خلق الله عز وجل المرأة في البداية من الرجل كما حدث بالنسبة لام البشرية (حواء) عندما اوجدها العليم الحكيم من أبي البشر (آدم) عليه السلام لتكون جزءاً منه وشريكاً له وهو ما ادى الى تناسل البشرية من ذلك الوقت الذي قيل بأن بدايته كانت قبل (مائة الف سنة) حتى الآن الذي وصل فيه عدد سكان الارض خمسة مليارات انسان، وهو دليل على اهمية المرأة في الحياة لكونها احد طرفي السبب في التناسل والتكاثر، ومما يؤكد هذه الأهمية تكريم المولى سبحانه وتعالى لها منذ بداية وجودها عندما ادخلها مع زوجها آدم الجنة وعندما خرجت منها لم يكن خروجها لوحدها بل خرجت مع زوجها، فالهدف واحد والمصير واحد والله الواحد الاحد إلا أنه مع توالي الازمان والعصو تغيرت النظرة للمرأة ففي الهند القديمة اعتبرت المرأة ناقصة الاهلية وتابعة للرجل بحيث لا تقوم بأي عمل حسب ارادتها حتى ولو كان ذلك العمل يخص منزل اسرتها، وتكون تابعة لأبيها في بداية حياتها حتى سن الزواج، ثم تنتقل تبعيتها للزوج وفي حالة وفاة زوجها تصير تبعيتها لابنائه، واذا لم يكن له اولاد فتكون التبعية للاقربين من اسرته، ثم للبعيدين منهم، واذا لم يكن لها اقارب انتقلت الولاية للحاكم وفي عهد ما يسمى بالحضارة اليونانية القديمة كانت المرأة اقرب ما يكون بوضع العبيد او الأرقاء في ذلك العهد لانها كانت مجردة من جميع الحقوق وكانت تعد من ممتلكات الرجل وكان الرجل يتزوج بأي عدد يراه من النساء، وكانت اضافة لذلك محرومة من التعليم وكان الفيلسوف اليوناني (ارسطو) يبرر ذلك بأن المرأة لم تزود بأي استعداد عقلي يمكن ان يعتد به ولهذا يجب ان تقتصر حياتها على المنزل وتربية الاولاد.
اما عند اليهود وحسب تلمودهم المزيف الذي لا يمت لدين وتوراة موسى عليه السلام بصلة فقد اعتبرت المرأة نوعاً من الاخطار حيث نصح اليهود بأنه خير للانسان ان يمشي وراء اسد من ان يمشي وراء امرأة كما ان التلمود لم يورث المرأة اذا لم يكن لها اخوة ذكور وأجاز للاب بيع ابنته وهي قاصر، وشكك في عبادتها لله ودخولها الجنة.
وعند المسيحيين لم تختلف نظرتهم للمرأة عن سابقيهم فهم يرون ان المرأة شر لابد منه وأنها اغواء طبيعي وأنها خاضعة للرجل.
اما عند الرومان في ظل امبراطوريتهم المعروفة والتي كان لها شأن قبل ظهور الاسلام اذ كانوا ودولة الفرس يشكلان قوتين كبيرتين في ذلك الوقت، فإنه بالرغم من تقدم الرومان في المجال الفكري وبالذات في اطار علم القانون حيث تم تحديد واجبات وحقوق الدولة وواجبات وحقوق الافراد، الا انه بالنسبة للمرأة استمر وضعها لمدة طويلة كما كان في السابق اذ لم يكن لها اهلية التصرف وكانت تعامل معاملة الارقاء بحكم وصاية الاب عليها في بداية حياها ثم وصاية زوجها، وكانت الانوثة تعتبر من اسباب الحجر على الشخص في القانون الروماني بالاضافة الى صغر السن والجنون.
وقد حدث تحسن نسبي لوضع المرأة في العهد الروماني فيما بعد فقد اصبحت الوصاية عليها شكلية فقد منحت حق اختيار الوصي وحق استبداله، واذا تزوجت وأنجبت ما لا يقل عن ثلاثة اولاد تحررت من الوصاية، ثم اصبح التحرر من الوصاية مرهون بالزواج ويدون اشترط الانجاب الى ان ألغيت الوصاية على المرأة فيما يخص تصرفاتها المالية الا ان ممارستها لهذه التصرفات مقيدة بموافقة زوجها.
اما عند العرب قبل ظهور الاسلام على يد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كانت المرأة في وضع لا تحسد عليه، فقد كانوا لايستبشرون بمولدها لاعتقادهم بأنها مجلبة للعار وكانوا يقتلونها بدفنها وهي على قيد الحياة كما ورد في الذكر الحكيم {واذا بشرأحدهم بالانثى ظل و جهه مسوداً وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون} وورد ايضاً {وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت} كما انه ليس من حق المرأة في عصر الجاهلية العربية الارث بل اعتبرت من الميراث ذلك ان الرجل اذا مات ورثها ابنه وهو الامر الذي منع في الاسلام {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً} كما ان المرأة عند العرب الجاهليين كانت تكره على الزواج وتمنع منه وهو ما حذر منه القرآن الكريم {ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما أتيتموهن}.
وبعد فإن ما سبق ملخص عن وضع المرأة في الديانات والممالك السابقة ووصفها عند عرب الجاهلية.
اما وضع المرأة في الاسلام فإنه يختلف تماماً عما سبق فقد انصف الاسلام المرأة وحفظ لها حقوقها وانسانيتها وساوى بينها والرجل في غالبية الحقوق، اما بعض الحقوق وان كان الرجل قد تميز فيها الا انه تميز له اسبابه المنطقية.
هذا وسوف نورد في النقاط التالية بعضاً من اوجه وضع المرأة في الاسلام.
المبدأ العام في الاسلام بالنسبة للرجل والمرأة هو ما ورد في النص الكريم {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم} فالمرأة هنا شريكة للرجل في كونهما سبب بإرادة الله عز وجل في ايجاد وتكاثر الانسانية كما اشرنا من قبل ثم ان الله سبحانه وتعالى جعل التقوى هي المعيار بين الناس الذكر منهم والانثى والغني والفقير والوجيه والانسان العادي وفي هذا السياق ورد ايضاً في السنة الشريفة (ايها الناس ان ربكم واحد وان اباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب وليس لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على ابيض ولا لابيض على أحمر فضل الا بالتقوى) فقد حدد هذا الحديث الكريم ان ادم عليه اسلام هو اصل البشرية وان الجميع يرجعون اليه بأصولهم الابيض والاسود والعربي وغير العربي وانه لا داعي للتفرقة بين البشر لاسباب عنصرية ممقوتة وعادات جاهلية منتنة هي في اساسها من عمل الشيطان، كما يقول عيه السلام في شأن العصبية ليس منا من دعى الى عصبية او قاتل لعصبية او مات على عصبية.
تتمتع المرأة بالذمة المالية المستقلة عن شخصية ابيها او زوجها حيث تتملك وتتصرف اسوة بالرجل.
للمرأة حق اختيار زوجها فلا تجبر للاقتران برجل معين بل ان الشريعة تشترط موافقتها شخصياً سواء كانت بكراً او كانت ذا زواج سابق انتهى لأي سبب من الاسباب، فإذا رفضت الزواج من شخص معين فلا تجبر عليه حتى لو وافق والدها ووالدتها واسرتها عليه.
اذا تزوجت المرأة من شخص معين فإنها لا تفقد اسمها (كما هي الحال في الديانات الاخرى) ولا شخصيتها القانونية ولا اهليتها ولا حقا في التملك والتصرف.
للمرأة كما الرجل في الاسلام حق التعليم ففي القرآن الكريم {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} في الحديث الشريف (نعم النسا نساء الانصا رلم يمنعهن الحياء ان يتفقهن في الدين) وكانت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها افضل نساء عصرها علماً. كما ان ام المؤمنين حفصة قد تابعت تعليمها حتى بعد زواجها من المصطفى عليه السلام، وكان ممن تلقين العلم ايضاً السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول عليه السلام وزوجة الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه والسيدة اسماء بنت الامام ابي بكر الصديق رضي الله عنه والسيدة سكينة بنت الحسين رضي الله عنه.
للمرأة حق العمل بما لا يتعارض مع طبيعتها ومع تعاليم الاسلام وبعد موافقة ولي امرها انطلاقاً من قول المولى {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} وكانت النساء في العهد النبوي يقمن بالعديد من الاعمال وفي قمتها الجهاد في سبيل الله والمشاركة في الحروب، كما تولت المرأة ولاية الحسبة في الاسواق.
للمرأة ايضاً حق ابداء الرأي في القضايا العامة وقد كانت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها تبدي الرأي في العديد من المسائل وكان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب يوماً حيث طالب بالا تزيد المهور عن اربعين اوقية والا ذهبت الزيادة لبيت المال فنهضت امرأة وقالت ما ذاك لك.
وقال قولته المشهور (اصابت امرأة وأخطأ عمر) وهو توجه ديمقراطي عرف في الاسلام قبل ما يزيد عن اربعة عشر قرناً.
اما في العصر الحاضر فإن حقوق المرأة تتأرجح بين الافراط والتفريط فهناك دول فرطت في هذه الحقوق فحرمت المرأة أبسط حقوقها، وهناك دول اخرى افرطت وبالغت في هذا الامر عندما ساوت بين المرأة والرجل في كل شيء وبالذات في الاعمال والوظائف متجاهلين بأن للمرأة طبيعتها الخاصة التي تناسب بعض الاعمال ولا تناسب البعض الآخر، بل ان الدول التي تدعى انها انصفت المرأة استغلت انوثة المرأة فاستعملتها وسيلة للدعاية والاعلان بشكل انتهازي واضح.
اما في بلادنا المملكة العربية السعودية فقد بذلت الجهود ولا تزال لإعطاء المرأة حقوقها وفقاً لمنهج الاسلام وتعاليمه باعتبار المملكة في قمة الدول الاسلامية ومقر الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وان الشريعة الاسلامية هي دستورها ونظامها الاساسي.
وقد بدأت الدولة التعليم النظامي للمرأة سنة 1380هـ متجاهلة بعض الدعوات بإبقاء المرأة في بيتها وعدم خروجها لطلب العلم وقد تخرج الآلاف من الجامعات والمعاهد وبلغ عدد الطالبات حالياً المليوني طالبة وعدد المدارس والكليات والمعاهد بالآلاف حيث بلغ عدد مدارس رياض الاطفال (332) مدرسة والمدارس الابتدائية (5159) ، والمدارس المتوسطة (2162) مدرسة والمدارس الثانوية (1129) مدرسة، ومعاهد المعلمات (184) معهدا ومدارس تحفيظ القرآن الكريم (371) مدرسة، والكليات المتوسطة (19) كلية والكليات المطورة (17) كلية والكليات الجامعية (32) كلية ومدارس محو الامية (2016) مدرسة.
وفي مجال عمل المرأة في المملكة يوجد (164549) معلمة غالبيتهن من السعوديات، كما يوجد (2349) من عضوات هيئة التدريس بالجامعات، كما يوجد المئات من السعوديات اللاتي يعملن في مجال الطب والتمريض النسائي في مختلف انحاء البلاد، اضافة للاتي يعملن في مجال الاعمال الاداية في بعض الجهات الحكومية التي يوجد بها ادارات نسائية.
كما ان وجهة نظر المرأة ورأيها وبالذات في المجالات التي تعنيها تؤخذ بعين الاعتبار وهو ما اشار اليه معالي رئيس مجلس الشورى في حديث معلن.
كما ان المرأة من الناحية الاجتماعية في الغالب مصانة في بيتها فهي الام والبنت والاخت والزوجة، ورغم السلبيات التي تقع من البعض كسوء معاملة الزوجات او حرمان بعض الآباء بناتهم من اكمال التعليم بالاكتفاء بالتعليم المتوسط او الثانوي او تفضيل بعض الآباء الاولاد الذكور على البنات من الناحية العاطفية والمادية وهي بلاشك سلبيات محدودة وهي من آثار الماضي ولا تقاس بما كان في السابق وسوف تندثر مع مرور الزمن وتقدم الفكر والوعي، كما ان الزمن سوف يكشف عن مجالات عمل وحقوق متعددة اخرى للمرأة في المجتمع السعودي لا تتعارض مع الشريعة الاسلامية الصالحة للعمل في كل زمان ومكان باعتبارها خاتمة الشرائع الى يوم القيامة ومبدأ صلاحية الشريعة تتطلب الاجتهاد المستمر في كل اوجه الحياة بما في ذلك ما يتعلق بالحقوق سواء للرجل او المرأة اذ يعتبر الاجتهاد احد مصادر الفكر في الاسلام باعتبار ان الوحي الإلهي قد توقف بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، اضافة الى ان بعض العادات الاجتماعية تتحكم احياناً في تصرفات الناس بما في ذلك حقوقهم فمثلاً الكل يذكر النظرة التي كانت سائدة للتوقيت الزوالي قبل ان يطبق لدينا فالبعض ربما قد حرمه لكونه مطبقا لدى غير المسلمين ولكن بعد ان طبق هذا التوقيت في بلادنا اعتاده الناس وعلق حتى في المساجد، ومثل ذلك كثير من العادات وهذه العادات وان كانت بالضرورة لاتتعارض مع الشريعة إلا أنه يبقى أن الشريعة هي الأصل والمرجع في كافة الأمور والتصرفات.
هذا والله ولي التوفيق
1
حنان
2001-11-02 17:05:41الاخ الكريم عبدالله السنيدى..
ربما اشبعنا حقوق المرأه طرحا وحفظناها عن ظهر قلب..والكل يتفنن في ذكر هذه الحقوق وكأنها هبه من عند البشر وليست من الله فوق سبع سموات..
ولكن في النهايه لانجد الا الكلام والتأكيدات الشكليه لاحترام هذه الحقوق اما العمل بها فهو عمل ضائع ..
الموضوع جميل وشدنى كما هى مواضيعك السابقه وخاصة فيما يتعلق بالمرأه في القديم وكيف كانت مظلومه لاكرامة لها ولا قيمه ..
وللاسف ان الكثير مما ذكرت عنها في الماضى مازال سارى المفعول في الحاظر وفي دولة الاسلام وبلاد الحرمين!!
فهى هنا تابعه للرجل وناقصة الاهليه ..وهى تابعه لابيها ثم زوجها ثم...وتبقى تنتقل الوصايه عليها من رجل الى اخر..
وهى هنا تعتبر من الاخطار والفتن العظيمه!
وهى اغواء طبيعي وخاضعه للرجل..
ويتم التضييق عليها بالحجر ولكن بطريقه متطوره نسبيا!!
لاتملك هويه ولا يحزنون بل مجرد اسم في دفتر احدهم وينتقل اسمها من بطاقه الى بطاقه حسب ظروف زواجها ووفاة وليها وغير ذلك..!!
اخى الكريم الى متى نظل نردد هذه الحقوق في المنتديات والصحف دون بوادر عمليه تضمن تمتع المرأه بكرامتها واحترامها لكيانها..؟
لقد تعبنا من الكتابه في ذلك دون جدوى فالابصار اصابها العمى والقلوب اصابها التحجر والعقول عشش فيها الجهل والتخلف..
لانريد ترديد مايسمى بحقوق المراه وكأننا ننعم بها وننظر الى غيرنا نظرة شفقه وعطف!
نحن ينقصنا الكثير ومع تقادم السنوات ستكون هناك مشاكل اجتماعيه نتيجة اهمال المرأه ومتطلباتها المشروعه..
فقط للنتظر فالتطور اللذى نسعى له لن نحصل عليه الا باعطاء المجتمع وليس نصفه فقط الحقوق الكامله..
تحياتى لك وشكرا..