهيتي أيضاً.. عن السر الذي يكمن في هذا الإكسير الإداري الغريب.. فضلاً عن الحوكمة غير المنظورة في هكذا مؤسسات.. هذا الأمر لم أعرف له سبباً حتى اطلعت على بحث رائع بمرتبة الشرف الأولى للباحثة ريهام خفاجي عن ( مؤسسة فورد: المساحات المشتركة بين العمل الخيري والبحث الأكاديمي ).
البحث يتحدث عن ( مؤسسة فورد ) كواحدة من أهم المؤسسات الوقفية في أمريكا وأكثرها خبرة وإثارة للجدل ( من عام 1950 - 2004 م ) .. إن المتأمل لوضع المقارنة بين الأوقاف الناشئة في وسط غربي وتلك الموجودة لدينا سيلحظ الآتي:
•المؤسسية: ففي الوقت الذي امتلكت فيه مؤسسة فورد مثلاً رؤية رسالية واضحة المعالم وأهداف استراتيجية محددة.. ترجمت في صورة برامج وآليات عمل مفصلة.. كما يظهر في هيكلها الإداري المتماسك والمنظم حيث للعاملين فيها قدرات عالية على العمل الفردي والجماعي .. نجد خلاف هذا الأمر في مؤسساتنا الوقفية حيث الارتجالية في تنفيذ الأهداف رغم كونها مكتوبة ومنمقة .. وغياب الكفاءات الإدارية القائدة أو التنفيذية والتي تتعامل مع الوقف كمنشأة اقتصادية .. وبناء على هذا الأمر نجد أن مؤسسة فورد تتمتع بقدرات مؤسسية متميزة .. من حيث قدرتها على التكيف مع المتغيرات المحيطة .. في صورة تعديل على برامجها التفصيلية .. وتماسك بنيتها التنظيمية الداخلية، وكفاءة توزيع الأدوار الداخلية للعاملين بها. وقدرتها على الاستمرار كمؤسسة مستقلة عن أشخاص صانعيها.
•المنافسة: ففي حين تعامل فيه المؤسسات الخيرية في الخارج باعتبارها مؤسسات اقتصادية تدخل معترك العمل التجاري .. وقد تجني من وراء ذلك أرباح أو تتعرض لخسائر .. وفي حين تفرض الضرائب عليها كبقية المؤسسات الاقتصادية الأخرى، سعياً وراء استبعاد الراغبين في الحصول على إعفاءات أو تسهيلات ضريبية معينة من الوقف لصالح المؤسسات الخيرية وإخلاصاً لنوايا الواقفين لصالح الأهداف الخيرية والإنسانية.. وسماحاً بحصول المجتمع على حقوقه الضريبية من هذه المؤسسات.. باعتبارها مكوناً من مكونات الحركة الاقتصادية في الدولة عليها واجبات كما أن لها حقوقاً.. نجد خلاف ذلك في الأوقاف الإسلامية حيث تتمتع بوضع استثنائي مريح يجعل من الصعب عليها المنافسة في وسط تجاري شرس.. ولذا فلا غرابة حين نرى أغلب أوقافنا عبارة عن عقارات يبذل فيها الحد الأدنى من الحس التجاري..
•نشاط رديف: والمقصود به النشاطات الاقتصادية القائمة على الوقف فالأوقاف في أمريكا مثلاً تجد لها وسطاً فاعلاً عبارة عن شركات خبرة متخصصة في تقديم المشورة القانونية أو الخبرة المتراكمة في الإدارة الوقفية أو تقديم العون والاستشارة في استقطاب داعمين وأعضاء مجالس إدارات فاعلين .. في حين أن الأوقاف الإسلامية مثلاً تقتصر في إدارتها على أبناء الواقف وبعض طلبة العلم .. إننا في الوقت الذي يجب فيه احترام شرط الواقف في اختيار الناظر.. إلا أن المصلحة مقدّمة ولو من باب الخضوع للرقابة والتمتع بالدعم.
•احترام التخصصات: فقد اهتمت مؤسسة فورد بوضوح بدعم دراسات العلوم الاجتماعية والأنشطة المدنية المرتبطة بها.. وبالتالي تكوّن لديها فريق من العاملين المتخصصين.. تمكنوا من فهم مواضع التأثير والتأثر في هذه القضايا والأنشطة الاجتماعية .. كما استطاعت بتخصصها في تمويل دراسات العلوم الاجتماعية تحديداً إحداث فروق ملموسة في البنية المعرفية لهذه العلوم .. والتأثير فيها بحثيًّا وتعليميًّا لفترة طويلة في حين أن الأوقاف لدينا لا يخرج فيها شرط الواقف عن تحفيظ القرآن ..!
• البيئة القانونية: فنجد بكل بساطة أن الأوقاف الغربية تتمتع بلوائح داخلية دقيقة وحوكمة وقفية قانونية ومحاسبية واضحة لا تجعل مجالاً للاجتهاد أو الخطأ غير المبرر.. في حين تعاني مؤسساتنا الوقفية من هدر في توزيع الريع بشكل عادل أو حتى تحصيله .. في ضوء غياب لآلية فض المنازعات التي تنشأ بين المؤسسات الوقفية وعملائها بالطرق القانونية .. أو تحديد للآليات التي تساعد المؤسسات الوقفية على تجاوز الصعوبات الناتجة عن النزاعات بمختلف أنواعها.. أو استقراء لأي نزاع قد ينشأ في المستقبل بشأن تأويل مضمون بنود العقود ما بين المؤسسات الوقفية وعملائها.
إن هذه المقارنة .. أعادتني إلى تلك العقليات الفقهية النيرة والتي أوصلت الوقف ( نظرياً ) إلى مستويات من الكمال لا تكاد ترقى إليه بعض النظريات القانونية .. حيث القانون الأمريكي لم يستطع أن يضع إطار يحدد فيه صلاحيات الإدارة في عدم تسييل أصل الوقف واستعماله كنفقات إدارية .. مما أدى إلى كثير من الاعتداءات على أصول الأموال الوقفية ..!
*الباحث في الأنظمة العقارية
1
شمالي
2009-08-11 08:13:58الأوقاف بحاجة لجهة اشراف متخصصة ومستقلة
وقوانين تخدمها
2
ع ع م ا 1375
2009-08-10 19:29:27مع احترامي لطرحك
لورجعت لعاصمة الاوقاف في العالم الاسلامي
وأستقيت معلومات من وزراة الشئون الاسلامية والاوقاف
هناك أوقاف من عشرات القرون
موقوف بأبداع وشروط للواقف
ودور كبير للاوقاف ووزيرها بحمايتها
أنها بالمدينة المنورة
وعلي سبيل المثال
وقف الدوداية
وقف البوصة والنشير
وقف البشرية
وقف اغوات الحرم
اوقاف تاريخية اوقفها المسلمين من المعمورة
مزارع اراضي
لفقراء الحرم
للسقيا
للاضاءة
لعابر الطريق للمكتبات لحفظة القرأن
أرجو أن تستقي تلك الملومات في طرحك القادم أنشالله
3
محمد الحسين
2009-08-10 18:32:43شكرا على ماكتبت...انه تحريك لمياه راكدة!
ماذا يحدث لو طالبت وزارة الشئون الاسلامية تولى ادارة كافة الاوقاف بمافيها اوقاف جامعة الملك سعود...هل يحق لها ذلك؟
أليس من الواجب ايجاد آلية واضحة لاستثمار الوقف..دون اجتهاد شخصي فردي
فعلى سبيل المثال هناك اوقاف مؤجرة من الشئون الاسلامية على اناس بمبالغ رمزية زهيدةجدا...فلو اعلن عنها بمزايدة لاجرت بمبالغ تزيد مئة مرة عن ايجارها الحالي
عدة اسئلة تحتاج الى اجابات وبحث..والموضوع يستحق المزيد
شكرا
4
داود المقرن
2009-08-10 16:53:31الرد رقم 2 بعد تعديل الأخطاء الإملائية ربما مني أو من المصدر
الاخ العزيز عثمان
مقال أكثر من رائع
نحتاج قبل هذا تغيير الثقافة السائدة لدى أرباب العمل الخيري
فالعمل التطوعي لايعني أن أذهب اليه وقت الفرغة
يجب أن أقوم به على أكمل وجه أو أترك المجال لغيري
فليس بالضرورة أن يكون كل رئيس محكمة هو مدير التحفيظ ورئيس الجمعيةو...
كذلك ثقافة التخصص
كذلك ثقافة الأرباح التطوعية ( هل الايرادات في ازدياد ؟ هل الخدمات لأهل الصرف في تحسن؟ هل الصرف موجه ؟)
وثقافات أخر تحتاج لفترة العقول فيها والأفئدة
5
أمين الجمال
2009-08-10 15:56:13عليكم بالرجوع إلى أصول الدين لكي نفهم كيف نتعامل مع الوقف
6
داود المقرن
2009-08-10 13:20:34الاخ العزيز عثمان
مقال أكثر من رائع
نحتاج قبل هذا تغيير القافة السائدة لدى أرباب العمل الخيري
فالعمل التطوعي لايعني أن أذهب الي وقت الفرغة يجب أن أقوم به على أكمل وجه أو أترك المجال لغيري
فليس بالضرورة أن يكون كل رئيس محكمة هو مدير التحفظ ورئيس الجمعية و.. و..
كذلك ثقافة التخصص
كذلك ثقافة الأرباح التطوعية ( هل الايرادات في ازدياد ؟ هل الخدمات لأهل الصرف في تطور ؟ هل الصرف موجه؟)
وثقافات أخر تحتاج لفترة العقول فيها والأفئدة
تحياتي
7
عسل ورد
2009-08-10 13:18:50المشكلات الحاصله عن عدم وجود تخطيط وانعدام الخبره في الاداره او حتى رؤيه اداريه ليست محصوره في المؤسسات الوقفيه وانما في اغلب الجهات الخدميه وطبيعي ناتجه عن جهل وعدم رغبه في التطوير للافضل