مثلما يمثل المشروع الأمريكي في افغانستان حجر زاوية مهماً في مستقبل القوة الأمريكية وهيمنتها ومستقبل النظام الدولي فإن العراق كذلك يُعد بحق أحد أهم عناصر الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي، فإذا كانت أهمية افغانستان تكمن في موقعها الاستراتيجي حيث انها تشرف على حدود أهم الدول الصاعدة وهي الصين وروسيا والهند وتجعلها مكشوفة أمام القوة الأمريكية سواء العسكرية أو السياسية أو حتى الاستخباراتية، فإن العراق يمثل البعد النفطي الذي سوف يعطي الولايات المتحدة الأمريكية الطاقة والأمان في مجال الامدادات النفطية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها سواء على المستوى العسكري أو على مستوى الاقتصاد الوطني، بل إن العراق سيمنح الولايات المتحدة الأمريكية القدرة الكبيرة للتحكم بالدول المستهلكة والمتعطشة للنفط والطاقة، كما سيعطيها مزيداً من التأثير على منتجي ومصدري النفط على حد سواء.

إذاً احتلال العراق وأفغانستان وبناء قواعد عسكرية للولايات المتحدة الأمريكية، وربط العراق وأفغانستان باتفاقيات أمنية وسياسية بعيدة المدى، تأتي كلها ضمن الاستراتيجية الأمريكية البعيدة والتي من أهم أهدافها الحصول على الطاقة الوفيرة للتحكم فيما بعد بالدول المستهلكة والمنتجة على حد سواء، ونظراً لما توفره أفغانستان من موقع استراتيجي مهم يكشف عن مناطق شاسعة ومهمة استراتيجية داخل تلك الدول الصاعدة والمهمة في المنطقة مثل الصين والهند أو الدول التي تشكل تحدياً للإدارة الأمريكية مثل إيران أو باكستان في المستقبل، فإن معرفة ما يحدث في أفغانستان والعراق هو مفتاح لمعرفة مستقبل النظام الدولي ومدى قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على الهيمنة عليه لعقود قادمة.