• عندما سمعتُ صديقتي وهي تحاور إحدى العاملات وفي حديثها تكسير للغتنا العربية حتى تفهم العاملة لديها عما تريد .. ساعتها تخيلت سيبويه خرج من قبره بعمامته الحمراء وعصاه من جريد النخيل حتى يلقنها درساً لن تنساه أبداً في حياتها وأخذت أضحك من كل قلبي وصديقتي لا تعلم ما يدور في مخيلتي.

أجل هذه المحاورة التي طالما سمعناها وألفناها لأنه في الآونة الأخيرة كثر احتكاكنا بالأجانب واحتياجاتنا إليهم وبذلك نضطر إلى مخالطتهم سواء في بلادنا أو في بلادهم. وبذلك أننا درسنا لغتهم فوجدنا العجب العجاب وهم لم يكسروا لغتهم مثلنا..

فمثلاً عند قراءة اللغة الفرنسية نجد صعوبة شديدة جداً في القراءة والكتابة حيث إنها لا تشبه اللغة العربية فما يكتب عندنا بحرفين يقتضي أحياناً عندهم ثمانية أحرف كما الحركات التي عندنا ونطالب بحذفها موجودة عند الفرنسيين واختلاف اللفظية بعض الاختلاف.

قال: عمر رضي الله عنه: تعلموا العربية فإنها تقوي العقل وتزيد المروءة، وهذه المقولة لم تأت من فراغ، بل جاءت من رجل له حكمة ومعرفة يشهد له الجميع بهما.

إن لغتنا خضعت للفصحى مرغمة لسنة التطور فيجب علينا عدم تكسيرها وهي تخضع لألفاظ وتراكيب واصطلاحات اندثرت من تلقاء نفسها، لأن اللغة الحية تشمل قوتي التركيب والتحليل فهي من الجهة الواحدة تنمو وتتجدد بما تضمه إلى معانيها ومفرداتها ،ومن جهة أخرى تندثر منها الألفاظ الغريبة والمفردات الوحشية والكلمات غير المطلوبة في لغتنا، وإذا كان هناك الكثير منا سوف يكسر لغتنا حتى يفهم من يعمل لديهم من عماله أجنبية فهذا الشيء مضر بلغتنا العربية.

إن جميع الدول تحاول اليوم نشر لغاتها لتقوي كيانها وكذلك ترويج مصالحها وتحاول قدر الإمكان إيجاد لغة دولية يتفاهم بها الغرباء فيتحدثون ويتضامنون بها.. لغتنا هي الماضي والحاضر فيجب علينا أن نحافظ عليها من الدخلاء والتركيز على الماضي وتجارب الحاضر وتهيئة المستقبل الذي يسهل علينا بعدئذ سهولة التعامل من الغير.

ومن مميزات لغتنا ما فيها من تصاريف وحروف المعاني وهذه كافية ووافية ويزيدنا شرفاً في لغتنا أنها استعملت في القراءات الأولى حيث ترجمت إليها كتب العلم والفلسفة من السريانية واليونانية والهندية وبذلك اشتقوا وأعربوا واقتبسوا وبقيت العربية كما هي في قوالبها، أبو الطيب وأبو العلاء والأصفهاني وابن سينا وابن رشد وأمثالهم من الأدباء ويكفي أن القرآن الكريم حفظ اللغة العربية من الضياع وأبقاها في رونقها.