في هذه المرحلة من تأزم مشكلة حوادث الطرق ووفاة المعلمات المعينات في المناطق البعيدة عن مقر سكنهن واللاتي لم يضطرهن لركب صعابها سوى الحاجة وضيق اليد والأهم هو تأدية واجب تعليم بنات الوطن أين ما كنّ (لست هنا ألقي خطبة وعظية كي أستدر عطف المسؤول عن هذا القطاع الوظيفي ولكن أتساءل عن مبررات صدور قرار نشر في جميع الصحف "للحد من حوادث الموت على الطريق.. التربية تطوي قيد المعلمة التي لا تسكن في مقر عملها بالقرى والهجر"!!.

وسابقاً عندما يؤخذ رأي أي مسؤول في إدارات تعليم البنات عن وفيات المعلمات على الطرق وهن ذاهبات أو عائدات من وإلى مقر عملهن كان الرد بارداً وروتينياً ولا يرتقي لمستوى إزهاق روح بريئة!

كانوا يقولون: لدينا موافقة خطية منهن على عملهن في تلك المناطق!!

والوزارة بهذا القرار الذي سيطوي قيد المعلمة التي لا تسكن في مقر عملها والمطالبة بأن تتعهد خطيا بموافقتها وولي امرها على مقر الوظيفة قبل التقديم عليها ويعتبر التزاما منها بالسكن في مقر هذه الوظيفة بوجود محرم شرعي.. بهذا القرار هي تزيد من اتساع الرقعة على الراقع وهذا ليس حلا جذريا ولا توفيقيا .إنه قرار بعيد عن الموضوعية وعن استقراء الواقع الاجتماعي لمجتمعنا في هذه المرحلة من الوفرة في الميزانية والطموح في تحقيق أمن المواطن ورفاهيته.. فكيف سيتحقق الأمن الوظيفي لهؤلاء المعلمات أو الراغبات في العمل أمام هذه الشروط؟! وكأن الوزارة بهذا القرار تسد الباب أمام تعيين المواطنات المرتبطات بأولياء أمورهن ومن الصعوبة الا فيما ندر أن تسحب هذه الموظفة معها ولي امرها زوجا أو أخا أو حتى الأب ليعيش معها في مقر عملها! هل انعكست الآية فبدلاً من معادلة ذهاب المرأة مع زوجها لمقر عمله أصبح لدينا الآن ذهاب الزوج مع زوجته لمقر عملها؟! وبهذا القرار فتح الباب على مصراعيه لإيجاد البديل في حالة طي قيد المعلمات اللاتي لا يوقعن على تعهد خطي بالسكن في مقر عملهن مع أولياء أمورهن .. وهن من المواطنات اللاتي في أمس الحاجة للعمل، والبديل هنا الاستقدام وإيجاد المعلمات غير المواطنات واللاتي سيقبلن الاقامة في اي منطقة مع ولي أمرها لأنها في جميع الحالات ستكون وحدها معه وليس هناك أطفال ولا عمل لهذا الولي سيغادره كي يقيم معها في هذه المناطق النائية..!

@@ إذاً نحن هنا أمام إعاقات توظيفية وليست حلولاً يراد بها التخفيف من قضايا حوادث الطرق وتساقط بنات الوطن على حوافها وفوق حجارتها أثناء أدائهن لأعمالهن.

هناك كتابات كثيرة ومتعددة من خبراء في التربية نشرت في الصحف وهناك دراسات حول حوادث الطرق وأسبابها وهناك دراسات عن إيجاد مساكن نموذجية في هذه المناطق النائية ولها حماية ونظام أمني يمكن للقطاع الخاص (المتخم بالايرادات) أن ينفذها وتحل مشكلة اقامة هؤلاء المعلمات رغم انها لن تحل المشكلة الأسرية ايضا من جراء غياب هذه الموظفة عن منزلها وأطفالها فترات طويلة وما سيعقبه هذا الغياب من ضرر نفسي على الزوج وعلى الأبناء.

وما نشر من قبل الأخت حليمة جعولي في صفحة الرأي بجريدة الرياض في عددها الصادر يوم الاربعاء 1428/12/2ه خير نموذج لصرخة معلمة أو أخت تعاني من هذا القرار..

@@ هذا القرار غير موضوعي ولن يحل المشكلة تربوياً ولا اجتماعياً بل سيزيد من بطالة المعلمات وارتفاع نسبتها ويكفينا ما هو موجود حالياً من نسب للبطالة بين النساء وبين الشباب ايضا.

@ اتكاءة الحرف:

قرأت "إذا أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحاً، وإذا أردت أن تزرع لعشرة سنوات فازرع شجرة، أما إذا أردت أن تزرع لمئة سنة فازرع إنساناً".