أول ما تفعله حين تشتري أرضاً هو أن تضع أعمدة توضح حدودها أو تبني سوراً كنوع من الحماية لممتلكاتك من المتطفلين أو الذين يظنون أن كل أرض تربة هي مكان لرمي القمامة وبقايا آثار البناء. وتزداد حالة تمسكك بهذه الأرض عندما تكون من هؤلاء الذين اقترضوا ووفروا وشدوا الحزام حتى يشتروا أرضاً يبنونها ليرتاحوا من مشاكل الإيجار ومشاكل الإيجار ومشاكل الإيجار!.
وإحاطة هذه الأرض بسور أو بعلامات هو نوع من الإعلان بأن هذه منطقة خاصة بك! وهو نوع من الحماية لهذه المنطقة أو هذه المساحة من الأرض، وهو اختيار مريح بالنسبة لك. والآن لنترك الأراضي فحديث الناس هذه الأيام عن الأسهم والانتخابات والخروج للبر «الكشتات» وستار أكاديمي!.
أما نحن فسيكون حديثنا عنا، عن هذا الإنسان الذي بداخلنا! وهذا الإنسان يحتاج لمساحة خاصة به لا يستبيحها أحد ولا يحاول أن ينتهك سريتها أحد مهما كان. وليس كل سر هو «خطأ» لا بد أن نخفيه عن الناس، وليس اختيارنا أن نبقى في هذه المساحة الخاصة التي نهرب إليها حين نحتاج أن نختلي بأنفسنا هو علامة على أننا ضد الآخرين أو لا نريدهم حولنا أو أننا مللنا منهم ومن وجودهم بقربنا. لكن كل ما نحتاجه هو شيء من الخصوصية هذه اللفظة التي نتغنى بها ليل نهار ولم يبقَ سوى أن نغني لها كما نغني للأحباب الذين هجروا وهنا لدي سؤال لا علاقة له بالموضوع، لماذا لا نغني إلا لمن هجر وخان؟
وهذه المساحة قد تكون ساعة تمارس فيها هواية تحبها، أو لحظة تسمع فيها أغنية وأنت مغمض عينيك تفكر، أو حتى مشوار صغير تسوق فيه سيارتك في شوارع المدينة بدون أن تقتحم خلوتك رنة هاتف جوال، أو حديث سخيف سمعته ألف مرة، أو حتى سؤال عن حالك ظاهره الاهتمام، ينتهي بعتاب لأنك تغيرت أو لأنك لست كعادتك أو لأنك تبدو مشغولاً على غير العادة!.
لنحاول أن نعرف المساحة الخاصة، يعني أنها ليست مفتوحة كل الوقت ولا لكل الناس. وهذه المساحة ليست عينية أي أنك لا تحددها بالأمتار! هي ليست ملموسة وواضحة! هي حالة تعيشها كما يعيشها الآخرون، وكل ما تحتاجه ويحتاجونه هو شيء من الاحترام لهذه الحالة. فمتى نفهم؟
التعليقات