إن وجود جهاز أو هيئة عليا تختص برسم السياسات وتخطيط المشروعات وتنسيق الجهود التي تضطلع بها القطاعات الحكومية والخاصة من أجل توجيه العمل للوصول إلى تنمية سكانية وريفية متكاملة أصبح أمراً في غاية الأهمية.
؟ إن التنمية السكانية تحتم خلق مناطق استيطان جديدة تأخذ بعين الاعتبار البعد الأمني لهذه الدولة المباركة معززة بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لكي تكون تنمية متكاملة وهذا بالطبع يحتم وجود سياسة وطنية تعتني بهذه المهمة وتتفرغ لها وتجعلها جزءاً لا يتجزأ من التنمية الشاملة التي تخوض غمارها مملكتنا الحبيبة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله -.
إن وجود جهاز أو هيئة عليا تختص برسم السياسات وتخطيط المشروعات وتنسيق الجهود التي تضطلع بها القطاعات الحكومية والخاصة من أجل توجيه العمل للوصول إلى تنمية سكانية وريفية متكاملة أصبح أمراً في غاية الأهمية. وغني عن القول إن ذلك يحتاج إلى استخدام وسائل الاتصال المختلفة بما في ذلك نظام المعلومات الجغرافية وأجهزة الحاسب والمسح الطبوغرافي والاستعانة بالمختصين وأصحاب الخبرة، ناهيك عن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى خصوصاً تلك التي تعاني من ظروف مناخية وطبوغرافية غير مناسبة.
من البديهي أن من أهم العوائق التي تحول دون إنشاء مدن وأرياف جديدة التكاليف المالية العالية لإقامة البنى التحتية ناهيك عن شح المياه في أغلب مناطق المملكة، لكن لا شيء يقف أمام إرادة الرجال إذا عقدوا العزم على ذلك فكل ما نشاهده من تطور عمراني وتعليمي وصحي ونقل ومواصلات وصناعي لم يكن من السهل تحقيقه لولا عزم وشجاعة حكومتنا الرشيدة وتقبل ذلك من قبل أبناء الشعب وانخراطهم فيه مما حقق المعادلة الصعبة التي يمكن تكرارها في كل حدب وصوب من أرجاء المملكة مما تثبت الجدوى والدراسات الجادة جدواه وأهميته على المدى البعيد.
أقول ذلك في ظل وجود صناديق الأقراض المختلفة مثل صندوق التنمية الصناعي، والصندوق العقاري، والصندوق الزراعي بالإضافة إلى الأجهزة الحكومية التي يمكن أن يكون لكل منها مشاركته بما يخصه وذلك مثل وزارة الزراعة، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الصحة، ووزارة الداخلية، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، ووزارة المياه والكهرباء، ووزارة الشؤون الاجتماعية وكذلك وزارة العمل وغيرها من الجهات التي لو أقامت كل منها وحدة واحدة على الأقل لما يدخل ضمن اختصاصها لتكون تجمعاً سكانياً، فما بالك لو أقيم ذلك المجتمع السكاني في موقع تتكامل به الخدمات وتوجد فيه ما يشجع على السعي إليه مثل المصانع أو محطات تحلية المياه وتوليد الكهرباء أو مناجم تعدين أو مواقع سياحية أو مدن صناعية أو اقتصادية مثل تلك التي أصبحت من المعالم المميزة للنهضة الاقتصادية الحديثة للمملكة والتي يتم إنشاؤها في كل من الرياض وحائل والمدينة المنورة وجازان وغيرها.
ودور القطاع الخاص مهم ولا يكمن أن يهمل في هذا الخصوص وكذلك دور المؤسسات والجمعيات الثقافية والعلمية والخيرية لا يمكن أن ينسى في عصر التكامل في جميع المجالات. نعم إن تضافر الجهود في جميع المجالات يمكن أن ينتج لأنه عمل تكاملي بينما العمل الفردي أو غير الجماعي يكون بطيئاً وجهوده مبعثرة.
إن العمل الذي ادعو إليه قد تم إنجاز نماذج حية له، ولعل تطوير مدن مثل الجبيل وينبع ورابغ عن طريق تحويلها إلى مدن بل قلاع صناعية لم يسبق لها مثيل وكذلك تنمية قرية ثول وتحويلها إلى مدينة علمية على اتصال بجميع أنحاء العالم عن طريق إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم وتقنية فيها نماذج يمكن أن تحتذى مرة أخرى في مواقع ومناطق أخرى على كل من الساحل الشرقي والغربي من المملكة وكذلك في المناطق الأخرى التي تحتاج إلى تعزيز الكثافة السكانية المصحوبة بفوائد اقتصادية أو أمنية أو تنموية أخرى.
نعم فنحن بحاجة إلى إنشاء مدن صناعية كبرى غير الجبيل وينبع وذلك كما يقول المثل حتى لا نضع البيض في سلة واحدة أو اثنتين، ناهيك عن أن هناك كثيراً من الثروات التي يحسن أن يتم الكشف عنها وتصنيعها بحيث تكون صناعاتنا متنوعة وليست مركزة على البتروكيماويات على الرغم من أن ذلك هو المجال الرئيسي للاستثمار الذي نتميز به، وكل ذلك يحتاج في نهاية المطاف إلى بنى تحتية يقوم عليها وقوى عاملة تخدمه وتدبره وأسواق تستقبل إنتاجه ووسائل نقل. وكل ذلك كفيل بخلق فرص عمل لكوكبة من مختلف التخصصات والمستويات العلمية من الشباب الباحث عن فرص العمل. والله المستعان.
1
وليد الحسين
2008-01-05 06:08:02الأستاذ الفاضل تركي الشلاقي (الرد رقم 4).. أن الهدف من إنشاء المدن سواء صناعية أو غيرها، يكون بغاية تأمين مساكن جديدة أو بمعنى أخر حل لمشكلة الإسكان، وهذا موضوع أخر يختلف عن موضوع د.حمد اللحيدان أعلاه.
وما يناشد به الدكتور أعلاه هو التوسع بمجالات التنمية لمواكبة التزايد المستمر في معدلات النمو السكاني لإيجاد وظائف لهم من جهة و تنويع وزيادة مصادر الدخل من جهة أخرى.
وهذا كلام لاغبارعلية ولكن التوسع بإنشاء و استحداث مدن جديدة بالرغم من توفر المدن الحالية التي يمكننا أن ننشأ على هوامشها مناطق ومراكز صناعية جديدة كبرى سيضعف ويشتت جهود الدولة بتقديم الخدمات الرئيسية من ماء وكهرباء وخدمات أخرى لباقي المناطق والمحافظات بسبب جغرافية الموقع والذي يتميز بندرة المياه والتي يستفاد منها بتوليد الكهرباء و تأمين الماء لكافة الأغراض بالدول التي تمتلك مصادر مائية متجددة.
وبنهاية المطاف سينتقل السكان من مكان إلي مكان أخر أي من مناطق كثيفة السكان إلي مناطق قليلة السكان فقط وهنا ستظهر مشكلة الازدواجية بتقديم الخدمات من قبل الدولة، وهنالك مثال حي على هذه الازدواجية أشرت إليه بردي السابق أعلاه، وهو أنه توجد هناك مدن قامت الدولة مشكورة بإنشاء جميع الخدمات المطلوبة فيها بالرغم من أن سكانها المحليين ( يسمون بالاسم العامي: أهل المنطقة) يقطنون بمدن رئيسية و يمتلكون بمدنهم التي هي مسقط رأسهم منشات سكنية و تجارية و صناعية في معظمها شبه مهجورة بالإضافة لامتلاك كثيرا منهم مزارع خاصة يهدر بها الماء لزراعة محاصيل قد لا يستفيد منها إلا الوافد الذي يعمل بإدارة المزرعة و استيرادها سيكون ذو جدو اقتصادية أعلى. ولو وجهة تلك الموارد المهدرة للاستفادة منها بمجالات التنمية بإنشاء مناطق صناعية على هوامش المدن وأيضا البلدات لعمت و المصلحة للجميع.
2
تركي مدو زاهد الشلاقي
2008-01-05 01:41:12بارك الله فيك...يادكتور حمد اللحيدان
غير مسغرب عليك.هدفك النبيل وتشجيعك الدائم على الحكم بعقلانيه اتجاه حل قضايا المجتمع المدني بالتخطيط الموفق ورأيك السديد.
انا من متابعين...ادارتك للامور.مااجده في اعمالك حسن اداره واخلاص منقطع النظير للتخطيط المستقبلي للوطن.حقا انت من رجال هذا الوطن المخلصين
ونفع الله بك وبعلمك هذا البلد.فعلا انشاء مستوطنات لها بعد جغرافي وعمق استراتيجي يخفف من اعباء وزحمة المدن الكبرى.ويحي اماكن تستحق ان يقطنها الناس وتخفف العبء على المواطن
كثر الله من امثالك
3
وليد الحسين
2008-01-05 00:57:36سعادة الدكتور محمد اللحيدان.. أشكرك أولا على هذا الموضوع القيم و المهم خاصة بهذا الوقت (مع بداية الألفية الثالثة) و التي تشهد فيها معظم مدن المملكة - خاصة الرئيسية منه - معدلات نمو سكانية عالية مقارنة بمعدل النمو العالمي السنوي.
وأتفق معكم أيضا بضرورة توزيع بعض الخدمات العامة و الخاصة أو استحداث مدن صناعية جديدة على بقية المدن الأخرى والتي تكون بالغالب ذات نمو سكاني منخفض مقارنة بمتوسط معدل النمو السكاني العام بالمملكة، وذلك لضمان توزيع سكاني أكثر تنظيم من التوزيع الحالي من جهة والموازنة بقدر الإمكان أيضا بتركيب السكان من حيث العمر والنوع والتركيب الاجتماعي والاقتصادي.
و أختلف مع سعادتكم بشأن استحداث مدن جديدة تكون وظائفها اقتصادية أو ثقافية لتخفيف الاكتظاظ السكاني بالمدن الرئيسية، فكما تعلم و يعلم الجميع دون مجاملة أو مديح بأن حكومتنا الرشيدة قد قامت ومنذ عدة عقود بإنشاء البنية التحتية لعدد كبير من المدن (غير المدن الرئيسية) يتجاوز عددها ربما عدد المدن العربية مجتمعة.
فقد قامت حكومتنا الرشيدة ومن خلال الخطط الخمسية المتعاقبة ببناء معظم ما تحتاجه تلك المدن من مرافق مهمة و أيضا ثانوية فنجد أولا طرق المواصلات البرية بنية بطرق عصرية ذات الخطوط المزدوجة المسارات و أمًنت المستشفيات والجامعات و المدارس والخدمات الأخرى من ماء وكهرباء وخلافه. حتى أصبحت تلك المدن لا تختلف كثير عن ما هي عليه بالمدن الرئيسية من حيث اكتمال البنية التحتية - فعلى سبيل المثال وليس الحصر- منطقة القصيم تضم عدد لا يستهان به من المدن وكذلك الحال بالمنطقة الشرقية وغيرها من المناطق.
لذا فان التفكير بإنشاء مدن جديدة – خاصة بالوقت الراهن – غير مبرر وذلك لأن كثيرا من مدننا مازالت بكر وشبه خالية من السكان، و الأغرب من ذلك أننا قد نجد منشآت سكنية و تجارية شيدها سكانها المحليين بالرغم من إقامتهم بمدن رئيسية؟؟.