- كلما قررت أن تكون هناك بداية جديدة أشعر بالتفاؤل وهو يغمر كياني. وكم تكون سعادتي بذلك الميلاد عظيمة.. الآن سعادتي لا تكتمل فهي سرعان ما ترتطم بجدار واقعنا الذي بدأ يكبر ويعلو بنيانه، انه جدار النفاق اخفاء وجه وإظهار وجه آخر. وينتابني شعور غريب وليس لي سوى أن أضع رأسي في كفي محاولة إحاطة ما يدور في رأسي بسياج من أصابعي الذي يكون هزيلاً ضعيفاً، ولكن هذا كل ما في مقدوري. وما أستطيع أن أحمي تلك الأفكار التي تجول في مخيلتي. تبدأ لدي رحلة التساؤل همساً حتى تصل إلى إشارات الغضب والتذمر من هذا الوضع الذي تفشّى بيننا.. لقد أصبحت الصراحة تقابل عند بعض الناس بخشونة وجفاء، وان من يتشبّث بالصدق والوفاء يعتبر أحمق ولذلك فإن رحمته وتواضعه للناس هو جبن وذلة وأن هذا الشخص الصريح الصادق نجده شبحاً مكوناً من الآلام المريرة، ولو أردنا أن نتصل به فلا نتصل إلا بشخص تتضارب فيه ظلمات اليأس بأضواء الأمل وتتصارع دوافع الجد بعوامل لا يدري ما هي، ثم إنه بين الصدق والنفاق كالحبل القابض على طرفيه عاملان قويان أحدهما يجتذبه لتطليق الحياة الصخبة ويميل به إلى حياة الهدوء والآخر يجذبه إلى مقابلة المعترك لاستئناف الصراع وهو ـ الصريح ـ إلى الأول أميل.
ولو استعرضنا حياة بعض الناس في شتى أدوارهم التاريخية لوجدناهم أشد ما يكونون تعلقاً بمن يخادعهم ويمكر بهم ويستعلي عليهم، وهم أشد ما يكون نفوراً وابتعاداً عمن يصدقهم القول ويناصحهم العمل.. ومن المؤكد :أن مسألة عداوة الإنسان لمن يصدقه وينصحه ليست وليدة اللحظة أو نتيجة للتطور الذي يشهده العالم ولكن امتد منذ أقدم العصور.
السطر الأخير..
لا يهمك حرص بعض الناس على تقاليدهم وتلك النظرة الغاضبة على من خرج عن مألوفهم، فمن السهل حمله على نبذ المألوف بنفسه والذي كان يرافع عنه ولو قبل لحظات.. هذا كله إذا وعدته بنفع أو ثروة أو نفوذ مستقبلاً.
التعليقات