• قديما وصف الشاعر العربي ليالي الشتاء القاسية في صحراء الجزيرة العربية بقوله

لا ينبح الكلب فيها غير واحدة

حتى يلف على خيشومه الذنبا

فهذا الحيوان الذي درب على الصحراء يتضاءل في هذا الظرف فلا يصوت إلا مرة واحدة، ثم يعلن عجزه عن أداء مهمته التي جلب من أجلها، ويلف ذنبه على أنفه الذي قرسه الشتاء أملا في أن يدفئه بهذا اللثام الاضطراري!!.

هذا الشاعر جاء بالفعل المضارع (يلف) لينقل الحدث مباشرا؛ فيرينا الصورة حية، واستطاع ببراعة أداته اللغوية أن يصور هذه اللحظات القاسية من عمر الشتاء تصويرا يغني عن تفاصيل كثيرة!!.

ولا نكاد ندرك أزمة هذا الموقف إلا بعد سماعنا للأنباء الأخيرة التي تدور هذه الأيام حول وفاة طفل أو أكثر بسبب برد الشمال القاسي، وهذا ما جعل مسؤولي إدارات التعليم بالمنطقة يتسابقون إلى تأخير أوقات دوام الطلاب!!.

آخر ضحايا هذه الموجة العنيفة البلاغ الذي وصل مساء أمس الاول الثلاثاء إلى شرطة منطقة الحدود الشمالية عن وفاة راعي أغنام - من جنسية عربية - قريباً من مدينة عرعر، وتحديداً في (معيلة)، حيث وجد ميتا في فراشه وسط بيت الشعر الذي خصص لإقامته.

هذا الرجل ليس كبيرا في سنه ليقال: إن للسن والبرد دورا مشتركا في وفاته، بل إن عمره لا يتجاوز 37عاما.

الناطق الإعلام بشرطة منطقة الحدود الشمالية العقيد بندر الأيداء ذكر أنه لم تظهر بعد المعاينة والتدقيق آثار تثير الشك في أن وفاته غير طبيعية، ويرجح مبدئيا أن الوفاة مرضية قد تكون بسبب البرد، حيث تبين أنه يأخذ علاجا عن أعراض البرد ولا يزال التحقيق مستمرا.

أمام لذعات البرد القارسة، وهجماته العنيفة قد يكون للخوف من مثل هذه الأخبار دور كبير في التضرر من هذه الموجة الشديدة؛ لأن للعامل النفسي والإيحاء أثرا كبيرا - كما يقول المتخصصون - فالخوف والقلق يمكنان بعض الأمراض من الإنسان فتفرض سيطرتها عليه.