استُضفت قبل فترة ضمن أحد برامج إذاعة الرياض للحديث حول برنامج الملك عبدالله للابتعاث، وكان هناك عدة مداخلات من قبل المستمعين، بعضها يؤيد وبعضها يتحفظ على بعض جوانب الابتعاث، ومما ورد في النقاش رؤية البعض بأهمية اقتصار الابتعاث على مرحلة الدراسات العليا، وذلك بحجة فشل طلاب البكالوريس أو بحجج اجتماعية مثل التعرض لثقافات مختلفة عن ثقافتنا المحلية..إلخ.

سأتناول موضوع الفشل الذي يتعرض له المبتعث، فقد تمثلت الإشكالية التي واجهتني وواجهت المعترضين في هذا النقاش في غياب المعلومة الموضوعية والدقيقة، فأصبح كلانا يتوقع ويخمن ويعتمد على مقاربات متنوعة. كنت أتساءل عن نسبة الفشل ، ودراسياً يمكن قياس فشل الطالب الجامعي بنسبة التسرب والانسحاب من الدراسة ونسبة التأخر الدراسي ممثلة في عدد غير القادرين على إكمال دراستهم وفق المعدل الزمني للتخصص الذي يدرسونه بنفس المؤسسة الأكاديمية.

وزارة التعليم العالي تشرف على برامج الابتعاث منذ أكثر من ثلاثين عاماً، لكنها ورغم أنها المؤسسة العلمية، ليس لديها أية دراسات تحليلة وليست تفصح عن أرقام واضحة في مجال الابتعاث، فكل ماتقوله لنا هو سرد أعداد المتبعثين أو أعداد العائدين، لكنها لا تخبرنا عن عدد المنسحبين من برامج الابتعاث والراسبين والمتأخرين وخلفياتهم ومستوياتهم، ولا تملك مايوضح مبررات الانسحاب أو الفشل، بطريقة علمية. من هنا كان دفاعي عن برنامج الابتعاث هو أن نسبة التسرب والتأخر في جامعاتنا المحلية كبير وتجاوز في إحدى الجامعات المرموقة 30% وفق تصريح معالي مديرها، الذي رأى بأن السنة التحضيرية ستكون أحد الحلول لمجابهة ذلك التسرب والتأخر الدراسي، فهل نسبة التسرب والرسوب في برامج الابتعاث تتجاوز تلك النسبة؟ إذا كان الأمر كذلك، فيحق لنا القول بوجود مشكلة في برامج الابتعاث. بمعنى آخر؛ الحكم يجب أن يُبنى على معلومات رقمية عملية واضحة وليس على حالات فردية تتناقلها المنتديات والوسائل الإعلامية....

أؤكد، الإدارات المعنية بالابتعاث لا تساعدنا في إيجاد قراءة علمية موثقة لتجربة الابتعاث وما حققته من نتائج إيجابية، بعدم رصدها وإدارتها للمعلومات المتعلقة ببرامج الابتعاث بشكل تفصيلي واضح ، وبغياب الشفافية المطلوبة في هذا الشأن.