لأهمية التعاون بين مؤسسات القطاع الخيري والإعلام في المجتمع فقد نظمت مؤسسة سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية بالتعاون مع الجمعية السعودية للإعلام والاتصال ندوة عن (دور الإعلامية في دعم العمل الخيري) خلال يوم الخميس 1428/12/25ه في الرياض، وكان لي مساهمة فيها قد أختصرها في النقاط الآتية:

بما أن العمل الخيري هو لخدمة الأفراد في المجتمع، وهو مؤشر تنموي على فعالية الجهد البشري وتعميق روح التكامل بين الأفراد وبالتالي تحقيق التكافل الاجتماعي وحالياً يعتبر معياراً لتجاوب هؤلاء الأفراد والجماعات وتقدم المجتمع من خلال حجم وعدد المنظمات التطوعية وأعداد المتطوعين وأيضاً في هذا السياق نجد أن دور الإعلام هو تعميق روح التعاون والجماعة في بنية المجتمع وتعزيز قيم المشاركة وتحمل المسؤولية الاجتماعية لأن الإعلام هو أداة التفاهم التي تقوم على تنظيم التفاعل بين الناس وتكوين المواقف والاتجاهات، بل وتغيير القناعات والسلوك كلما كانت الرسالة الإعلامية ذات مصداقية ومحتوى منهجي متميز، وكلما استخدمت أساليب التأثير غير المباشر والتي تتكون بطريقة بطيئة وتراكمية تُحدث مفعولها في ذهنية المتلقين لهذه الرسالة الإعلامية.

وهو في الوقت نفسه وسيلة مزدوجة تضعنا في مواجهة التأثر كما تسمح لنا بالتأثير وكلما كانت رسالة الإعلام ذات محتوى حضاري فإنه يتم من خلالها أداء الدور الإعلامي المطلوب وفق مرحلية الزمان والمكان وهدف الرسالة ومعرفة ما يحيط بالجمهور المستهدف من مناخ وما يتصف به هذا الجمهور من وعي اجتماعي. وبالطبع تحديد نوعية الرسالة ووسائلها المتفقة مع الهدف وصفات الجمهور، الذين هم شرائح غير متجانسة ولها مواقع مختلفة ومقاصد متفاوتة ومقدرة على النقد والتحليل والاستيعاب قد ترتفع لدى البعض وقد تضعف..

والإعلام وعاء يستوعب وجهات النظر المختلفة ولهذا فالمعلومة فيه ذات دلالة ثقافية وحضارية إذا ما استوعب الإعلامي / الإعلامية جيداً بعلمه وخبرته ومهنيته كيف يخاطب هذه العقلية بأسلوب عال من الاحتراف والتخصص بالطبع والموهبة بالدرجة الأولى.

@@ لهذا فإن دور الإعلامية في دعم العمل الخيري من خلال مهنتها المهمة من شأنه أن يوفر حالة من الوعي الاجتماعي بأهمية العمل الخيري وخصوصاً في ظل هذه المتغيرات المعاصرة والهجمة على العمل الخيري واتهام بعض مؤسساته بالإرهاب والمطالبة بتجميد أموالها وتصفية أعمالها مما سيحدث فراغاً عقدياً واجتماعياً خصوصاً في بعض الدول الفقيرة في قارتي آسيا وافريقيا فيتم تعبئته بالعمق التنصيري المدعوم عالمياً ومالياً.

هذه المسؤولية التي تتحملها الإعلامية لا تتوقف عند تشجيع المتلقين للانخراط في الأعمال التطوعية فقط بل ستمتد لتنقية المصطلحات التي تمتلئ بها الفضاءات الإعلامية الغربية مثلاً والتي تسيء الى المنظومة الشرعية لمفهوم العمل الخيري والتطوعي.

وهذا يتطلب الارتقاء بثقافة ومعرفة الإعلامية (صاحبة الرسالة) بجميع ما يتعلق بالموضوع الذي سيكون محتوى رسالتها الإعلامية، ولا يكفي في هذا ان تقوم بقراءة تقارير المؤسسة الخيرية أو زيارتها في احدى فعالياتها كي تنشر او تبث عنها برنامجاً يكون استطرائياً في العبارات والتأثير.. قد ينتهي اثره بانتهاء الفعالية.. وهناك - بعض الحالات - التي يتم فيها كتابة الخبر الإعلامي من قبل بعض هذه المؤسسات أو الجمعيات الخيرية ويتم ارساله بالفاكس الى بعض من يتعاونّ مع الصحف لتقوم هي بدورها بإعادة نشره دونما جهد إعلامي لها يبرز شخصيتها الإعلامية ومقدرتها على التحليل وعلى تعزيز هذا الدور المهم لهذه المؤسسات وتعميق ما يطلق عليه "ثقافة التطوع" ..

إن ما يتوقع من هذه الإعلامية وقد سخرت جهدها للعمل الإعلامي وسبر غور مناشط الاعمال الخيرية ومؤسساتها في المجتمع يأن تتعمق في فهم منطلقات واهداف ورسالة هذا القطاع الخيري "القطاع الثالث" كما يطلق عليه بعد القطاع الحكومي والقطاع الخاص.. وايضاً مساحات عطاءاته ومجالات تأثيره وما يواجهه من عقبات والمتابعة في إيصال هذه الرسالة بين فترة وأخرى حتى لا يحدث انقطاع معرفي بينه وبين شرائح المجتمع المستفيدة معنوياً أو مادياً..

إننا كي نحقق نوعية (بثقافة التطوع) وتأصيل العمل الخيري في بنية المجتمع واعتباره جزءاً مهماً وحيوياً من منظومة ما أصبح يطلق عليه المجتمع المدني فإن هذا الجهد لن يتم بين يوم وليلة بل يتطلب جهداً معرفياً ومهنياً ووطنياً ومتابعة متطورة ومتعددة باستخدام كافة الوسائل التحريرية، وان يكون هناك حرص قوي على الارتقاء بمهنية الإعلامية..