• استطراد لمقالاتي السابقة حول أسعار خدمة الإنترنت وتحديدا خدمة الخطوط الرقمية DSL، أناقش هذا الأسبوع تكلفة الخدمة لدى مزود الخدمة والتي تحدد بدورها السعر للمستخدم النهائي (بوجود المنافسة التي تمنع التسعير الاحتكاري غير المرتبط بالتكلفة)، ومما يجعل ذلك سهلا في المملكة كون مصدر الخدمة موحدا لجميع مزودي الخدمة. وأبين في النهاية أن تكلفة الخدمة تتناسب طردا مع جودة الخدمة (كما هو متوقع).

في البداية أوضح بعض الفرضيات التي أبني عليها تحليلا للتكلفة:

  1. المحدد الرئيسي لتكلفة خدمة DSL لدى مزود الخدمة هي تكلفة سعة ربط مزود الخدمة بالإنترنت وهذه بدورها لها مكونان رئيسيان (على فرض أن مزود الخدمة نظامي ولا يستخدم الأطباق الفضائية):

أ. تكلفة سعة ربط مزود الخدمة بشبكة شركة الاتصالات وهي تتناسب سلبيا مع السعة الإجمالية لدى مزود الخدمة مما يعني أنها تكلف أقل لدى مزودي الخدمة الأكبر وهي تبدأ تقريبا من 7 ريالات شهريا لكل ألف نبضة في الثانية (KBPS) وتصل في حدها الأعلى إلى 13 ريالا، والجدير بالذكر أن مزود الخدمة بحاجة إلى هذه السعة مرتين من العميل إليه ومنه إلى المدينة (وهذه إحدى عيوب طريقة الربط الحالية بالإنترنت).

ب. تكلفة سعة ربط مزود الخدمة بالإنترنت العالمية من خلال مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وهي تتناسب سلبيا مع السعة الإجمالية لدى مزود الخدمة مما يعني أنها تكلف أقل لدى مزودي الخدمة الأكبر وهي تبدأ من 59 ريالا شهريا لكل ألف نبضة في الثانية (KBPS) وتصل في حدها الأعلى إلى 121 ريالا.

  1. تعتمد التكلفة على نسبة المشاركة بين العملاء لدى مزود الخدمة وهي تعتمد على فلسفة متبعة عالميا أن ليس كل العملاء سيستخدمون الإنترنت في نفس الوقت، فمثلا إذا كانت نسبة المشاركة 1إلى 4 فإن مزود الخدمة يوفر لكل عميل مستأجر خطا بسعة 256 معه ربع تلك السعة أي يوفر سعة 64 إلى الإنترنت ولكن تلك السعة غير محجوزة على الدوام للعميل وفي المقابل يستطيع استخدام كامل السعة إلى الإنترنت في حال عدم استخدام المستخدمين الآخرين لدى مزودي الخدمة.

  2. من المسلم به أن لدى مزود الخدمة تكاليف أخرى غير سعة الربط تشمل الأجهزة والعمالة الفنية والإدارة والإيجارات والكهرباء وللتبسيط يمكن افتراض أنها تتراوح بين 20% إلى 50% من تكلفة سعة الربط، ويضاف إلى ذلك تكاليف التسويق والإعلان والبيع وهي تتراوح بدورها بين 5 إلى 20% من التكلفة الإجمالية.

وعلى هذه الفرضيات فإن معادلة تكلفة لخط بسعة معينة تقدم للعملاء هي =(( 2 تكلفة سعة ربط مزود الخدمة بشبكة شركة الاتصالات) + تكلفة سعة ربط مزود الخدمة بالإنترنت العالمية) سعة ربط العميل نسبة المشاركة.

وحسب المعادلة فإن تكلفة لخط بسعة 256 ألف نبضة في الثانية تقدم للعملاء هي في حدها الأدنى لنسبة مشاركة 1 إلى 4 هي = 4672 ريالا شهريا! وهذا بدون حساب التكاليف الإضافية في (3). ومن الممكن أن تكون نسبة المشاركة أكبر فمثلا عند نسبة مشاركة 1 إلى 10 تكون التكلفة 1890 ريالا شهريا.

لذا فإن على المستخدم الانتباه حين الاشتراك في الإنترنت إذ انه إذا وجد سعرا أقل من السعر أعلاه لنفس نسبة المشاركة فإن هناك غالبا أحد احتمالين:

أ. مزود الخدمة يخصص سعة أقل مما يتوقع المستخدم، وهذا الاحتمال الأرجح.

ب. مزود الخدمة يبيع بأقل من سعر التكلفة وهذا الاحتمال الأضعف، إلا إذا كان لدى مزود الخدمة هدف إغراقي لإخراج الآخرين من السوق للاستفراد بالسوق لاحقا ومن ثم التحكم في السعر وحده، وفي تلك الحالة يتوجب على الجهة المنظمة وهي مدينة الملك عبد العزيز التدخل.

ولكن في النهاية يجب على المستخدم اتخاذ قرار واع بالاشتراك بناء على معرفة التكلفة وإذا وجد سعرا أفضل مما هو منطقي فقد يكون هناك أسباب أخرى غير كرم مزود الخدمة. وستنخفض التكلفة فقط إذا خفضت المدينة والاتصالات أسعارهما بنسب كبيرة.