إن المراقب السياسي ينظر بعين التحليل إلى الاهتمام الكبير الذي توليه الدول الكبرى لما يجري في أفغانستان؛ حيث جلبت الدولتان الكبريان: الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا كل خبراتهما وقواتهما، وحلف الناتو من خلفها من أجل تحقيق النجاح لمشروع أفغانستان، بل إن الدول الاخرى مثل الصين والهند وروسيا وإيران واليابان نقلت أقدر وأفضل دبلوماسييها وأجهزتها الأمنية الاستخباراتية إلى أفغانستان من أجل مراقبة ما يجري فيها عن كثب. والسؤال: ما هو مشروع أفغانستان الذي ترغب أمريكا وبريطانيا تحقيقه؟
أقول تحت مبرر ومظلة الحرب على الإ رهاب واخراج طالبان من أفغانستان يكمن المشروع الحقيقي للجيوش الغربية في أفغانستان، ويمكن طرحها على شكل النقاط الآتية:
أولاً: إن أفغانستان هي الدولة الرخوة والمفككة الوحيدة في هذا الجزء من العالم التي يمكن احتلالها بسهولة ووضع حكومة فيها موالية تسمح بانشاء قواعد عسكرية دائمة على حدود جيران أفغانستان خصوصاً إيران والهند والصين وقريبة من دول ومناطق مهمة مثل روسيا وحلفائها التقليديين في آسيا الوسطى.
ثانياً: إن بناء القواعد الأمريكية على الحدود الإيرانية والصينية والهندية وشمال أفغانستان يعطي انطباعاً أن مستقبل القوى الدولية سوف يتحدد إلى حد كبير من نتائج نجاح وفشل المشروع الأفغاني بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث إن القواعد الأمريكية التي يجري بناؤها وإعدادها ستصل إلى مناطق معينة كانت بعيدة المنال في الصين مثل مناطق التجمعات الصناعية فيها وخصوصاً العسكرية والنووية، وهي في نفس الوقت تضع الهند تحت مرمى القوات الأمريكية من أفغانستان والمحيط الهندي وباكستان، كما تضع القواعد الأمريكية إيران بين فكي كماشة من أفغانستان وبحر العرب والخليج العربي..
إن نتائج المشروع الأمريكي في أفغانستان هي التي سوف تحدد مفهوم القوى الدولية وتوازنها، بل وسوف تحدد طبيعة النظام الدولي لعقود قادمة.
كما أن ما يحدث في أفغانستان والعراق سوف يكون له كبير الأثر على مستقبل النظام الدولي والتوازنات الدولية.
1
سليمان الصقعبي
2008-07-29 10:59:35يدرك الغرب أن العمق الجغرافي للأمن القومي للدول الخليجية أفغانستان وباكستان مما يعني أن تعطيل هذا العمق سيكون مقدمة للتهديد الحقيقي للأمن القومي الخليجي من قبل إيران بعد ضمان تأمين الحليف الإيراني للغرب.