ما كان الكمبيوتر في شيء إلا زانه، و لا دخل في حرفة أو مهنة إلا وطورها وأسهم في استخراج مكنون مبدعها ، فعندما دخل الكمبيوتر على المهندس المعماري أصبحت مخططاته أجمل وأدق، ودخل على الطبيب فأصبح يتفنن في اجراء أعقد الجراحات، ومن بعد، ودخل على أهل الإخراج السينمائي فزاد الانتاج و تميز، واليوم نراه يدخل على الفن التشكيلي ليقدم لنا سحراً مرسوماً في لوحات تجمع أصالة الفن التشكيلي وروعة العالم الرقمي.
كنت ممن شارك في أمسية حول الفن الرقمي في النادي الأدبي بالرياض وذلك تزامنا مع المعرض التشكيلي الرقمي والذي أقامته مجموعة الفن الرقمي ( www.digital-art-group.net ) في مركز الملك فهد الثقافي، وهي أول مجموعة فنية تشكيلية رقمية في السعودية.
في تلك الأمسية تحدثت عن دور الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية وكيف أننا نراها هذه الأيام التي تخرج علينا تباعاً، فكل يوم يصغر حجمها ويقل سعرها وتزيد فاعليتها، ونظراً لانتشار هذه الأجهزة في العالم انتشرت المعلومة المكتوبة والمسموعة والمرسومة والمرئية، وأصبح حجم المعلومات يتضاعف كل سنتين حتى صارت المعلومة متوفرة للجميع ، ثم استمرت الأمسية وتحدثت عضوات المجموعة عن تاريخ الفن الرقمي ، وفكرة تكوين مجموعة الفن الرقمي ، ورسالة المجموعة للمجتمع ، واختتمت الأمسية بورشة عمل لنموذج تشكيلي رقمي.
كنت قبل هذه الأمسية أسمع عن المعارض التشكيلية التي تقام بين الحين والآخر، ولم أفكر يوما في الحضور الى أي منها، وللأمانة فقد تشجعت لحضور المعرض الرقمي الذي أقامته المجموعة ، فذهلت من روائع لوحات الفن الرقمي والبعد الفكري لكل لوحة ، وكيف أن الكمبيوتر أسهم للفن الرقمي ؛ بكم أكثر ، و بكيف أعمق ، وبإبداع ساحر، في الوصف والتعبير والمحتوى انطلاقا من تراكم خبرات ظهرت في فضاء اللوحة بأشكال ومفردات تجمع بين الرؤية والمهارة ، فشكرا للتقنيات الرقمية التي ساعدت المبدعين على إخراج مكنون سحرهم بشكل لم يسبق له مثيل.
وكما يقول استاذ الفن التشكيلي د. فواز أبو نيان إن الفن الرقمي متطلب تشكيلي معاصر يعكس التطور التقني السريع المتنامي، وفي نفس الوقت يعكس الحالة الانفعالية للفنان بنفس سرعة هذا التنامي، فعلى الرغم من النقد الموضوعي الذي يطوله في بعض الأحيان - بوصفه فن "العفوية" أو فن غير الموهوبين ، إلا أنه فن له من الخصوصية بما يمكن وصفه إنه فن يحمل شخصية تعبيرية للفنان مغلفة بتقنية مغايرة تصنف حالة التقنية وليست حالة الفنان ، بمعنى إنه يوظف الانطباع التشكيلي اللحظي بوسيط مغاير غير المعهود من صور الفن التقليدية ، لتتحول معها "باليتة" دمج الألوان إلى متغير رقمي له نفس انطباع الفنان وسرعة أداء التقنية المعاصرة.
ومن محاسن الصدف أن يكون المعرض الذي أقيم قد حمل اسم (اشكاليات انسان) والحديث عن الثنائيات التي تتجاذب الانسان ، وحيث إنه في العالم الرقمي تتواصل الأجهزة فيما بينها وتتراسل بلغة رقمية ثنائية ذات حرفين فقط، هما الصفر والواحد، فكل صورة وكل صوت وكل مشهد ينتشر في آفاق الإنترنت إنما يكون بلغة ثنائية فقط، أصفاراً واحاداً ، ثنائيان لا ثالث لهما، ثنائيان يشهدان بأنه ما أكثر الثنائيات التي تتجاذبنا في هذه الحياة، وما أكثر الثنائيات التي نتقمصها وهو ما يفسر إشكاليات الإنسان، بين الخير والشر، وبين كل متضادين.
1
khaled
2009-06-09 22:42:11يعطيكم العافية
2
حمزة مشرف
2009-06-09 22:30:14جميل
3
khaled
2009-06-09 22:24:01يعطيكم العافية
4
حمزة مشرف
2009-06-09 21:26:29جميل
5
عين تدعل
2009-06-09 18:03:34أخي الكريم المهندس أبو صالح
أسعد الله صباحكم بكل خير
شكراً جزيلاً على المقال الرائع، وكلامك صحيح ومعقول جداً
حيث إن الفن الرقمي جزء من التطور الذي يسهل على المرء إتقان العمل بأكثر دقة، وأقل وقت وجهد
لكن يجب على الجميع تعلمه، والإبداع به، ولا ننسى الحرفة اليدوية التي تعتبر الأصل...
حفظكم الله ورعاكم، ودمتم بحفظ الله سالمين
_عين تدعل_
عين الأم بالعلا
6
ابو تمام
2009-06-09 17:13:01ارجو الا يكون الكاتب بهذه الدرجة من التفاؤل بخصوص مزايا الكمبيوتر!! والحكم بانه ماكان في شيء الا زانه! لو سألت مراجعي مكتب العمل وبعض الدوائر الحكومية الذي جعل بعض ضعاف النفوس من الموظفين(تعطل الجهاز) كشماعة لتعطيل معاملات الناس لما اطلقت هذا الحكم الشامل؟! يجب اصلاح البشر قبل ادخال تقنية المعلومات